وزير إسرائيلي يعتبر حل الدولتين وصل إلى «طريق مسدود».. والسلطة تطلب توضيحا

وصف الدولة الفلسطينية بـ«الوهم» وما أنفق على الكافيار خلال مباحثات قيامها «فاق كل تصور»

TT

في الوقت الذي كشف فيه النقاب عن رصد مئات ملايين الدولارات لتوسيع وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية، أعلن وزير الاقتصاد الإسرائيلي رئيس حزب المستوطنين، نفتالي بنيت، أن التسوية السياسية التي تتحدث عن إقامة دولة فلسطينية قد وصلت إلى «طريق مسدود» وعن ضرورة الانعطاف إلى تسويات أخرى تضمن «بقاء السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة». وفي رد على تلك التصريحات شنت السلطة الفلسطينية هجوما كبيرا على الحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بالسعي لتكريس الاحتلال وإفشال قيام دولة فلسطينية.

وقال وزير الاقتصاد الإسرائيلي خلال مؤتمر مجلس المستوطنات في مدينة القدس، أمس، إن «فكرة الدولة الفلسطينية وهمية، فلم تكن هناك دولة فلسطينية في التاريخ ويجب أن لا تكون. وكل ما صرف من جهد ومن أموال على هذه الفكرة ذهب هباء».

وأضاف بسخرية لاذعة: «ما صرف على الكافيار الذي يقدم في الفنادق الفخمة على أولئك الذين يتباحثون في حل الدولة الفلسطينية، فاق كل تصور، ولو أنه صرف على شبكة الشوارع في الضفة الغربية لكنا نراها اليوم مزدهرة. لذلك، علينا أن نتجه لشيء آخر ونتصرف كما لو أن هذه الفكرة من ورائنا».

ورد بنيت على زميله في الائتلاف الحكومي، عوفر شلح، الذي هاجم الأسبوع الماضي الساسة الإسرائيليين الذين يحسبون أن بالإمكان الاستمرار في الاحتلال، وقال إن «الاحتلال يفسد كل رقعة بيضاء في حياة إسرائيل، الجيش والسياسة والصحافة والقضاء»، فقال بنيت: «عن أي احتلال يتحدثون. هذا بيتنا ووطننا وليس احتلالا».

وجاءت هذه التصريحات، في الوقت الذي نشرت فيه أنباء في تل أبيب تدعي بأن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قرر تأجيل زيارته إلى المنطقة، التي كانت مقررة أمس، لأنه فشل في مهمته ويأس من إمكانية استئناف المفاوضات السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد تعزز هذا الاعتقاد أكثر، في أعقاب التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، في واشنطن وقال فيها إن «ما اكتشفته إسرائيل منذ زمن طويل بأنه لا يوجد شريك فلسطيني في عملية السلام، بدأ يفهمه أصدقاؤنا في الغرب» وإن «مبادرة السلام العربية ما هي إلا عملية تضليل لإسرائيل والعالم وليست مبادرة جدية لسلام حقيقي».

لكن مصدرا عسكريا رفيعا قال لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن «كيري لم ييأس ولم يفشل، بل العكس، فإنه مصمم على المضي في التجربة حتى النهاية لأنه يرى أن إعادة الحياة إلى مفاوضات السلام الإسرائيلية العربية هي مصلحة أميركية عليا». وقال هذا المصدر إن كيري اتصل مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، واعتذر عن تأجيل زيارته مؤكدا أن التأجيل جاء بسبب اضطراره للانشغال في الموضوع السوري وأنه سيعود لتكريس جهوده للملف الفلسطيني في القريب العاجل.

وفي غضون ذلك، شنت السلطة هجوما كبيرا على الحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بالسعي لتكريس الاحتلال وإفشال قيام دولة فلسطينية.

وطالبت الرئاسة الفلسطينية من الحكومة الإسرائيلية تفسيرا وموقفا واضحا من تصريحات وزير الاقتصاد الإسرائيلي.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، «هذه تصريحات خطيرة صادرة عن وزير في الحكومة الإسرائيلية التي تواصل عمليات التوسع والاستيطان والمماطلة والتهرب من تنفيذ أي التزامات، إضافة إلى فرض شروط لأي مفاوضات».

وأشار إلى أن هذه التصريحات ليست فقط رسالة لإدارة الرئيس أوباما، «وإنما تشكل تحديا ورفضا واضحا لكل الجهود المبذولة التي تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه»، مطالبا المجتمع الدولي، وتحديدا الإدارة الأميركية بإدانة هذه التصريحات الخطيرة والمدمرة ضد كل من يؤمن بحل الدولتين والسلام العادل، وبإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.

وفورا، دعا الدكتور صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في السلطة الفلسطينية، المجتمع الدولي إلى «مواجهة الواقع» قائلا في تصريح مكتوب، «إن إسرائيل غير جادة بشأن السلام، والشيء الوحيد الذي تسعى إليه هو ترسيخ احتلالها وإلغاء الحقوق الفلسطينية».

وأضاف «في الأيام الماضية، صدرت الكثير من التصريحات من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وخاصة من وزارات الخارجية، الدفاع والشؤون الدينية وغيرها، وبيانات واضحة حول الموقف الرسمي الإسرائيلي الرافض لحل الدولتين المبني على أساس حدود عام 1967، وهي بيانات تؤكد مرة أخرى نية إسرائيل الدفع باتجاه قتل حل الدولتين».

وتابع، «تأتي هذه التصريحات تماشيا مع سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بما في ذلك توسيع المستوطنات، وهدم المنازل، وعمليات الإخلاء وسحب الهويات، مؤكدا أن هذا جزء لا يتجزأ من خطة إسرائيل لإفشال أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، عن طريق ضم القدس وتغيير (الستاتس كو) في المدينة، إضافة إلى ضم وادي الأردن ومناطق واسعة أخرى من دولة فلسطين المحتلة».