مدينة عفرين الكردية تدفع ثمن موقعها الجغرافي قرب قريتين شيعيتين

الجيش الحر يريدها ممرا لإسقاط مطار منغ.. واتهامات لمقاتلين أكراد بفتح ثغرة أمام النظام

TT

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية والقرى والبلدات التابعة لها شمال حلب، تعيش أزمة إنسانية بسبب الحصار المفروض عليها من قبل كتائب الجيش السوري الحر منذ شهر تقريبا.

وتجري اشتباكات عنيفة في الكثير من قرى المنطقة بين عناصر تابعة للواء التوحيد، تساندها كتائب إسلامية وكردية موالية للمعارضة، وبين وحدات من (واي بي جي) التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، المقربة من نظام الرئيس بشار الأسد.

ويحمل الجيش السوري الحر مسؤولية ما يحصل للميليشيات الكردية الموالية للنظام ويتهمها بمساعدة القوات النظامية التي تتمركز في قريتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين تقعان قرب عفرين.

وتعاني المدينة نقصا في المواد الغذائية، إضافة لارتفاع حاد في أسعارها، وكذلك تعاني نقصا في موارد الطاقة والأدوية ومستلزمات الحياة الإنسانية. كما تشهد نقصا في مادتي الطحين والسكر، الأمر الذي أدى لارتفاع أسعار الخبز والمواد الأخرى. ويسبب الحصار المفروض على المدينة، وفق المرصد، نقصا في الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الأطفال، ما ضاعف أسعارها، في حين نفدت كمية اللقاحات المتوفرة في المراكز الطبية، وتناقصت كمية أدوية بعض الأمراض الوبائية كالسل واللشمانية، مما قد يتسبب في انتشار هذه الأمراض.

وبحسب المرصد، فإن «المشافي الأربعة التي تضمها منطقة عفرين إضافة إلى المركزين الصحيين، تعاني أيضا من نقص في غاز الأكسجين والأدوية والمستلزمات الطبية والإسعافية، ما قد يهدد حياة الكثير من المرضى».

وكانت أكثر من 21 كتيبة إسلامية تابعة للجيش الحر توجهت إلى شمال سوريا، بذريعة محاصرة قريتي نبل والزهراء المجاورتين لبلدة عفرين الكردية، بحسب ما أشار أحد المعارضين الكرد، متحفظا على ذكر اسمه. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هدف كتائب المعارضة كان اقتحام البلدتين الشيعيتين تمهيدا لإسقاط مطار منغ لكن سرعان ما انقلب الأمر إلى صراع مع الكتائب الكردية لأن اقتحام نبل والزهراء يقتضي الدخول إلى القرى الكردية وهو ما يرفضه المقاتلون الأكراد سواء الموالون للنظام أو المعارضون له».

لكن عضو مجلس القيادة العسكرية للجيش الحر، مهند جفالت، يحمل مسؤولية ما يحصل في عفرين إلى الكتائب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المقاتلين الأكراد ساهموا في فتح ثغرة للجيش النظامي لتمرير تعزيزات عسكرية إلى مطار منغ الذي تسعى المعارضة إلى تحريره. ولفت إلى أنه «جرى توريط الجيش الحر في المعارك مع الأكراد في حين أن جبهته الرئيسة هي ضد النظام السوري وقوات حزب الله الداعمة له».

وفي وقت سابق، حمل فارس تمو، نجل المعارض الكردي البارز مشعل تمو الذي تعرض للاغتيال أواخر سنة 2011، في كلمة مصورة بثها على مواقع الإنترنت، حزب العمال الكردستاني ومشتقاته مسؤولية ما يحصل للأكراد في عفرين. وقال إن «هذا الحزب دخل إلى شارعنا السوري كفرع أمني كردي للقضاء على الثورة من خلال حملات القتل والخطف بحق السياسيين والثوار الكرد».

من ناحيته، يشير الناشط الكردي ميرال مرادو لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «شرارة القتال بين وحدات (واي بي جي) والجيش الحر جاءت إثر مقتل أحد قادة لواء التوحيد الذي اتهم الكتائب الكردية الموالية للنظام باغتياله». ويضيف: «الخلاف الأساسي حول مرور الجيش الحر إلى بعض القرى الكردية لإحكام الحصار على بلدتي نبل والزهراء اللتين تعتبران من أهم معاقل النظام في المنطقة».

وتحتدم المعارك قرب منطقتي النبل والزهراء وهما منطقتان ريفيتان ذات غالبية شيعية، إذ يسعى الجيش النظامي إلى استخدام القريتين كقاعدتين أماميتين لتحقيق تقدم في حلب وريفها، بحسب ما تؤكد مصادر المعارضة السورية.

وتقع مدينة عفرين في أقصى الشمال السوري حيث تربطها بمدينة حلب ثلاثة طرق رئيسة، وتضم سبع بلدات و300 قرية، ويقدر عدد سكان مدينة عفرين والبلدات والقرى التابعة لها بأكثر من نصف مليون نسمة. وقد احتضنت في الآونة الأخيرة نحو 200 ألف نازح، هربوا من مناطق الاشتباكات والقصف في محافظة حلب.