الغضب الشعبي في محافظات مصرية يحاصر مسيرات الإخوان المؤيدة للرئيس

بعد فتوى سلفية بـ«تحريم» التظاهر.. الإفتاء: الاحتجاج مقبول بـ«شروط»

TT

دفع الغضب الشعبي المتزايد ضد حكم الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، إلى موجة جديدة من الاضطرابات في عدة محافظات في البلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية حادة. وبعد عام من المواجهات الدامية بين نشطاء معارضين وأنصار الجماعة، باتت جماعة الإخوان في مواجهة مفتوحة مع أهالي مناطق شعبية غاضبين ومنهكين من تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد البالغ عدد سكانها أكثر من 90 مليون نسمة.

وسقط عشرات الجرحى مساء أول من أمس في اشتباكات بين أهالي منطقة شعبية في محافظة الفيوم (جنوب القاهرة)، وأنصار الإخوان الذين خرجوا في مسيرة لدعم الرئيس مرسي، بينما هاجم مجهولون أمس محال تجارية يملكها خيرت الشاطر (نائب مرشد جماعة الإخوان) في مدينة المنصورة (شمال القاهرة). وتبنت حركة مجهولة المسؤولية عن الهجوم متوعدة قيادات الإخوان بمزيد من الهجمات، وهو تطور يبدو غير محمود العواقب في بلد يبحث عن الاستقرار، وفقا للمراقبين.

وجاءت اشتباكات الليلة قبل الماضية عقب أيام من مواجهات مماثلة في مدينة الإسكندرية سقط خلالها عشرات الجرحى من الإخوان والرافضين لحكم الجماعة. وتنذر الاشتباكات التي وقعت خلال الأيام الماضية بمواجهات أكثر عنفا مع استعداد القوى الثورية لحشد أنصارها في 30 يونيو (حزيران) الجاري، وهو الموعد الذي اختارته قيادات حملة «تمرد» التي تجمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس مرسي.

وحققت حملة «تمرد» نجاحا لافتا، وغدت استمارات سحب الثقة التي تجمعها، عنوان حديث المصريين في الشأن السياسي في عموم البلاد. وتقول قيادات الحركة إنها قاب قوسين أو أدنى من جمع 15 مليون توقيع كانوا قد وعدوا بجمعها قبل أكثر من شهر.

وأظهر استطلاعان للرأي نشرا قبل يومين - أحدهما محلي والآخر دولي - انخفاضا حادا في شعبية الرئيس مرسي، الذي يواجه انتقادات واسعة؛ بعد أن بدا أن وعوده التي قطعها على نفسه قبل عام لم تتحقق بعد.

وقال شهود عيان إن مشادات بين مسيرة مؤيدة للرئيس كانت تجوب شوارع منطقة «الحواتم» في مدينة الفيوم وبين أهالي المنطقة أدت إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين الجانبين استمرت عدة ساعات، عقب اعتداء مسيرة الإخوان على نشطاء حملة «تمرد» في المدينة.

وأضاف شهود العيان أنهم سمعوا دوي إطلاق أعيرة خرطوش من الجانبين (الإخوان وأهالي منطقة الحواتم)، لكن أحمد بيومي، وهو قيادي بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، قال في تصريحات صحافية أمس إن «أتباع النظام السابق ممن لهم نفوذ في منطقة الحواتم الشعبية هم المسؤولون عن الاشتباكات».

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان أمس إن أعداد المصابين خلال المواجهات في الفيوم ارتفعت إلى 33 مصابا، بينما تحدث شهود عيان عن عشرات المصابين الآخرين الذين تم علاجهم عن طريق سيارات الإسعاف التي كثفت من وجودها في المنطقة.

وفي مدينة المنصورة، تعرضت أسواق «زاد» التجارية (التي يملكها الشاطر) أمس إلى إطلاق نيران من قبل مجهولين، للمرة الثالثة خلال الشهر الحالي. وقال شهود عيان إن مجهولين أطلقوا النار على المتجر الذي يقع في منطقة «مشعل» وفروا هاربين. ومن غير المعروف ما إذا كان لهذا الحادث أبعاد سياسية أم لا.

لكن الموقع الإخباري المصري «اليوم السابع» قال إنه تلقى اتصالا ممن أطلقوا على أنفسهم «الماردون الحمر»، أعلنوا فيه مسؤوليتهم عن الهجوم. ونقل الموقع قول الحركة المجهولة إن «وقت التحذير انتهى وجاء وقت القضاء على العشيرة والأهل (وهي التسمية التي يطلقها الرئيس مرسي على أنصاره)». ونقل الموقع عن هذه الحركة قولها إنه «سيتم استهداف جميع القيادات الإخوانية بكافة المحافظات ولن تنفعهم حماية الميليشيات الإخوانية».

وظهرت في البلاد خلال الشهور الماضية مجموعة أطلقت على نفسها «البلاك بلوك» تميزت بارتداء الملابس السوداء وأقنعة الوجه السوداء، وبدت أكثر تطرفا في اشتباكها مع قوات الأمن.

وقالت قيادات «تمرد» إنها نجحت في إقناع «البلاك بلوك» بالتخلي عن نهج العنف في مظاهرات 30 يونيو، ولم تستبعد تلك القيادات أن تكون الحركة الجديدة محاولة لاستدعاء العنف من قبل جماعة الإخوان، وهو ما اعتبره مسؤولون في الجماعة «عبثا لا يستحق الرد».

وأصدر سلفيون مؤيدون للرئيس مرسي فتوى تحرم المشاركة في مظاهرات 30 يونيو، لكن مفتي البلاد قال في بيان أمس إن الاحتجاج والتظاهر فعلان مقبولان؛ شريطة أن يبقيا في الإطار السلمي الذي يضمن عدم التعدي على الممتلكات العامة والخاصة، ويضمن كذلك عدم امتداد يد التخريب إلى منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين.

وشهدت الإسكندرية الأربعاء الماضي اشتباكات مماثلة بين أنصار الإخوان وأهالي منطقة الرمل بعد اعتداء أنصار الجماعة على شباب حملة «تمرد». وحاصر مئات الأهالي أنصار الإخوان داخل مسجد «التوحيد» الذي لجأت إليه كوادر جماعة الإخوان المسلمين.

ويعاني المصريون من تردي الخدمات الأساسية، ونقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، وارتفاع الأسعار، وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار. ويخشى مراقبون من مواجهات دامية قد تحدث خلال مظاهرات دعت إليها قوى إسلامية الجمعة المقبل لمناصرة الرئيس مرسي، بينما تبقى كل الاحتمالات مفتوحة فيما يتعلق بمظاهرات «تمرد» نهاية الشهر الحالي.