مكتب الأمم المتحدة بدمشق: 1.2 مليون سوري بريف دمشق بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية

الـ«يونيسيف» تحذر من أن «جيلا كاملا» من الأطفال قد «يحرمون من التعليم»

TT

دعا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في دمشق السلطات السورية إلى السماح بإيصال مساعدات إنسانية لتلبية الاحتياجات الماسة لأكثر من 1.2 مليون شخص في ريف دمشق، بالتزامن مع إصدار منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» تقريرا بعنوان «الحياة المحطمة»، قالت فيه إن «جيلا كاملا من الأطفال السوريين قد يُحرم من التعليم».

وتتوالى النداءات التي تطلقها المنظمات الإنسانية والإغاثية، من أجل مساعدة السوريين، من نازحين في الداخل ولاجئين في دول الجوار، نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشونها، وانعدام أبسط مقومات الحياة اليومية. ويشكو كثير من السوريين في مناطق الاشتباكات من نقص دوري في المأكل والخبز والطحين وأدوية الأطفال، فضلا عن أزمة الكهرباء والمحروقات، في حين تطلق منظمات الإغاثة الدولية نداءات دورية إلى الدول المانحة من أجل زيادة هباتها لتلبية احتياجات اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا، خصوصا في لبنان والأردن.

ويحتاج 1.2 مليون شخص بريف دمشق إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وفق بيان صادر، أمس، عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في دمشق، أفاد بأن «وكالات الأمم المتحدة قدمت ثلاثة طلبات رسمية إلى الحكومة السورية، للوصول إلى هذه المنطقة، وتقديم المساعدات المنقذة للحياة».

ولفت إلى أنه «تمت إعادة تحديد موعد السماح للقوافل التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تحمل معظم مواد الإغاثة اللازمة سبع مرات منذ ذلك الحين وهي بانتظار إذن رسمي من السلطات المعنية».

واعتبر مكتب الأمم المتحدة أن هذا الوضع «لا يعكس التعهدات المتكررة من جانب السلطات بالسماح للجهات الفاعلة الإنسانية بالوصول إلى كل المناطق في سوريا، التي تشهد حاجة ملحة للمساعدات الإنسانية»، مشيرا إلى «المعاناة الهائلة» لسكان مدينة معضمية الشام (جنوب غربي دمشق)، حيث لم تتلق نحو خمسة آلاف أسرة المساعدات الكافية منذ أشهر».

وأوضح عمار القربي رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان لـ«الشرق الأوسط» أن «أكثر المناطق في جنوب دمشق باتت محاصرة، وصولا إلى درعا»، مشيرا إلى أن النظام «يكرر سيناريو القصير في ريف دمشق، وحمص وسهل الغاب وجنوب دمشق من جهة كناكر، بغية إرهاب الناس وتفتيت الحاضنة الشعبية للمعارضة».

وأشار إلى أنه في المناطق المحاصرة «لا مساحة لخلوّ المدنيين»، حيث «يُعاقب الشعب السوري بشكل جماعي، وتدفع الحاضنة الشعبية للمعارضة الثمن بالقتل».

وكانت وحدة تنسيق الدعم الإغاثي والإنساني التابعة للائتلاف السوري المعارض قد أعلنت، نهاية الشهر الماضي، في «التقييم المشترك السريع الثاني» أن «هناك 12.9 مليون شخص في المحافظات الشمالية السورية، معرّضون للخطر أو للخطر الشديد، بينما بلغ عدد الذين شرّدوا من بيوتهم في هذه المحافظات نحو 3.2 مليون شخص». وقالت إنه «على الرغم من ارتفاع مقدار المساعدات المقدمة للمدنيين هناك، فإنها تبقى غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة بشكل متضاعف، إذ إن حملة القمع العسكرية التي يشنها النظام السوري تضع جميع السكان تقريبا، في المناطق التي خضعت للتقييم، تحت مستويات مرتفعة من الخطر».

وفي موازاة مطالبة الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «كل الأطراف المعنية بتسهيل الوصول الفوري إلى المعضمية والمناطق المتضررة الأخرى في مختلف أنحاء البلاد»، مجددة التزامهما «بمواصلة توسيع الاستجابة الإنسانية» للوصول إلى جميع المتضررين، أعلنت «يونيسيف» أن «جيلا كاملا من الأطفال السوريين، إناثا وذكورا، مهدد بفقدان التعليم».

ويقول القربي إن «تهديد جيل كامل من أطفال سوريا بفقدان التعليم، بدأ منذ أكثر من سنتين، مع انطلاق الاحتجاجات»، لافتا إلى أن «الأطفال، في أغلب المناطق بسوريا هم خارج المدارس وإطار التعليم». ورأى أن «الدولة استقالت من دورها، وركزت اهتمامها على الحلين العسكري والأمني، اللذين خرجا الآن عن القاعدة المتبعة بالعلوم العسكرية، لصالح القتل باستخدام الشبيحة والمرتزقة».

وأكد القربي أن «أول ضحايا النزاع، هم الأطفال وتعليمهم»، لافتا إلى أن التقرير «أضاء جزءا من الحقيقة»، واصفا واقع التعليم وواقع أطفال سوريا «بالكارثي».

وأشارت «يونيسيف» في تقرير صادر عنها بعنوان «الحياة المحطمة»، إلى أن «نحو 78 في المائة من الأطفال في مخيم الزعتري (شمال الأردن) وما بين 50 في المائة إلى 95 في المائة في المجتمعات المضيفة خارج المخيم لا يذهبون إلى المدرسة»، مشيرة إلى «مخاطر تتهدد الأطفال والنساء اللاجئين في الأردن، بينها الزواج المبكر والتجنيد لمصلحة مجموعات مسلحة»، علما بأن الأطفال يشكلون 53 في المائة من العدد الكلي للاجئين السوريين في الأردن.

وتتعدد الأسباب التي تمنع الأطفال السوريين من الذهاب إلى المدرسة، وفق تقرير «يونيسيف»، من بينها «إيمانهم بأنهم سيعودون قريبا لسوريا، والخوف من العنف والتحرش في الطريق إلى المدرسة، إضافة إلى عمل بعض الأطفال».

وفي داخل سوريا، يؤكد القربي أن مأساة حرمان الأطفال من التعلم مردها في جزء منها إلى «تحويل المدارس إلى معتقلات منذ اليوم الأول، في درعا، حيث استخدم رجال الأمن المدارس معتقلات بعد ملء السجون بالمعتقلين». وأشار إلى أن المدارس «تحولت فيما بعد إلى مراكز لجوء للنازحين، مما شكل عائقا أمام عودة الطلاب إلى المدارس».

وطالب القربي المجتمع الدولي «باتخاذ قرار بوقف العنف والقتل، كونهما السبب الأول لمشكلة النزوح وانخفاض التعليم»، مشددا على وجوب «فرض منطقة حظر جوي، لوقف استهداف المدنيين جوا»، لافتا إلى قرار «سيتم التقدم به إلى مجلس الأمن لفرض منطقة حظر جوي قريبا، لكنه سيواجه بـ(فيتو) روسي للمرة الرابعة».