لبنان: المجلس الدستوري مهدد بالتعطيل اليوم.. وتمديد ولاية البرلمان محسوم

«14 آذار» تسلم سليمان مذكرة تدعو لانسحاب حزب الله من سوريا

TT

يعقد المجلس الدستوري، المكلف دراسة الطعنين المقدمين بشأن تمديد ولاية البرلمان اللبناني، اجتماعا من الناحية النظرية قبل ظهر اليوم، بعد تطيير ثلاثة من أعضائه نصاب جلستين كانتا مقررتين الأسبوع الفائت. ومن شأن تغيب الأعضاء الثلاثة المحسوبين على رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (شيعيين ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط /درزي/) لمرة جديدة اليوم أن يهدد وجود المجلس الدستوري واستمراريته من جهة، ويقابله من جهة أخرى السير بالتمديد لولاية البرلمان الحالي الذي تنتهي ولايته قانونيا بعد غد الخميس.

ويقول وزير العدل اللبناني السابق إبراهيم نجار، الذي أعاد إحياء المجلس الدستوري وساهم في تعيين أعضائه عام 2008، لـ«الشرق الأوسط» إنه من الناحية التقنية «إذا ثابر الأعضاء الثلاثة على الامتناع عن الحضور للمرة الثالثة اليوم، فسيفقدون عضويتهم في المجلس، وفق النظام الداخلي، وسيفقد المجلس الدستوري بالتالي كل إمكانية لعقد أي جلسة إذ إنه سيفقد نصابه القانوني بالكامل».

وكانت تسريبات صحافية في بيروت قد أفادت بالعمل على إنضاج تسوية تقضي بحضور الأعضاء الثلاثة اليوم، مقابل عدم السير بالطعن، للحفاظ على وجود المجلس الدستوري، انطلاقا من رفض الأعضاء الثلاثة التام لقبول الطعنين المقدمين من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. لكن نجار اعتبر أنه «من المعيب أن يقبل أعضاء المجلس الدستوري بأي تسوية سياسية من هذا القبيل»، مشددا على أن ذلك إن صح هو بمثابة «صفقة معيبة لا تليق بالقضاء». وفيما لم يستبعد أن «يكون التنبؤ عن هذه الصفقة مجرد تكهنات»، لكنه رأى أنه في «مطلق الحالات، هذا الأمر يعيب بكل مرجعية أو مقام قضائي، خصوصا إذا كانت ذات صفة دستورية».

ومن الناحية السياسة، أبدى نجار أسفه لـ«كوننا أمام محطة بارزة من تلاشي كل صدقية للمرجعية القضائية في لبنان»، وتمنى على أعضاء المجلس الدستوري «التجاوب مع طلب الرئيس اللبناني». وقال: «يعز هذا الموضوع كثيرا علي لأنني وضعت القانون لإعادة تأسيس المجلس الدستوري عام 2008، وكنت في أساس اختيار أعضائه»، آملا أن «يكونوا على قدر المواصفات التي تم على أساسها اختيارهم لعضوية المجلس». وخلص إلى التأكيد على أن «كل عضو هو أمام تحد ضميري»، داعيا إياهم إلى أن «يتحلوا بالجرأة والاستقلالية التي تليق بثقافة ومسيرة كل منهم».

وتحدد نتائج اجتماع المجلس الدستوري اليوم ملامح المرحلة السياسية المقبلة في لبنان، وتجعل الصورة أكثر وضوحا أمام الرئيس المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة تمام سلام. وبرز أمس موقف لافت لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الإلكترونية الصادرة عن حزبه. وسأل جنبلاط: «أيهما أفضل الاستمرار في السجال حول المجلس الدستوري وقانون التمديد للمجلس النيابي أم دعم الجيش اللبناني للقيام بمهماته الشاقة في المناطق الملتهبة التي تتنامى فيها مناخات التوتر والتشنج؟ أليس بعض النواب الميامين ممن يشنون حملة علينا اليوم هم من أركان التفاهم على التمديد، وهل هذا موقفهم الخاص أم موقف الكتلة التي ينتمون إليها».

وتابع جنبلاط: «أيهما أفضل أن يراهن اللبنانيون بمختلف انتماءاتهم على الحلول السحرية التي لن تتحقق في سوريا أم الذهاب إلى تأليف حكومة وحدة وطنيّة تنقل الخلاف من الشوارع والأزقة إلى طاولة مجلس الوزراء وتسعى لتنفيسه وتبريده والحد من امتداداته اليوميّة كما حصل في طرابلس والآن في البقاع الشمالي ومناطق أخرى مرشحة للتوتر أيضا (..)، أيهما أفضل أن نتواضع جميعا كقوى سياسيّة لتسهيل تأليف الحكومة الجديدة بدل أن ينظّر البعض من الأعالي ومن على التلال المرتفعة ويصدر مواقف من شأنها تعقيد الأمور بدل المساعدة على حلها؟».

من جهة أخرى، من المقرر أن ترفع قوى «14 آذار» اليوم مذكرة إلى الرئيس اللبناني، تنطلق وفق ما يقوله النائب في كتلة المستقبل عمار حوري لـ«الشرق الأوسط» من «واقع أخذ حزب الله نفسه ولبنان إلى المستنقع السوري، وانعكاساته على لبنان في مجالات مختلفة».

ويوضح حوري أن المذكرة، وهي الثانية بعد مذكرة أولى مماثلة العام الفائت، تتضمن 3 مطالب: «انسحاب حزب الله بشكل كامل من سوريا؛ ضبط الحدود اللبنانية مع سوريا من خلال نشر الجيش اللبناني على الحدود والاستعانة بقوات (اليونيفيل) وفق القرار 1701 إذا لم يكن قادرا على القيام بذلك لوحده، إضافة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني فورا ومن دون انتظار»، على أن ترفع نسخة عن المذكرة إلى جامعة الدول العربية وأخرى إلى الأمم المتحدة.

ويوضح حوري أن «فريقه السياسي أيد التمديد لأسباب أمنية معروفة ونتيجة عدم التوافق على قانون انتخاب»، لكنه أكد «رفض التدخل السياسي في عمل المجلس الدستوري»، مذكرا بأن فريقه «أكد مرارا احتكامه إلى ما يقرره المجلس الدستوري».

ويعرب حوري عن اعتقاده أنه «مع تبلور نتائج عمل المجلس الدستوري سيفتح النقاش مجددا حول تشكيل الحكومة»، ويشدد على أنه «لسليمان وسلام وحدهما حق التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة». ويتابع: «لا نريد حكومة 8 أو 4 آذار، بل حكومة غير مستفزة لأحد من دون ثلث معطل وعلى أساس المداورة في الحقائب»، موضحا «إننا لا نرفض أن تضم الحكومة وجوها سياسية لكننا نرفض وجوها مستفزة وأسماء نافرة».

وفي حين اعتبر حوري أن «تجربتي حكومتي الوحدة الوطنية والثلث المعطل لم تنجحا»، شدد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسن الحاج حسن المحسوب على حزب الله، «إننا ما زلنا وسنبقى نعمل من أجل شراكة ووحدة وطنية تتناسب مع الأحجام والكتل النيابية، فيما يقولون إنهم لن يشاركوا في حكومة فيها حزب الله وهذا يعني اتجاه الأمور بشكل خطير ومخجل ومخز في أن يقال عن فئة من اللبنانيين إنهم ليسوا لبنانيين».

من ناحيته، طالب النائب في حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل الرئيس اللبناني أن «يستعيد صلاحياته بأمر الواقع الذي نمر به ويفرض نوعا من السلطة وبأن يضرب بيد من حديد لمواجهة ما يمر به لبنان». وقال: «نحن مستمرون بمطالبة الرئيس المكلف تشكيل حكومة بأسرع وقت، لكننا على يقين أن هناك من لا يريد دولة ويهدف إلى انهيار الدولة ومؤسساتها».