البيت الأبيض: أوباما أجاز تسليح المعارضة السورية

واشنطن ترى صعوبات في فرض منطقة حظر طيران - اجتماع تقني بين مسؤولين غربيين وخليجيين مع الجنرال إدريس

جندي في الجيش الحر لابسا قناعا واقيا من الغاز يمر بالقرب من آلية مدمرة أمس (رويترز)
TT

أعلن البيت الأبيض أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجاز إرسال مساعدات عسكرية إلى المعارضة السورية، لكنه استبعد إقامة منطقة حظر طيران في سوريا. وقال بن ردوس، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، إن إقامة منطقة حظر طيران في سوريا ستكون أصعب بكثير وأكثر تكلفة مما كان عليه الحال في ليبيا، مؤكدا أن الولايات المتحدة ليس لها مصلحة وطنية في المضي في هذا الخيار، مضيفا: «نشعر بأن أفضل مسار للعمل هو محاولة تعزيز معارضة معتدلة».

وقال إن «الولايات المتحدة لا ترغب في إرسال قوات أميركية أو جنود على الأرض في سوريا، وإن فرض منطقة حظر طيران على البلاد قد يستلزم تدخلا عسكريا أميركيا مكثفا غير محدد المدة». وقال مسؤولون أميركيون وفقا لـ«أسوشييتد برس» إن المساعدات العسكرية الجديدة ستشمل أسلحة وذخيرة، وإنها تأتي ردا على الأدلة الأخيرة التي تثبت استخدام النظام في سوريا أسلحة كيماوية، وهو ما كانت إدارة أوباما اعتبرته خطا أحمر يجب على الرئيس السوري بشار الأسد ألا يتجاوزه.

لكن المسؤولين الأميركيين اعترفوا بأن إمدادات الأسلحة ستحتاج إلى وقت للوصول إلى مقاتلي المعارضة. وقال ردوس إن الرئيس أوباما اتخذ قراره بإرسال أسلحة قبل أسابيع مدافعا عن الموقف الحذر للرئيس في هذا الصدد. وبينما يعتقد أن عددا صغيرا من بين الـ93 ألفا الذين أعلن أنهم قتلوا في سوريا في النزاع توفوا بسبب الأسلحة الكيماوية فإن تقديرات الاستخبارات الأميركية بأن عدد قتلى النزاع بين 100 و150 ألفا في سوريا.

وفي موسكو أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا قالت فيه إن وزير الخارجية سيرغي لافروف اتصل هاتفيا بنظيره الأميركي جون كيري وأبلغه بأن إرسال أسلحة إلى المعارضة سيصعد النزاع.

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، يعتزم الأميركيون تسليم أسلحة خفيفة وذخائر للمعارضة السورية، لكن من دون تسليم منظومات أسلحة مضادة للطيران، وهي من أبرز مطالب المعارضين السوريين الذين يواجهون الآلة العسكرية الشرسة للطيران السوري.

وأشارت من جانبها صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أصدر أوامر سرية لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بالتنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة الذين يزودون المعارضة السورية بالأسلحة.

وعقد اجتماع «تقني» جمع مسؤولين أميركيين وفرنسيين وبريطانيين وسعوديين ورئيس الأركان في الجيش السوري الحر سليم إدريس أمس في تركيا لبحث آليات تقديم «مساعدة ملموسة»، وفقا لـ«رويترز».

وتتمثل أهداف هذا الاجتماع، بحسب مصادر في باريس، في تبادل المعلومات الاستخبارية والمساعدة على التخطيط للعمليات ومراقبة مسارات توزيع «المساعدات» (التي لا تزال رسميا إنسانية وغير قاتلة)، كما يهدف الاجتماع إلى تقوية موقع سليم إدريس.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه «يجب أن نمر خلاله»، وذلك من جهة لتعزيز صدقيته في الداخل، ومن جهة ثانية لتفادي وصول الأسلحة إلى أيدي المقاتلين الجهاديين الذين يحاربون في سوريا.

أما الخيار الثاني الذي تم التحدث عنه مرارا فهو إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا. وبحسب معلومات لصحيفة «وول ستريت جورنال» لم يؤكدها البيت الأبيض، اقترح المسؤولون العسكريون الأميركيون إقامة منطقة حظر طيران محدودة في جنوب سوريا.

لكن باريس تذكِّر بأنه من الضروري تجاوز مجلس الأمن الدولي في هذا الموضوع؛ إذ إن الحصول على ضوء أخضر منه لإقامة مثل هذه المنطقة متعذر على الأرجح بسبب معارضة روسيا، الحليف الأساسي للنظام السوري. يبقى أن الأميركيين قرروا إبقاء مقاتلات «إف 16» وصواريخ «باتريوت» في الأردن.

وكان مصدر في الخارجية الأميركية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يقدم على تغيير موقفه مما يجري في سوريا والإقرار بأن نظام الرئيس بشار الأسد قد استخدم بالفعل السلاح الكيماوي ضد شعبه عن «قناعة كاملة»، مضيفا أن «مجموعة ضغط ناشئة قطباها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والسيناتور الجمهوري جون ماكين، دفعت أوباما للإقرار، على مضض، بتجاوز الأسد للخط الأحمر». وأضاف المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالإدلاء بتصريحات صحافية، أن الانتقاد المستمر للمشرع الجمهوري، ماكين، دفعت الإدارة الأميركية إلى عقد جلسات مطولة معه، خصوصا بعد عودته من المناطق المحررة في الشمال السوري. وأكد المصدر أنه شاهد ماكين أكثر من مرة في وزارة الخارجية داخلا من «الباب الخلفي لتجنب رؤية الصحافيين»، مضيفا: «أعتقد أنه كان يجتمع بأوباما سرا بينما كان يلتقي زميله السيناتور السابق (وزير الخارجية) جون كيري».

من جانبه، رحب ماكين بقرار أوباما دعم المعارضة السورية بالسلاح، لكنه طالب مجددا بفرض منطقة حظر جوي في سوريا وتزويد معارضي الأسد بأسلحة ثقيلة مضادة للطائرات والمدرعات. وقال ماكين، في بيان بعد بيان البيت الأبيض، إنه «انتهى وقت الإجراءات الضعيفة، وحان وقت التحرك بشكل حاسم. نحن نحتاج إلى أسلحة ثقيلة قادرة على ضرب الدبابات. ونحن نحتاج إلى صواريخ أرض - جو لمواجهة طائرات الأسد». وأضاف: «الخطوة الوحيدة القادرة على تغيير المعادلة في أرض المعركة هي تدمير القدرات الجوية (لنظام الأسد)، وإقامة منطقة آمنة من خلال فرض حظر جوي فيها».

في غضون ذلك، طالب بعض كبار أعضاء الكونغرس الأميركي أمس بتحرك حاسم لبلادهم في الملف السوري بعد اتهام البيت الأبيض دمشق باستخدام أسلحة كيميائية، وحث بعضهم على فرض منطقة حظر جوي وتسليح المعارضين. ورحب الجمهوريون بقرار أوباما تشديد موقفه والتهديد بتقديم «دعم عسكري» للمعارضين، لكن بعض الصقور في الحزب أصروا على ضرورة الذهاب أبعد من ذلك في هذه المرحلة الحرجة من النزاع السوري الدامي.

وأكد السيناتوران ماكين وليندسي غراهام في بيان أن «الخط الأحمر الذي حدده الرئيس تم تجاوزه. باتت المصداقية الأميركية على المحك».

وأضافا: «الوقت ليس للاكتفاء باتخاذ الخطوة التالية. اليوم وقت اتخاذ مبادرات أكثر حسما». وإذ يبقى ماكين معارضا لتدخل عسكري أميركي على الأرض فإنه يواصل الضغط في الكونغرس من أجل فرض منطقة حظر جوي في سوريا، مؤكدا أن المعارضة لا تملك أي فرصة في الانتصار على قوات الرئيس السوري بشار الأسد إن لم يتم وقف طائراته المقاتلة. وحذر الكثير من الخبراء العسكريين من فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا، مؤكدين أنها ستتطلب دوريات لطائرات غربية وضرب الدفاعات الجوية النظامية القوية نسبيا، لكن ماكين أكد أن الأمر ممكن. وقال: «يمكننا إقامة منطقة حظر جوي من دون إرسال أي طائرة بطيار إلى أجواء سوريا.. ويمكننا تغيير هذه المعادلة في ساحة المعركة». وقال النائب الجمهوري مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب إنه «يتعين على الولايات المتحدة أن تساعد الأتراك وشركاءنا في الجامعة العربية على إقامة مناطق آمنة في سوريا، حيث يمكن للولايات المتحدة وحلفائنا أن يدربوا ويسلحوا ويجهزوا قوات يتم اختيارها من المعارضة». وتابع أن هذا سيمنح واشنطن «المصداقية اللازمة للجلوس على الطاولة في مرحلة الانتقال إلى سوريا ما بعد الأسد».