«الاستقلال» المغربي يتضامن مع رئيس مجلس النواب ويتهم الحكومة بفرض الوصاية على البرلمان

قيادي في «العدالة والتنمية» لـ «الشرق الأوسط»: لن ننجر إلى جعل خلاف سياسي صراعا بين المؤسسات في البلاد

TT

قال قيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي، إن حزبه لن ينجر إلى نقل الخلاف بينه وبين حزب الاستقلال إلى صراع بين المؤسسات، وذلك على خلفية الانتقادات التي وجهها كريم غلاب رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، المنتمي لحزب الاستقلال إلى عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة، واتهامه بتعطيل عمل البرلمان.

وفي غضون ذلك، أعلن حزب الاستقلال تضامنه مع غلاب ضد ما وصفها «الهجمة التي يتعرض لها» من قبل «العدالة والتنمية»، واتهم الحكومة بالهيمنة وفرض الوصاية على البرلمان، وهو ما يؤشر إلى تصاعد الخلاف بين الغريمين السياسيين في الوقت الذي كان هناك ترقب لانفراج الأزمة بينهما.

وكان غلاب قد واجه ابن كيران خلال مناظرة حول موضوع «الحق في الحصول على المعلومات»، نظمت الخميس الماضي بالرباط، واتهم الحكومة بسعيها للهيمنة على مجال التشريع من خلال تجميد عدد من مقترحات القوانين التي يتقدم بها النواب بدعوى أن الحكومة ستأتي بمشاريع قوانين مماثلة. وقال إن «الحكومة لا تمثل سوى واحدا من بين 665 برلمانيا يملكون حق المبادرة التشريعية». وخلفت تصريحات غلاب تداعيات كبيرة واعتبرت مؤشرا على دخول الأزمة السياسية في البلاد التي خلفها قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة منعطفا خطيرا يتمثل في صراع بين مؤسستي البرلمان والحكومة.

ويعتزم الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، طلب استفسار من غلاب خلال اجتماع مكتب المجلس المقرر عقده اليوم، بشأن الانتقادات التي وجهها لابن كيران.

وفي سياق ردود الفعل، وصف أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تصريحات غلاب بأنها «لم تراع اللباقة وحسن التقدير المطلوبين حين توجهت بالنقد العلني للحكومة»، وذلك خلال اجتماع لهم عقد السبت الماضي.

بدورها، اجتمعت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال (أعلى هيئة تقريرية) أول من أمس، وأصدرت بيانا شديد اللهجة ترد فيه على «العدالة والتنمية».

وفي هذا السياق، قال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» عقب اختتام اجتماع مغلق نظمه نواب حزبه أمس في مجلس النواب، إنه تم خلال الاجتماع تقديم خلاصة للنواب لما دار في اجتماع الأمانة العامة للحزب، بشأن التصريحات الأخيرة لغلاب، وأضاف: «أبقينا على موقفنا بتجنب الانسياق في ردود الأفعال مع هذا الفريق السياسي».

وأوضح بوانو أن الاجتماع ناقش تصريحات غلاب وما إذا كانت تعبر عن موقف حزبه، وقلنا إنه يجب التفريق بين موقفه الحزبي وموقفه كرئيس لمجلس النواب، الذي لا يخول له التموقع من الناحية السياسية، كما أن المكان لم يكن مناسبا لإبداء تلك الملاحظات إذ كان بإمكانه أن يعبر عن رأيه خارج المناظرة التي حضرها بصفته رئيسا لمجلس النواب.

وقال بوانو: «قررنا مطالبته بتوضيحات بشأن ما تجرأ به على رئيس الحكومة، خلال اجتماع مكتب المجلس الذي سيعقد اليوم، بيد أننا واعون بأننا لن ندخل في صراع بين المؤسسات، وإذا كان هو وغيره يريدون إدخال البلد في صراع بين المؤسسات، فنحن سننأى بأنفسنا عن ذلك»، على حد تعبيره.

وأضاف بوانو أنه بناء على التوضيحات التي سيقدمها غلاب «سنتخذ ما يلزم، ولكننا لن ندخل في دوامة نقل الصراع من المشهد السياسي إلى صراع بين المؤسسات».

وفي سياق ذي صلة، انتقد بيان صدر أمس عن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ما وصفها «الهجمة التي يتعرض لها غلاب، وخص بالذكر ما تداولته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وما واكبها من تصريحات لا تخلو من تهديد ومن لغة تكشف نزعة شمولية لدى من تصدر عنهم».

وأوضح البيان ذاته أن اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال قدرت أن ما حدث بين رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية، يعتبر انعكاسا طبيعيا لمرحلة تأسيسية تمر بها البلاد لترسيخ قيم جاء بها الدستور، ومن أبرزها إحداث توازن فعال ومنتج بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. واتهم البيان الحكومة ورئيسها بـ«محاولة الهيمنة وفرض الوصاية على البرلمان».

وعبرت اللجنة التنفيذية عن أسفها لما وصفته التصرف غير اللائق الذي بدر من رئيس الحكومة في إخلال غير مقبول بالحدود الدنيا للكياسة واللياقة المفروضة في من يتولى تدبير الشأن العام.

واعتبر الحزب أن ما تعرض له غلاب انعكاس طبيعي لنزعة لا تؤمن بالحوار والاختلاف، وتعزز قناعة غياب الخلفية الديمقراطية عن هذا التوجه السياسي، وعدم التمييز بين ما هو حزبي وما يهم الدولة بصفة خاصة، مشيرا إلى أنه يرفض إعادة إنتاج منظومة الحزب - الدولة، التي تعد أسوء نماذج الحكم عبر التاريخ المعاصر، وأنه قرر متابعة هذا الموضوع حسب المستجدات التي سيعرفها.