رئيس الوزراء التركي يتنازل في حديقة جيزي... ويتحدى معارضيه شعبيا في أنقرة وإسطنبول

مساعد أردوغان: الحكومة ستنظر في أوضاع محتجين «يشعرون بالتهميش»

رجب طيب أردوغان، رئيس الحكومة التركية، خلال خطابه لأعضاء حزبه في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

قدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس تنازلا للمضربين في وسط إسطنبول، بإعلانه تجميد العمل في مشروع تحويل الحديقة إلى «قلعة عثمانية»، لكنه أبقى على سقفه مرتفعا في مواجهة «المشاغبين» ومعارضيه المطالبين باستقالته بتأكيده على أنه صاحب الشعبية الأكبر من خلال مهرجانين كبيرين سيقام أولهما اليوم في أنقرة وثانيهما يوم غد في إسطنبول حيث يتوقع مساعدوه حشد نحو مليون شخص في إسطنبول وحدها.

وقال طه كينتش، أحد مساعدي أردوغان، إن مجموعتين ظهرتا في أثناء المظاهرات، أولئك الذين ذهبوا إلى ميدان تقسيم لدعم وقف المشروع وأولئك الذين يريدون تحويل هذه الاحتجاجات إلى انتفاضة آيديولوجية – عنفية ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وشخص رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، مشيرا إلى أن المجموعة الأولى من الناس من مختلف الخلفيات، أما المجموعة الثانية فهي في معظمها مزيج من القوميين الجدد، والعلمانيين المتطرفين واليساريين والجماعات الماركسية اللينينية. ونقطة الالتقاء المشترك بينهم هو العداء تجاه حزب العدالة والتنمية، موضحا أن المجموعة الثانية تضم جماعات متطرفة معروفة، من بينها الجماعة التي نفذت الهجوم على السفارة الأميركية في أنقرة في فبراير (شباط) الماضي.

وأشار كينتش إلى أن أردوغان ميز منذ اللحظة الأولى المجموعة الأولى عن الثانية، وأقر حقهم في المعارضة والاحتجاج. واعتبر أن المجموعة الأولى تحوي مجموعة من الناس الذين يشعرون أنهم معزولون ومهمشون بسبب النجاحات الانتخابية المتلاحقة لحزب العدالة والتنمية وبعض سياساتها مثل مشروع قانون تنظيم بيع الكحول الأخير. وأشار إلى أن الحكومة ستسعى للوصول إلى هؤلاء الناس في محاولة لرد همومهم وكانت هناك عدة اجتماعات بين مجموعات مهتمة في تقديم مطالبهم وممثل من كل من الإدارة المحلية من إسطنبول والحكومة.

أما المجموعة الثانية فهي المسؤولة إلى حد كبير عن الاشتباكات مع الشرطة. فقد هاجم أصحابها المباني العامة وسيارات الشرطة والحافلات ووسائل الإعلام.

وأوضح كينتش أن التكلفة الإجمالية لأضرار ما حصل أكثر من 70 مليون ليرة تركية (نحو 40 مليون دولار) وتدمير 259 سيارة خاصة و109 سيارات شرطة، و4 أتوبيسات خاصة و18 باصا للبلدية و281 متجرا ومركز للشرطة و12 مقرا حزبيا، بالإضافة إلى عشرات المنشآت وكاميرات المرور وإشارات المرور وأجهزة الصراف الآلي.

ورأى أن الجماعات المتطرفة التي حاولت استغلال المظاهرات السلمية في إسطنبول ليست قوى ديمقراطية. وقال: «قاموا بدعم الانقلابات والتدخلات العسكرية في الماضي، عارضوا حل القضية الكردية، ورفضوا حقوق الأقليات الدينية غير المسلمة في تركيا».

وكانت الحكومة التركية قد أكدت أمس أنها ستستجيب لقرار قضائي صدر في وقت سابق يوقف العمل في العملية المثيرة للجدل لتطوير حديقة «جيزي» بساحة تقسيم في إسطنبول. ونقل عن أردوغان قوله في اجتماع جديد مع متظاهري حديقة جيزي إنه إذا رفضت المحكمة الإذن بالبناء في المتنزه، ستلتزم الحكومة بذلك القرار. وصرح أحد ممثلي جماعة «تضامن تقسيم» التي تشارك في الاعتصام في الحديقة، المخطط المدني تيفون كهرمان أن «الإيجابي في لقاء الليلة كان توضيحات رئيس الوزراء بأن المشروع لن يستمر قبل قرار القضاء النهائي بشأنه». وتابع: «نتوقع من المتظاهرين تقييم المقاربة الإيجابية الناتجة عن هذا الاجتماع».

ودعا رئيس الوزراء التركي أمس المحتجين المعتصمين بوسط إسطنبول إلى مغادرة الحديقة، قائلا: إن رسالتهم وصلت إلى الحكومة بعد محادثات أجريت بهدف إنهاء اضطرابات بدأت منذ أسبوعين. وأضاف أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له «مكثتم هنا كما شئتم وأوصلتم رسالتكم. إذا كانت رسالتكم بشأن المتنزه بتقسيم فإنه تم تلقيها وتقييمها». وتابع: «أرجوكم ارحلوا عن المتنزه الآن واذهبوا إلى دياركم».

إلى ذلك، ذكر اتخاذ أطباء تركيا أن الحكومة التركية بدأت تحقيقات حول الأطباء الذين قاموا بمعالجة المتظاهرين منذ بداية الحركة الاحتجاجية على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وقال عثمان أوزتورك الذي يعمل في النقابة في مؤتمر صحافي إن «كبير مفتشي وزارة الصحة عزت تاجي قال في رسالة مؤرخة في 13 يونيو (حزيران) وموجهة إلى غرفة أطباء إسطنبول، أنه بدأ تحقيقا حول مستوصفات أقيمت على عجل وعالجت المقاومين (في إشارة إلى المتظاهرين) ميدانيا» في إسطنبول. وأضاف الطبيب «أنه يطلب منا تسليمه لائحة بأسماء الذين عملوا في هذه المستوصفات والمرضى الذين عولجوا فيها». وقال أوزتورك إن «الإخوة الذين عملوا ليلا نهارا من دون أن يخافوا من القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لمعالجة المقاومين يشرفوننا»، مؤكدا أن منظمته «لن تعطي اسم أي مريض أو أخ في الوزارة».

وتفيد آخر حصيلة نشرتها نقابة الأطباء مساء الأربعاء أن المظاهرات أسفرت عن سقوط أربعة قتلى هم ثلاثة متظاهرين وشرطي، ونحو 7500 جريح بينهم نحو خمسين إصاباتهم خطيرة.