مصر في الطريق إلى 30 يونيو

القلق يسيطر على قصر «الاتحادية» ومقر «الإخوان» بـ«المقطم»

جنود من الشرطة المصرية يفضون اشتباكا بين مؤيدي مرسي ومعارضيه أمام مقر وزارة الثقافة بشارع شجرة الدر بالزمالك أمس (رويترز)
TT

بمزيد من الحذر والقلق يترقب المصريون يوم 30 يونيو (حزيران) الحالي، وهو اليوم الذي أعلنت قوى المعارضة الخروج فيه في مظاهرات حاشدة من أجل إسقاط الرئيس محمد مرسي، والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ويوافق هذا اليوم الذكرى السنوية الأولى لانتخاب مرسي كأول رئيس للبلاد بعد ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وتمكنت من خلالها جماعة الإخوان المسلمين من الوصول لسدة الحكم.

وتولى الرئيس مرسي السلطة العام الماضي بعد فوزه في جولة الإعادة على الفريق أحمد شفيق، بنسبة 51.5 في المائة فقط. ويواجه منذ انتخابه معارضة شرسة من جانب القوى المدنية، التي تتهمه بالسعي لـ«أخونة الدولة» والتفرد بالسلطة.

وأطلق شباب أشعلوا من قبل الشرارات الأولى لثورة 25 يناير، حملة قبل أسابيع تحت اسم «تمرد»، تهدف لجمع 15 مليون توقيع من المواطنين لسحب الثقة من مرسي، قبل 30 يونيو، وأعلنت أحزاب المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، التي يرأسها الدكتور محمد البرادعي، دعمها لها.

وتوقع سياسيون ومراقبون أن يشهد هذا اليوم أعمال عنف ومواجهات بين المعارضين والمؤيدين، خاصة بعد إعلان تيارات إسلامية نزولها لتأييد استمرار مرسي في الحكم. وإزاء ذلك وضعت الأجهزة الأمنية خطة مشددة لتأمين قصر «الاتحادية» الرئاسي شرق القاهرة، وجددت بواباته وقامت بتعلية أسواره خوفا من عمليات اقتحام، كما شهد مقر جماعة الإخوان المسلمين بحي «المقطم» إجراءات مماثلة.

ويخشى البعض من تكرار المواجهات العنيفة بين المعارضين والمؤيدين، مثلما حدث أمام قصر الرئاسة، أواخر العام الماضي، عندما تعرضت مظاهرات مناهضة لجماعة الإخوان لهجمة عنيفة من إسلاميين موالين للرئيس وجماعة الإخوان، أدت لسقوط أكثر من 10 وإصابة أكثر من 100. خاصة بعدما أعلنت وزارة الداخلية عدم تدخل الشرطة في المظاهرات ووقوفها على الحياد.

يقول محمد عبد العزيز عضو مؤسس حركة تمرد: «إنهم يجهزون الآن مع القوى الثورية الترتيبات النهائية لهذا اليوم»، متوقعا أن يخرج ملايين الشعب المصري في جميع محافظات الجمهورية للتعبير عن غضبهم وخيبة أملهم في الرئيس مرسي الذي فشل في تحقيق أهداف الثورة، وشهد عامه الأول إخفاقات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية، وكرس الحكم الديني للبلاد».

وأوضح عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط» أن «المقر الرئيس للمظاهرات سيكون أمام القصر الرئاسي حيث سيحمل الشباب (مليون كارت أحمر ومليون صفارة) كإشارة لطرد الرئيس مرسي بالإضافة لبالونات سوداء يتم إطلاقها في الهواء»، كاشفا عن «نية المتظاهرين الاعتصام أمام القصر حتى تنفيذ مطلبهم الرئيس، وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وانتهاء ولاية مرسي الآن.. وهو الأمر الذي لن يتم التنازل عنه، مهما كلفهم الأمر من مخاطر».

وأكد عبد العزيز أن «توقيعات سحب الثقة من مرسي ستتجاوز هدفنا المعلن، وهو 15 مليونا»، مشيرا إلى أن «تصورهم بعد خروج مرسي، هو تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا السلطة مع حكومة تكنوقراط ومجلس دفاع وطني، يكون 65 في المائة منه عسكريين، وفي انتظار التشاور أيضا مع كل القوى السياسية».

وحول اتهامات بنية المتظاهرين اللجوء إلى العنف للانقلاب على الشرعية، قال إن «الإسلاميين يريدون تخويف الناس لمنعهم من النزول»، مؤكدا التزام المتظاهرين بكل وسائل ضبط النفس والسلمية وعدم السماح لأحد بالاندساس وسط المتظاهرين»، كاشفا عن «تشكيل لجنة نظام وتأمين لحماية المتظاهرين».

ولمح عبد العزيز إلى أن جماعات الـ«بلاك بلوك» (وهي حركة شبابية يرتدي أعضاؤها ملابس وأقنعة سوداء قاموا بأعمال عنف ضد مقار الإخوان المسلمين في وقت سابق)، قررت عدم استخدام قنابل المولوتوف خلال هذه المظاهرات والالتزام بالسلمية، مضيفا: «وهذا نجاح لنا».

من جانبه، حذر أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل جماعة الإخوان من استخدام العنف لإفشال المظاهرات، مشيرا إلى أن من يسعون لتوريط المتظاهرين في أعمال عنف هم من يرغبون في إفشال تلك الموجة الثورية الجديدة، التي قال إنها «تسعي لإزاحة الحكم الاستبدادي».

وقال خالد داود المتحدث باسم جبهة الإنقاذ لـ«الشرق الأوسط»: إن «القيادات نفسها التي خرجت للمطالبة برحيل مبارك تحت شعار (سلمية سليمة) هي التي ستنادي اليوم برحيل مرسي.. لكننا أيضا نستعد للأسوأ عبر تأمين الميدان الذي سنتظاهر فيه بكل الأشكال، ضد أي جماعات إسلامية تنوي إجهاض المظاهرات»، محملا وزارة الداخلية والرئيس مرسي مسؤولية ممارسة أي عنف، وقال: «لدينا مخاوف من عدم حياد قوات الأمن والتساهل مع مؤيدي الرئيس في الهجوم على المتظاهرين».

واعتبر عمرو موسى القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة هو من صميم العملية الديمقراطية، خاصة أن الرئيس مرسي لم يلتزم بأي وعود أو تعهدات قطعها على نفسه سواء قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية، ومنها إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، وعدم طرح الدستور للاستفتاء قبل التوافق عليه».

وكان اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، قد أعلن أن قواته ستقف على مسافة متساوية من جميع التيارات، مشددا على تولي أجهزة الوزارة دورها في تأمين كل المنشآت العامة والخاصة والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وتأمين جميع الفعاليات والمظاهرات السلمية عن بعد.

وأكد اللواء إبراهيم أن الشرطة لن تؤمن مقرات «الإخوان» أو الأحزاب، مضيفا أنه أصدر تعليماته بإغلاق كل المعابر والممرات والطرق المؤدية من وإلى سيناء قبل بدء المظاهرات بـ72 ساعة على الأقل، كما تم تأمين السجون بحراسات مشددة خوفا من هجمات لتهريبهم.

وذكر مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» عن خطة تأمين قصر الاتحادية الرئاسي أثناء المظاهرات، وقال إن «قوات الأمن ستؤمن الشوارع الرئيسة حول القصر بالأسلاك الشائكة والجدران الخراسانية، بينما ستحتفظ قوات الحرس الجمهوري بالدبابات والمدرعات في الداخل».

وانتهت الرئاسة قبل أسبوع من تجديد وتعلية البوابات الرئيسة للقصر وسوره، ووضعت كاميرات مراقبة جديدة. وقالت المصادر إن «الرئيس مرسي لن يعمل في هذا اليوم من داخل القصر».

في المقابل، تبحث جماعة الإخوان المسلمين في اجتماعات مكثفة هذه الأيام كيفية التعامل مع المظاهرات، التي تعتبرها خارجة عن الشرعية. وقال ياسر محرز، المتحدث باسم جماعة الإخوان: «إن الجماعة لن تنجر لأي أعمال عنف، وستطالب أجهزة الدولة والجهات المعنية بحماية وتأمين مقارها».

وقال هيثم أبو خليل القيادي الإخواني السابق إن «جماعة الإخوان تعيش الآن في حالة من الذعر والتشنج، وهناك قلق خاصة داخل الشباب الذين يخشون من تخلي القيادات عنهم وتركهم في الميادين في المواجهات»، وأكد أبو خليل لـ«الشرق الأوسط» أن «الجماعة حاليا تحشد وتجهز صفوفها من جميع المحافظات لحماية مقارها من أي اعتداء، وهذا الحشد ينبئ بوقوع أعمال عنف».

وأوضح أبو خليل أن «(الإخوان) تأمل في أن تنجح عمليات تبريد الشعب قبل هذا اليوم، إلا أن نجاح المعارضة في حشد الملايين للضغط على عزل مرسي سيدفع الجماعة وأنصارها بالنزول للشارع والدخول في مواجهات».

وكان الدكتور ثروت الخرباوي القيادي المنشق عن جماعة الإخوان قد كشف عن معلومات، تشير إلى أن عددا من القيادات بالجماعة دفعت بعائلاتها للسفر خارج مصر، موضحا في تصريحات له، أن نصف عائلة الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة بالخارج، وكذلك عدد من أفراد عائلة نائبه خيرت الشاطر. وتتداول صحف محلية معلومات حول أن «قيادات في جماعة الإخوان بدأوا بالفعل في تهريب أموالهم للخارج، وسحبوا أموالهم من البورصة».

وقد أعلنت الجماعة الإسلامية نزولها بجانب عدد من التيارات الإسلامية المؤيدة للرئيس مرسي، الجمعة المقبل 21 يونيو (حزيران) للتعبير عن تأييدهم للرئيس مرسي والمطالبة باستكماله فترة انتخابه. وأشارت مصادر داخل الجماعة إلى نيتهم الاعتصام حتى يوم 30 لتفويت الفرصة على المعارضين.

وقال عاصم عبد الماجد القيادي بالجماعة إن «تأييد الرئيس مرسي ينطلق من الدفاع عن الشرعية لا عن رئيس بعينه، في مواجهة مخطط من قبل ما وصفهم برجال الأعمال الفاسدين وقوى الثورة المضادة للانقلاب على الشرعية، وعزل الرئيس الذي جاء بإرادة الشعب في انتخابات شهد الجميع بنزاهتها». وكان عبد الماجد قد أطلق حملة مضادة لدعم الرئيس مرسي تحت اسم «تجرد».