تنصيب جهادي مصري محافظا لأهم منطقة سياحية في العالم يثير انتقادات المعارضة

قال إن انتماءه للجماعة الإسلامية لن يؤثر على عمله.. وموسى: قادتها ينادون بتحطيم الآثار

عدد من المحافظين الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام الرئيس مرسي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قامت مصر أمس بتنصيب جهادي، ينتمي لجماعة تبنت قتل 60 سائحا أجنبيا عام 1997. محافظا لـ«الأقصر» التي تعد من أهم المناطق السياحية في العالم.. لكن المحافظ الجديد، ويدعى عادل الخياط، رد على دهشة بعض المراقبين من تنصيبه محافظا لنفس المحافظة التي شهدت الحادث الإرهابي قبل 16 سنة، بقوله إن انتماءه للجماعة الإسلامية لن يؤثر على عمله كمسؤول عن الأقصر التي تحوي ثلث آثار العالم. فيما استنكر مصريون، بينهم عمرو موسى، القيادي في جبهة الإنقاذ المعارضة، تعيين محافظ ينتمي لجماعة يحرم قادتها السياحة وينادون بتحطيم الآثار.

ونصب الرئيس المصري محمد مرسي أمس الخياط، وهو من أبرز مؤسسي الجماعة الإسلامية في مصر، محافظا للأقصر الواقعة في جنوب البلاد، ضمن حركة تغييرات في المحافظين شملت 17 محافظا، ينتمي معظمهم لجماعة الإخوان المسلمين، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة من جانب المعارضين المناوئين لحكم الجماعة والتيارات الإسلامية المتشددة.

وأدى المحافظون الجدد اليمين الدستورية أمام الرئيس مرسي أمس في قصر الاتحادية الرئاسي. وقال هشام قنديل، رئيس الوزراء، إن «عملية الاختيار قامت على عدة معايير في مقدمتها الكفاءة والخبرة والقدرة على العمل والنزاهة».

ومن بين المحافظين الجدد 6 لواءات من الجيش والشرطة، و7 ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، لترتفع نسبة محافظي الإخوان إلى 13 من أصل 27 محافظا، إضافة إلى الخياط، ومحافظ آخر من حزب «غد الثورة» المقرب من «الإخوان».

ويعد الخياط (62 سنة) من مؤسسي الجماعة الإسلامية بمحافظة سوهاج، وتخرج في كلية الهندسة جامعة أسيوط. وفور الإعلان عن تعيينه محافظا للأقصر، أعلنت شركات السياحة في المحافظة رفضها للقرار، ونظم العاملون في القطاع السياحي وقفة احتجاجية أمام ديوان عام المحافظة أمس.. وقالوا: إن تعيينه سيؤثر سلبا على حجم السياحة المتدهورة أصلا بالمحافظة، إضافة إلى وجود عداء قديم بين أهالي الأقصر والجماعة الإسلامية بسبب حادث قتل السياح عام 1997.

وتعد عائدات السياحة من أهم المداخيل التي يقوم عليها الاقتصاد المصري، حيث تتجاوز 10% من الناتج الاقتصادي. لكنها تعاني منذ «ثورة 2011» من ركود وتراجع في عدد السياح.

وفي المقابل، قال الخياط إن انتماءه للجماعة الإسلامية لن يؤثر مطلقا على ممارسة عمله كمسؤول عن محافظة لها طابع ثقافي وحضاري وسياحي خاص، وإنه سيقوم بوضع خطة محكمة للتعامل مع الملف السياحي وإنقاذ ما تبقى من تلك المنظومة التي تدر المليارات على الاقتصاد المصري.

وشدد الخياط، عقب أدائه اليمين أمام الرئيس مرسي، على أنه سيقوم بعقد عدة لقاءات مع مختلف الأوساط الشعبية والسياسية بالمحافظة، للتعرف بشكل أوسع على مشكلات المحافظة والعمل على حلها، مشيرا إلى أن «التخوفات التي يبديها البعض على القطاع السياحي من انتمائه للجماعة الإسلامية في غير محلها، وأنه سيعمل على إزالتها في أقرب وقت ممكن».

ومن جانبه قال خالد الشريف، المستشار الإعلامي للجماعة الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط» إن «المخاوف التي يثيرها البعض من تعطل السياحة بتعيين محافظ صاحب توجهات إسلامية غير حقيقية وخاطئة»، مشيرا إلى أن «الجماعة تعتبر الآثار الفرعونية جزءا من التاريخ الإنساني الذي يجب المحافظة عليه وهي تؤمن بتواصل الحضارات وليس صدامها»، مؤكدا أن «كل ما يقال عكس ذلك محض افتراءات وفزاعات مغرضة لتخويف الرأي العام».

وفي السياق نفسه قال أشرف سيد، المدير العام لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، إن الخياط ليس أي دور في مذبحة الأقصر عام 1997. وحول اعتبار البعض أن تعيين الخياط بمثابة مكافأة للجماعة الإسلامية على دعمها للرئيس مرسي في الفترة السابقة، أضاف سيد لـ«الشرق الأوسط»: «لو أن ذلك صحيحا لنالت الجماعة الإسلامية أكثر من هذا المنصب، لأنها قدمت الكثير، لكنها لا تنتظر مقابلا على دعمها هذا، لأنها تقف بجانب الشرعية وإرادة الشعب الذي انتخب الرئيس مرسي ولا يمكن عزله قبل انتهاء مدته».

وتسببت حركة تعيين المحافظين الجديدة في غضب قيادات في المعارضة. وانتقد عمرو موسى تعيينات المحافظين الجدد قائلا: «لا يمكن ترجمتها إلا بأنها مزيد من الأخونة وتولية أهل الثقة»، مضيفا في بيان له أمس أن النظام يرسل رسالة أنه غير مستعد للاستجابة لمطالب الناس ويمضي قدما في سياساته، التي تزيد الغضب والاحتقان. واعتبر موسى أن «تعيين محافظ للأقصر ينتمي للجماعة الإسلامية، التي يحرم قادتها السياحة وينادون بتحطيم الآثار، قرارا جانبه الصواب، بل هو قرار ضد السياحة وضد الاستقرار».

كما انتقد أحمد سعيد، رئيس حزب المصريين الأحرار، التعيينات. وقال في بيان له أمس «إنها تؤكد إصرار جماعة الإخوان المسلمين على الاستمرار في سياسة التمكين، وتكشف عن الإفلاس السياسي المروع».

وفي محافظة الدقهلية، قام عدد من النشطاء السياسيين أمس بوقفة احتجاجية على تعيين المحافظ الجديد، المنتمي لـ«الإخوان»، وكتبوا على جدران مبنى المحافظة «لا مكان لمحافظ الإخوان». وفي محافظة الغربية، حاصر المئات أبواب ديوان عام المحافظة وأغلقوا أبوابها بالجنازير، رافضين تعيين قيادي إخواني محافظا للغربية.