الإيرانيون اقترعوا بكثافة.. ومستشار خامنئي يتوقع الحسم في الجولة الأولى

المرشد الإيراني يسخر من واشنطن ويؤكد أنه لم يبلغ أحدا بالمرشح الذي صوت له

ايراني بعد ادلائه بصوته في السفارة الإيرانية في لندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

دعا المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية الإيرانية في بيان مشترك لهم، مساء أمس، أنصارهم إلى الهدوء وتجنب النزول إلى الشارع في انتظار إعلان النتائج الرسمية، وفق ما نقلته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.

وقال ممثلو المرشحين في البيان: «تسري شائعات عن تنظيم احتفالات بالفوز نطلب من الشعب عدم الاكتراث لها وتجنب أي تجمع قبل إعلان النتائج الرسمية» من جانب وزارة الداخلية.

وكان مقررا أن تغلق مكاتب الاقتراع في الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي، لكن فترة التصويت مددت مرتين حتى الساعة العاشرة مساء. وقد أجريت الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في إيران أمس وسط مخاوف الأطراف المشتركة من تزوير النتيجة بداية بوزارة الداخلية ووصولا إلى مقرات الحملات الانتخابية للمرشحين. وأدلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بصوته في الساعة الثامنة صباحا. ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عنه تأكيده على أهمية النزاهة والثقة في الانتخابات، كما جاء في خطابه الذي توجه فيه إلى جميع الأجهزة المسؤولة عن العملية بقوله: «أصوات الناخبين أمانة في أعناقكم. يجب أن تنتبهوا جيدا وتراقبوا الأشخاص الذين يفرزون الأصوات».

وتوقع مستشار مقرب من خامنئي، وهو حجة الإسلام علي أكبر ناطق نوري، عدم الحاجة إلى جولة أخرى من الانتخابات، وهو ما يشير إلى توقعه حصول أحد المرشحين على أغلبية كافية لترجيح كفته من الجولة الأولى التي جرت أمس. وقال: «على كل مرشح قبول عملية صناعة القرار القانونية».

وبعد أن أدلى الزعيم الأعلى الإيراني بصوته في العاصمة طهران حث الإيرانيين على الإقبال على التصويت بأعداد كبيرة في انتخابات الرئاسة أمس الجمعة، وهزئ من شكوك غربية في نزاهة الانتخابات.

وقال ساخرا متحدثا في بث مباشر على شاشات التلفزيون الرسمي أثناء إدلائه بصوته: «سمعت أخيرا أن أحدهم في مجلس الأمن القومي الأميركي قال نحن لا نقبل هذه الانتخابات في إيران. إننا لا نعير ذلك أي اهتمام».

وقال خامنئي إنه لم يبلغ أحدا بمرشحه المفضل للرئاسة.

وأضاف قائلا: «بين أولئك المترشحين.. كان في ذهني واحد اخترته. لم أبلغ أحدا بالشخص الذي صوت له. حتى أولئك القريبون مني، مثل أسرتي وأولادي، لا يعرفون من الذي أعطيته صوتي».

وطلب عباس‌ علي كدخدايي، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور المسؤول عن الموافقة على كل المرشحين المحتملين، من المرشحين ومؤيديهم ترك مهمة الإعلان عن نتائج الانتخابات لوزارة الداخلية، وعدم الخوض في أي تكهنات خاصة بالمرشح الفائز. وتحدث مقر الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي حسن روحاني عن تجاوزات انتخابية، حيث اشتكى مؤيدوه من استمرار وجود اسم مرشح انسحب من الانتخابات لصالح روحاني على القوائم في مراكز الاقتراع. وأوضحت صور فوتوغرافية من أحد مراكز الاقتراع أن اسم المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف لا يزال مدرجا بين المرشحين السبع رغم انسحابه من السباق الرئاسي لصالح روحاني، كما فعل غلام حداد عادل الذي تم شطب اسمه من قائمة المرشحين. ويعتقد مؤيدو روحاني أن السلطات الإيرانية قد فعلت ذلك لإرباك الناخبين الإصلاحيين المعتدلين بغرض تفتيت أصواتهم.

وتعامل محمد رضا نعمت زاده، رئيس الحملة الانتخابية لروحاني، مع الأمر من خلال إرسال خطاب إلى مجلس صيانة الدستور طلب فيه شطب اسم عارف من قائمة المرشحين. وردا على الخطاب، أصدر مقر لجنة الانتخابات بيانا جاء فيه: «يجب شطب كل من اسمي غلام حداد عادل ومحمد رضا عارف من أي قائمة للمرشحين فورا لانسحابهما من الانتخابات».

وخلال مؤتمر صحافي عقد يوم الجمعة صرح كدخدايي للصحافيين بأن «مجلس صيانة الدستور يراقب العملية الانتخابية ولم يتلق أي شكوى مهمة حتى هذه اللحظة. وذكر أن بعض ممثلي المرشحين شكوا من بعض التجاوزات البسيطة وتم التعامل معها». وأكد صولت مرتضوي، أمين عام لجنة الانتخابات الإيرانية، للصحافيين أنه غير مسموح بدخول المرشحين مراكز الاقتراع.

وقال صولت مرتضوي: «بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية، تم حذف اسمي مرشحين انسحبا من الانتخابات، هما محمد رضا عارف وغلام علي حداد عادل. والشائعات القائلة إن اسميهما ما زالا مدرجين بالقائمة؛ عارية عن الصحة».

وفي أعقاب تلك المعلومات الجديدة، انتهج مقر الحملة الانتخابية لروحاني إجراءات وقائية، وأصدر بيانا يطلب فيه من الناخبين تسجيل أصواتهم في موقع الإنترنت الخاص بحملة روحاني الانتخابية على موقع «www.rouhani92.com».

وحثت مقار الحملات الانتخابية للمرشحين الناس على رصد «المدينة، رقم صندوق الاقتراع وعنوان مركز الاقتراع» وتسجيل هذه البيانات في الموقع الإلكتروني المذكور أعلاه لضمان عدم حدوث أي تزوير في الحساب.

وبعد الظهر كان قد جرى تسجيل معدل مشاركة مرتفع من قبل الناخبين في مراكز الاقتراع. وقد فتحت رسميا في إيران في نحو الساعة الثامنة من صباح يوم الجمعة، وكان المقرر في البداية أن تظل مفتوحة لمدة 10 ساعات، ولكن نظرا لارتفاع معدل المشاركة، فقد قامت وزارة الداخلية بمد فترة الاقتراع، وظلت مراكز الاقتراع مفتوحة إلى التاسعة مساء.

وشوهد إبراهيم يزدي، رئيس حركة تحرير إيران المحظورة وأحد النشطاء الإصلاحيين أيضا، يقف في صف طويل للإدلاء بصوته. ولدى سؤاله عن رأيه بشأن نتائج الانتخابات، وما إذا كان يتوقع أن تكون هناك جولة إعادة قادمة، تحدث يزدي إلى وكالة أنباء «مهر» قائلا: «لقد أخذت دورات كافية في جامعة إيفين» في إشارة ساخرة إلى سجن إيفين. وأضاف قائلا: «إن الإدلاء بالأصوات واجب وطني، وأنا أستغل الحق الذي وهبني الله إياه».

وسئل حجة الإسلام ناطق نوري، الذي أدلى بصوته في مركز الاقتراع نفسه الذي أدلى آية الله خامنئي بصوته فيه، من قبل صحافيين عما إذا كان يعتقد أنه ستكون هناك جولة انتخابية ثانية أم لا. فأجاب: «إن شاء الله ستحسم النتيجة من الجولة الأولى».

وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، صوت الرئيس محمود أحمدي نجاد في نحو الساعة الثالثة والربع عصرا، قبل قليل من الموعد النهائي المحدد لإغلاق صناديق الاقتراع.

وهناك أكثر من 50 مليون إيراني لهم حق الاقتراع، من بينهم 6.‏1 مليون انضموا إلى قوائم الناخبين للمرة الأولى. وهم يختارون خلفا للرئيس محمود أحمدي نجاد من بين ستة مرشحين لا يختلف أي منهم مع حكم رجال الدين المستمر في إيران منذ 34 عاما.

ومن غير المرجح أن تسفر الانتخابات الرئاسية عن تغييرات جذرية في علاقات إيران المضطربة مع الغرب وجيرانها في دول الخليج العربية، لكنها قد تخفف من شدة الخطاب العدائي الذي يفضله أحمدي نجاد.

وانتخابات أمس هي أول انتخابات رئاسية في إيران منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2009 المطعون في نتائجها، مما أدى إلى تفجر احتجاجات في الشوارع استمرت شهورا في الجمهورية الإسلامية.

وانتقد كل مرشحي الرئاسة، باستثناء سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين الحالي، الأداء الدبلوماسي الذي جعل إيران أكثر عزلة وتئن تحت وطأة العقوبات الاقتصادية.

وكان مجلس صيانة الدستور الذي يجيز من له حق الترشح، قد منع عددا من المرشحين، من أبرزهم الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو من الجيل المؤسس للجمهورية الإسلامية، ومن المتعاطفين مع الإصلاح إلى جانب حليف أحمدي نجاد المقرب اسفنديار رحيم مشائي.