نتنياهو يسحب بيانا يؤيد حل الدولتين بدعوى أنه لم يقرأه

بعد عاصفة من الاحتجاجات في صفوف حزبه

TT

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس عن بيان رسمي لحكومته يعترف فيه بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، ويقول فيه إن الخطوات الأحادية الجانب من الطرف الإسرائيلي أو الفلسطيني تخرب عملية السلام. وأصدر نتنياهو بيانا جاء فيه أنه لم يقرأ هذا البيان قبل نشره وأنه لو كان مر عليه لكان غير نصه. لكن التراجع وأسلوبه أثار ضجة في الحلبة السياسية الإسرائيلية، إذ اتهم أعضاء في حزب الليكود، الذي يتزعمه نتنياهو، رئيس الوزراء بالانحراف عن خط الحزب والاتجاه نحو اليسار.

وقد أثيرت هذه القضية، مساء أول من أمس، عشية سفر نتنياهو و5 من وزرائه إلى بولندا في زيارة رسمية تستغرق يومين. وفي إطار الإعداد لهذه الزيارة، اتفق ممثلون عن مكتب نتنياهو ومكتب رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، على إصدار بيان مشترك يحتوي على فقرة تخص عملية السلام في الشرق الأوسط وتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وجاء في هذا البيان «تتفق الحكومتان، الإسرائيلية والبولندية، على الضرورة الملحة للتقدم باتجاه حل الدولتين لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، والذي يجب التوصل إليه من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين من دون أي شروط مسبقة. ويجب عدم التشكيك في شرعية دولة إسرائيل كتعبير عن حق تقرير المصير للشعب اليهودي وفي حق الأمن والأمان لمواطنيها، ويجب عدم التشكيك كذلك في حق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة تكون بمثابة تعبير عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. وعلى هاتين الدولتين أن تعيشا معا بسلام وأمن». وجاء أيضا أن «الخطوات الأحادية الجانب من قبل أي من الطرفين لن تؤدي إلى التوصل إلى سلام قابل للحياة، وتخرب في عملية السلام».

وقد تسربت نسخة من هذه المسودة إلى الصحافة الإسرائيلية فتوجهت إلى مكتب نتنياهو للاستيضاح، إذ اعتبرت «لغة النص» مفاجئا. فأكد المكتب هذه المعلومات ثم عمم بنفسه بيانا يؤكد صحة ما جاء فيه. وعندها، ثارت ثائرة الجناح اليميني المتطرف في حزب الليكود الحاكم. وقد خرجت العناصر اليمينية في حزب الليكود بهجوم شديد على نتنياهو واتهموه بالانحراف عن خط الحزب نحو اليسار. وخلال اجتماع للمجلس المركزي لحزب الليكود، عقد أول من أمس في تل أبيب، راحوا يطلقون تصريحات حادة ضد نتنياهو. فما كان منه سوى أن يصدر بيانا يتنصل فيه من البيان، بطريقة «صبيانية». فقد أعلن أنه لم يقرأ هذا البيان قبل تعميمه. وأنه لو أتيح له أن يكتب بيانا كهذا لكان كتبه بمضمون آخر. وقال أيضا إن «الحديث هو عن مجرد وثيقة محضر فقط، لا يمثل موقف حكومة إسرائيل».

وقال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية للإذاعة العبرية، إن «الحكومة لم تصوت على نص البيان، ولم ينسق أحد حوله مع الوزراء». وأضاف أن البيان لا يمثل موقف الحكومة لأنه لا يوجد موقف رسمي للحكومة في الشأن الفلسطيني. وبحسبه فإن موقف رئيس الحكومة هو «إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية مع ترتيبات أمنية مناسبة».

وقال الموقع الإلكتروني لصحيفة «هأرتس »، أمس، إن هذا البيان، وبقدر ما أثر حفيظة اليمين المتطرف، فإنه بعث آمالا كبيرة في اليسار وفي الشارع. وقالت الصحيفة: «صحيح أن البيان لا يتحدث باسم رئيسي الحكومتين الإسرائيلية والبولندية، وإنما باسم الحكومتين، وصحيح أنه ليس بيانا ملزما بشيء، إلا أنه يعتبر وثيقة رسمية توصلت إليها الحكومتان». وهو يعتبر «مفاجئا باعتداله»، وخصوصا بكل ما يتصل بما يسمى «بعملية السلام» بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وكتبت «هأرتس» في هذا السياق أن هذا «النص المفاجئ للبيان أثار تخمينات مفادها أنه محاولة من نتنياهو لتصحيح الانطباع السيئ الذي تركته تصريحات نائب وزير الأمن، داني دانون، في الأسبوع الماضي، والتي قال فيها إن الحكومة الإسرائيلية لا تؤيد حل الدولتين. وكان الأخير قد صرح في مقابلة مع «تايمز أوف إزرائيل» أن الحكومة الإسرائيلية لا تدعم مبدئيا حل الدولتين لشعبين، وأن وزراءها سيعملون على عرقلة أي محاولة للدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية.

وقد خرجت رئيسة حزب العمل الإسرائيلي، النائبة شيلي يحيموفيتش، إن تنصل نتنياهو من نص البيان يضر بالمساعي لكسر العزلة الدولية. ولكن تراجع نتنياهو وبهذه الطريقة صدم الجميع. وقالت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غالأون إن التراجع عن البيان يكشف الوجه الحقيقي لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فهو بعيد تماما عن أجواء السلام وحكومته لا يمكن أن تصنع السلام.