شبكات التواصل الاجتماعي منصة مهمة في حملات المرشحين الإيرانيين

قاليباف لديه أكبر عدد من الصفحات المؤيدة.. والسلطات تعلمت درس 2009 وفرضت قيودا

TT

رغم القيود الحكومية المتشددة بحق وسائل الإعلام الحكومية في إيران لا تزال وسائل الإعلام الإلكترونية والشبكات الاجتماعية تلعب دورا مهما في حملات المرشحين في انتخابات الرئاسة التي جرت أمس. فرغم تعرض «فيس بوك» وغيرها من الشبكات الاجتماعية إلى عملية فلترة في إيران، فإنها لا تزال منصة مهمة للمرشحين لتعزيز حملاتهم الانتخابية. فقد أطلقت حملة كل مرشح صفحتها الرسمية على «فيس بوك»، في حين أنشأ مؤيدوهم صفحات خاصة بهم.

وكان دور هذه الوسائل قد ظهر بشدة خلال الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتنازع عليها عام 2009، والتي كانت حركة عفوية إلى حد كبير جاءت نتيجة الغضب الشعبي، إلا أنها وصلت إلى جمهور واسع في العالم بفضل الدور الذي لعبته وسائل الإعلام الاجتماعية. فما إن نزل الإيرانيون إلى الشوارع تحولت مواقع «تويتر» و«فيس بوك» و«يوتيوب» إلى ساحة لنشر رسائلهم إلى العالم، وحشد مواطنيهم. وتهافت الصحافيون خارج إيران على التقاط تغريدات ومشاركات المتظاهرين على «فيس بوك» وأشرطة الفيديو التي قاموا بنشرها على مواقع التواصل لتغطية أنباء الاضطرابات في إيران.

استخدم المتظاهرون أيضا «تويتر» و«فيس بوك» لنشر الأخبار التي لم تنشر على وسائل الإعلام الرسمية، وللتحايل على إغلاق خدمات الرسائل النصية من قبل الحكومة، ونشر المعلومات حول كيفية التهرب من القيود الحكومية على الوصول إلى شبكة الإنترنت، وبرزت # IranElection - كمصطلح بحث رئيس على «تويتر»، قبل أن يفيض برسائل الدعم من المهنئين في الخارج.

واستجابة لهذا الارتفاع الكبير، قررت الشركة المالكة لـ«تويتر» ومقرها سان فرانسيسكو وقتها، تأخير فترة الصيانة المقررة لمنح مستخدميها في إيران مزيدا من الوقت لاستغلال الخدمة، بسبب «الدور الذي يلعبه (تويتر) حاليا كأداة اتصال مهمة في إيران».

نتيجة القيود التي تمارسها الحكومة الإيرانية على الصحافة، وخصوصا وسائل الإعلام الأجنبية، سمحت الشبكات الاجتماعية على الإنترنت والمصادر الأخرى مثل «تويتر» و«فيس بوك» و«يوتيوب» للناشطين والمتظاهرين في إيران اكتساب جمهور عالمي، وتجاوز كل القيود الحكومية والمؤسسات الصحافية التقليدية طالما ظلت الخدمات نشطة وأمكن الوصول إليها.

ورغم وقوع عدد من القتلى بين المتظاهرين، فإن وفاة إحدى الشابات أثار ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم عندما التقطت الكاميرا تفاصيل المشهد وتم بثه لاحقا على «يوتيوب». وكانت ندا آغا سلطان، البالغة من العمر 26 عاما، قد لقيت مصرعها بينما كانت تراقب مظاهرات طهران يوم 20 يونيو (حزيران)، وهناك ادعاءات بتورط أحد أفراد ميليشيا الباسيج الموالية للحكومة في مقتلها.

توفيت ندا في مكان الحادث، وتظهر اللقطات التي سجلت وفاتها وهي مسجاة على الأرض والمارة يحاولون وقف النزف من الجرح الناتج عن الرصاصة التي أصابتها في صدرها. سرعان ما تم بث الفيديو إلى شبكة الإنترنت، وتلقفته وبثته كل شبكات الأخبار التلفزيونية في جميع أنحاء العالم، ليتحول اسم ندا سلطاني إلى صيحة استنفار على «تويتر».

من ناحية أخرى، أظهرت وفاتها المثيرة للجدل الجانب المظلم من وسائل الإعلام الاجتماعية، قدرتها على نشر معلومات غير دقيقة ومدمرة بسرعة، قبل ظهور الحقيقة. فقد تم الخلط بين ندا وشابة إيرانية أخرى تحمل اسما مماثلا، نالت الكثير من الاهتمام الذي لم يكن موضع ترحيب بالنسبة لها.

تعلمت الحكومة الدرس أيضا، وبدأت تمارس رقابة مكثفة للشبكات الاجتماعية والمدونات، والموارد الإلكترونية الأخرى المستخدمة من قبل النشطاء السياسيين. ففي شهر مايو (أيار) الماضي، صرح العميد إسماعيل أحمدي مقدم، القائد العام لقوات الشرطة الإيرانية للصحافة بأن الشرطة تراقب الشبكات الاجتماعية. وقال أحمدي مقدم إن الشرطة ترى بأن عدد مستخدمي الإنترنت وكثافة نشاطهم على الإنترنت عادة ما يكون مؤشرا على المستوى المحتمل للاضطرابات في الفترة التي تسبق أحداثا مثل الانتخابات، لكن «رغم ذلك، يظهر مسح مراقبة العام الحالي أن الشبكة الافتراضية لا تملك نفس الطاقة التي حظيت بها في الانتخابات الماضية».

وبحسب موقع «خبر أون لاين»، حصد محمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران المحافظ، على أكبر عدد من الصفحات التي خصصت لدعم حملته هناك ما لا يقل عن 85 صفحة مؤيدة له. ويأتي قاليباف في المرتبة الأولى من حيث الوجود في الشبكات الاجتماعية، وتتناول صفحاته خططه للتنمية، وكيف أن تحسين موقف إيران في العالم هو الوسيلة الوحيدة للرد على أميركا.

وإجمالا تظهر إحصاءات حملة قاليباف أن هناك أكثر من 50 موقعا لتأييد حملته. ويأتي المرشح المتشدد سعيد جليلي خلف قاليباف بـ73 صفحة على «فيس بوك»، تحمل جميعها مع مقتطفات من خطاباته وصور له والمرشد الأعلى آية الله خامنئي.

وتشير السجلات الرسمية إلى تدشين أكثر من 900 مدونة لدعم جليلي. ووعد أيضا بإنشاء مدونة لكل مدينة في البلاد إذا ما انتخب رئيسا. وجاء محسن رضائي وحسن روحاني خلف قاليباف وجليلي من حيث الوجود على «فيس بوك»، حيث بلغت الصفحات المستقلة المؤيدة لرضائي 45 صفحة على «فيس بوك»، تركز بشكل رئيس على الاقتصاد والتحديات الاقتصادية التي تواجه إيران اليوم. وجاء المرشح الإصلاحي حسن روحاني في المركز الرابع بـ44 صفحة على «فيس بوك» أنشأها أنصاره وموظفو حملته الانتخابية.

في المقابل، لم يحصل المرشح المستقل محمد كرازي، سوى على سبع صفحات فقط. ويعكس هذا موقفه العام تجاه الحملات التي يقول إنها «تبذير المال». والواقع، أنه لم يقم حتى بإنشاء مقر لحملته الانتخابية. وتقول صفحاته على «فيس بوك» أيضا «ليس لدي فريق للحملة، أو متحدث باسمي أو ميزانية».

ورغم الاستخدام واسع النطاق للإنترنت والشبكات الاجتماعية كوسيلة للإعلان في الانتخابات، يفضل المرشح المحافظ علي أكبر ولايتي الاعتماد على التلفزيون والإذاعة. لكنه رغم ذلك اعتمد على بعض المواقع الإلكترونية، خصوصا شبكة أخبار حزب الله لتشكل منصة أساسية لولايتي وأحدث خطب آية الله خامنئي. ولديه أيضا 26 صفحة على «فيس بوك».

وبصرف النظر عن المرشحين الرسميين، شهدت ساحة الإنترنت نشاطا في محاولة التأثير على الانتخابات من جهات أخرى. فعلى سبيل المثال دشن الروسي غاري كاسباروف بطل العالم السابق في الشطرنج حملة على الإنترنت موجهة للإيرانيين تحت عنوان «نحن نختار». وانضم نشطاء في حقوق الإنسان وخبراء تكنولوجيا إلى كاسباروف، المعارض لحكومة بوتين، في تدشين موقع http: - - we - choose.org ليكون «منصة تصويت افتراضية آمنة» قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2013 لإدارة انتخابات «آمنة ونزيهة وشفافة».

وتشمل قائمة المرشحين المدرجة على الموقع الكثير من القادة المحتملين الذين لم يحصلوا على فرصة للتقدم بأوراق ترشيحهم. تضم لائحة المرشحين مرشحي الرئاسة الحالية و12 شخصية أخرى، بمن في ذلك الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان قد استبعد من السباق، والمخرج جعفر بناهي، ورئيس منظمة مجاهدين خلق، مريم رجوي، ومهدي كروبي ومير حسين موسوي، المرشحين للرئاسة في انتخابات عام 2009 اللذين لا يزالان قيد الإقامة الجبرية، والمحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان نسرين سوتوده، بل وحتى ولي العهد السابق رضا بهلوي، نجل شاه إيران المخلوع.