رئيس البرلمان الكويتي لـ «الشرق الأوسط»: الانتخابات متوقعة في رمضان.. والمقاطعون قلة

علي الراشد أكد أن الأحزاب العربية نموذج لا يحتذى * الغبرة: تجربة المغرب الديمقراطية أقرب لنا في الكويت > الصانع: حققنا أكبر الإنجازات

علي الراشد
TT

قال رئيس البرلمان الكويتي المنحل علي الراشد، إن قرار المحكمة الدستورية العليا في الكويت الصادر أول من أمس، والقاضي بحل البرلمان مع الإبقاء على التعديلات الأميرية، في النظام الانتخابي، يعد «مفخرة للكويتيين»، ويؤكد سيادة دولة المؤسسات والقانون. وأوضح الراشد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القرار «محل احترامنا.. رضينا بمضمونه أم لم نرض.. ويعطي الفرصة لشريحة كبيرة في المجتمع كانت قد قاطعت الانتخابات السابقة للعودة والمشاركة، ما يعزز العملية السياسية في البلاد».

وفي هذا الإطار أيضا، أكد سياسيون ونواب برلمانيون كويتيون أن قرار المحكمة الدستورية يعد حلا وسطا، «اقترب من صيغة لا غالب ولا مغلوب»، رغم أنه لا يحل كل المشكلات، فيما أشار آخرون إلى أن القرارات يمكن أن تؤدي إلى انقسام في صفوف المعارضة.

ورفضت المحكمة الدستورية في الكويت في قرار أصدرته أول من أمس، دعوى المعارضة الخاصة بعدم دستورية مرسوم الصوت الواحد الذي أصدره أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وجرت بموجبه الانتخابات البرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكنها قضت ببطلان انتخابات البرلمان. وأكدت المحكمة على حق الحكومة في تعديل «أوجه القصور» في القانون وقالت إن «قاعدة الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في الكثير من الدول الديمقراطية ومن شأنها أن تتيح للأقلية أن يكون لها تمثيل نسبي في المجلس النيابي». وأضافت أن إبطال انتخابات ديسمبر 2012 جاء «بسبب عدم دستورية المرسوم الخاص بإنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات».

وقال الراشد لـ«الشرق الأوسط»، «أعتقد أن قرار المحكمة يدل على أننا في بلد مؤسسات وبلد قانون.. وهو مبعث فخر بالنسبة لنا.. وبغض النظر، عن مضمونه أعجبنا أم لم يعجبنا.. فالجميع ملتزم به». وأكد وجود انعكاسات جيدة للقرار بالنسبة للعملية السياسية، قائلا إنه «أعطى الفرصة لأكبر شريحة، في المجتمع للمشاركة، والعودة عن قرار المقاطعة، وبالتالي لم تبق إلا قلة قليلة التي بادرت بإعلان مقاطعتها للانتخابات المقبلة، التي ستجري في غضون شهرين، من تاريخ حل البرلمان». وأوضح رئيس البرلمان المنحل أن «شريحة كبيرة من القوى أعلنت تأييدها للقرارات ومشاركتها في الانتخابات بما في ذلك قطاع القبائل التي تمثل جزءا كبيرا من الشعب الكويتي.. وقد يكون هذا خيرا للكويت واستقرارها».

وأضاف «العامل الوحيد الذي قد يتسبب في تقليل نسب المشاركة ربما يكون (التوقيت).. وليس المقاطعة». وتوقع البرلماني الكويتي أن تتم الانتخابات خلال شهر رمضان، المقبل، وقال «هي فترة الإجازات الصيفية التي يسافر فيها الكويتيون إلى الخارج، لقضاء عطلاتهم، لذلك سيكون هناك إحجام من نوع ما بسبب شهر رمضان، وحرارة الصيف وسفر الكويتيين إلى الخارج.. ولكن حتما ليس بسبب المقاطعة».

ونفى الراشد أن يساهم قرار المحكمة في استمرار الأزمة.. أو أن تأتي ببرلمان مشابه، وقال «هذا متروك للكويتيين أنفسهم، إذا رأوا أن أداء البرلمان كان جيدا فيمكن أن نرى برلمانا مشابها.. أم إذا كانوا غير راضين فسيكون هناك تغيير». واتهم الراشد مستشاري الحكومة من القانونيين والسياسيين، بالتسبب في استمرار الأزمات السياسية في بلاده قائلا إنهم «يقدمون نصائح غير مدروسة مما ينتج عنه نصوص قانونية مهزوزة»، واستبعد في الوقت نفسه استمرار الأزمات مع الحكومة المقبلة، وقال إنه لا يريد الحكم مسبقا.. «ولكن بعد إعلان الأسماء الجديدة وإعطائهم فرصة للعمل قبل الحكم لهم أو عليهم».

وعن إمكانية إنشاء أحزاب في الكويت، قال الراشد إنه تقدم خلال 3 مجالس برلمانية سابقة بمقترحات لإنشاء أحزاب في الكويت ولكنها لم تجد حماسا شعبيا. وأضاف «أعتقد أن الأمثلة العربية لا تشجع على قيام أحزاب في الكويت.. لا توجد نماذج لأحزاب عربية يمكن أن تحتذى عندنا».

من جهته عد الدكتور شفيق الغبرة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والمحلل السياسي البارز، قرار المحكمة الدستورية.. بأنه انتهى إلى صيغة يمكن اعتبارها في مكان الوسط. وقال «لم تحل القرارات المشكلات.. ولكنها اقتربت من صيغة لا غالب ولا مغلوب».

وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «النقاش سيحتدم في الفترة المقبلة حول بلورة أفكار لبرامج الإصلاح السياسي.. تتضمن إقرار الأحزاب وإقرار الحريات وتطوير الحياة السياسية والتعامل مع القضايا الملحة»، مشيرا إلى وجود صيغ كثيرة مطروحة الآن للنقاش، «وأحاديث عن صوتين لكل ناخب، بدلا من صوت واحد.. ولكنها لم تتبلور بعد».

ورسم الغبرة صورة لشكل الاحتجاجات السياسية المقبلة وقال «لن تكون كما كانت في السابق.. المعارضة أرسلت رسالة إلى النظام السياسي بمقاطعتها للانتخابات ووصلت الرسالة.. ولكن مرسوم الصوت الواحد استمر.. هذا يعني أن العودة إلى الأسلوب القديم في المقاطعة ربما لا تجدي، وسيطرح تساؤلات في الشارع السياسي. لماذا تستخدم الوسيلة مرتين». وتابع «سيكون هناك تعامل سياسي مختلف مع الوضع. والبرلمان المقبل سيكون مختلفا عن الحالي.. ولكن الرؤية لم تتضح بعد، ولم تتم الدعوة للانتخابات بعد».

وقال الغبرة إن «القوى المعارضة ستكون بين نارين.. ترك الساحة لقوى إقصائية غير ديمقراطية تقوم بإقرار تشريعات تضر بمصالحها الديمقراطية، ونار المشاركة في مجلس لن تستطيع أن تحقق فيه الكثير من مكتسباتها ولكنها يمكنها المحافظة على الحد الأدنى منها»، مؤكدا أنه «لن يكون هناك إجماع على المقاطعة.. ولن يكون هناك إجماع كامل على المشاركة.. ولكن على الأقل فإن الذين يقاطعون لن يسعوا لتخوين من يشاركوا».

وقال الغبرة إن الصيغة الديمقراطية الحالية والمستمرة منذ مطلع الستينات «لم تعد تلبي الطبقات السياسية الجديدة، والمتعلمين الجدد.. لهذا فإن هذه التجربة تحتاج إلى تطوير.. وأهم مفاتيحها لا ديمقراطية بلا أحزاب سياسية». وقال «نريد أحزابا تدخل البرلمان بأغلبية تتيح لها تشكيل حكومة، تخضع للمساءلة، وينتج عنها رئيس وزراء شعبي.. وأرى هنا أن التجربة الديمقراطية المغربية هي النموذج الأقرب للتطبيق هنا في الكويت».

من جهته ثمن النائب والمحامي الكويتي يعقوب الصانع مقرر اللجنة التشريعية في البرلمان المنحل، قرارات المحكمة وقال إن «الحكم تاريخي»، مشيدا في الوقت نفسه بأداء البرلمان المنحل وقال إنه سجل أكبر الإنجازات البرلمانية في تاريخ الكويت. وأضاف أنه بسبب الصوت الواحد «تمكن أصحاب الكفاءات الحقيقية من دخول قبة عبد الله سالم (قبة البرلمان)».

واعتبر وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود الصباح في بيان صحافي أن «قرار المحكمة يعزز متانة النظام الديمقراطي الذي تتمتع به دولة الكويت». ولا تسمح الكويت بوجود أحزاب سياسية رسمية لكنها تغض الطرف عن وجود قوى سياسية تمثل مختلف الأفكار والآيديولوجيات والقوى الاجتماعية أيضا.

وقال محمد الدلال النائب المعارض السابق والقيادي في الحركة الدستورية الإسلامية لـ«رويترز» إن هذا الحكم سيكون له «تداعيات خطيرة» على الحياة السياسية الكويتية لأنه منح السلطة التنفيذية «سلطات كبيرة جدا» تمكنها من التحكم في النظام الانتخابي وبالتالي مخرجات العملية الانتخابية وما سينتج عنها من برلمان.

وقال النائب السلفي السابق وليد الطبطبائي في حسابه على موقع «تويتر» إن قرار المحكمة «أسوأ قرار فنحن لا يهمنا حل هذا المجلس بقدر ما يهمنا إلغاء مرسوم الصوت الواحد والعودة إلى نظام الأربعة أصوات الصادر بإرادة شعبية».

وخلال الأيام الماضية توقعت وسائل إعلام كويتية أن يقسم حكم المحكمة الدستورية قوى المعارضة في حال إقراره بدستورية مرسوم الصوت الواحد لأن بعضها سيرضخ للحكم القضائي ويشارك في الانتخابات الجديدة بينما سيعترض آخرون ويواصلون المقاطعة.

وأكد الدلال «قد يكون هناك مشاركون وقد يكون هناك معترضون ومقاطعون.. أنا أتكلم عن المبدأ وهو أن قوانين الانتخابات يجب أن لا تصدر بمراسيم.. المعارضة عليها مسؤولية كبيرة أن تكون عند مبادئها وعند حرصها على تطبيق الدستور وعلى إيقاف نهج السلطة بالانفراد».

وحمل نبيل الفضل النائب في برلمان ديسمبر 2012 الحكومة مسؤولية حل البرلمان بسبب ما ارتكبته من أخطاء إجرائية في تنظيم عملية الانتخابات معتبرا أن الحكم في النهاية «هو عنوان الحقيقة» ولا بد من القبول به. وتوقع الفضل مشاركة «ضعيفة جدا» في الانتخابات المقبلة. وقال إن «مجرد فكرة خوض انتخابات في لهيب الصيف الكويتي بحد ذاتها مزعجة.. كنت أتمنى لو أجلت المحكمة قرارها لما بعد الصيف».