انتقادات رئيس البرلمان لرئيس الحكومة تؤجج الأزمة السياسية التي تعرفها الغالبية في المغرب

المحلل السياسي ضريف عدها وجها جديدا من أوجه التوتر السياسي في البلاد

TT

قال محلل سياسي مغربي إن الانتقادات التي وجهها كريم غلاب، رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) لعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، أول من أمس، بشأن رغبة المؤسسة التنفيذية في احتكار إصدار القوانين على حساب البرلمان، تعد وجها جديدا من أوجه الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد.

وكان غلاب قد انتقد ابن كيران خلال افتتاح مناظرة حول الحق في الوصول إلى المعلومة، نظمتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، منبها إلى أنه تم تجميد عدد من مقترحات القوانين التي تقدم بها النواب بدعوى أن الحكومة ستأتي بمشاريع قوانين. وعد الأمر بمثابة «عرقلة وتعطيل للعمل البرلماني». وهذه أول مواجهة تحدث بين رئاسة المؤسستين التشريعية والتنفيذية.

وفي غضون ذلك، قلل مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة من أهمية ما حدث، وعد الأمر «حدثا عاديا». وأضاف الخلفي ردا على سؤال يتعلق بالموضوع خلال لقاء مع الصحافة عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، عقد أول من أمس أن «الأهم هو أن الحكومة تعمل بطريقة عادية من خلال عقد اجتماعاتها المبرمجة بشكل عادي ومواصلة الإصلاحات المطلوبة».

وفي هذا السياق، أوضح الباحث محمد ضريف لـ«الشرق الأوسط» أن ما حدث هو نتيجة التوتر الموجود بين مكونات الغالبية من جهة، وبين المعارضة والحكومة، من جهة ثانية، مشيرا إلى أن انسحاب المعارضة من جلسة مساءلة رئيس الحكومة بمجلس النواب كانت أيضا بسبب احتكار ابن كيران للجلسة، وانعدام الالتزام ببنود الدستور التي منحت حقوقا للمعارضة.

وأشار ضريف إلى أن الحدث ينبغي قراءته من زاويتين، الأولى هو انه نتيجة التوتر الموجود بين حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية، والزاوية الثانية هو أن غلاب باعتباره رئيسا لمجلس النواب من واجبه الدفاع عن البرلمانيين كممثلين للسلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية، إذ يبدو أن هناك شعورا لدى البرلمانيين بأن الحكومة ترغب في احتكار كل ما يتعلق بتنفيذ الدستور على مستوى القوانين التنظيمية أو العادية، ورغم أن الدستور يمنح الأولوية لمشاريع قوانين الحكومة على القوانين المقترحة من البرلمان، فإن هذا الأمر يجب، برأيه، ألا يجري على حساب الحقوق التي منحت للمعارضة في الدستور الجديد.

وقال ضريف إن ما جرى مرتبط أيضا بالمخطط التشريعي الذي قدمته الحكومة، فعندما تعد الحكومة هذا المخطط الذي يتضمن كل القوانين التنظيمية والعادية التي أقرها الدستور فإنها تصادر حق البرلمانيين في تقديم مقترحات، ومن هنا لا ينبغي أن ننظر لما حدث بين غلاب وابن كيران من زاوية حزبية ضيقة مرتبطة بالخلاف بين الحزبين، بل أيضا من زاوية شعور البرلمانيين وفي مقدمتهم رئيس المجلس بأن الحكومة تصادر حق البرلمانيين في التشريع.

وردا على سؤال حول ما إذا كان الأمر يتعلق بأزمة سياسية جديدة، قال ضريف إن الأزمة السياسية موجودة أصلا، بسبب الخلاف بين المكونين الرئيسين للغالبية قال: «الاستقلال والعدالة والتنمية، إلى جانب الأزمة التي حدثت بسبب مقاطعة المعارضة لجلسة مساءلة ابن كيران، لذلك ما حدث بين غلاب وابن كيران ليس سوى وجه جديد من أوجه هذه الأزمة».

من جهتها، قالت حسناء أبو زيد، النائبة عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض لـ«الشرق الأوسط» إنها شخصيا تدعم موقف غلاب شكلا ومضمونا، وعدته «لحظة فارقة وموقفا تاريخيا لأنه تحدث باسمنا جميعا».

وكان الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي هو أول من عرض مقترح قانون حول الحق في الحصول على المعلومة في مجلس النواب. وقالت أبو زيد: «إما أن نذهب في اتجاه تكريس دور المؤسسة التشريعية، وإلا سنلجأ لخيارات أخرى لا أعلم ما هي، لأننا لا يمكننا الموافقة على أن يتحول البرلمان بغرفتيه إلى مجرد غرفة تسجيل كبيرة أو آلة دعائية للحكومة»، على حد تعبيرها. وأشارت أبو زيد إلى أنه «إذا استمر هذا الوضع سنظهر أمام المواطنين بأننا لسنا سوى مؤسسة لإهدار المال العام، طالما لا نقوم إلا بتثمين ما تقوم به الحكومة».

وأوضحت أبو زيد أن الحكومة تحاول تكريس ممارسات سلبية سابقة، بيد أن ما حدث أول من أمس يمكن قراءته إيجابيا أيضا، أي أن على الحكومة مراجعة نفسها بشأن طريقة تعاملها مع البرلمان.