الخارجية المصرية تعيد أزمة السد الإثيوبي إلى دائرة الدبلوماسية

توافق بين القاهرة وأديس أبابا على بدء المشاورات بمشاركة سودانية

وزيرا الخارجية المصري محمد كامل عمرو والإثيوبي تدروس أدهانوم خلال جولة مباحثات جمعتهما أمس في أديس أبابا (رويترز)
TT

اختتمت في أديس أبابا أمس المباحثات المصرية - الإثيوبية بين وزيري خارجية البلدين، حول أزمة «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، وتقول مصر إنه سيخصم من حصتها في مياه النهر. وقال بيان مشترك عقب اجتماع ضم وزيري خارجية البلدين، إن الجانبين توصلا لاتفاق يتم بمقتضاه إطلاق مشاورات على المستويين السياسي والفني - بمشاركة السودان - لتطبيق توصيات لجنة الخبراء الدولية المعنية بالسد، وبتأكيد وزارة الخارجية الإثيوبية على التزامها بنهج تحقيق المكاسب للجميع كأساس للتعاون المشترك.

وغادر وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أديس أبابا أمس متوجها في زيارة خاطفة إلى السودان، للتنسيق بين مواقف البلدين حول أزمة السد الإثيوبي، واطلاع المسؤولين بالخرطوم على نتائج الاتفاق مع أديس أبابا.

وكان الرئيس المصري محمد مرسي قد أعلن قبل أسبوعين أن «جميع الخيارات مفتوحة» للتعامل مع إثيوبيا، كما دعا سياسيون مقربون منه إلى استخدام الحل العسكري، وهو الأمر الذي أثار حفيظة أديس أبابا.

وشدد وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدهانوم، في بيان مشترك عقب انتهاء المباحثات مع نظيره المصري، على «أهمية مواصلة الحوار والاتصالات بين الجانبين»، كما أعلن عزمه زيارة القاهرة في المستقبل القريب. وقال البيان إن الوزيرين أعادا التأكيد على التزامهما بدعم العلاقات الثنائية بين بلديهما، وتنسيق جهودهما للوصول إلى تفاهم إزاء كافة المسائل العالقة بين البلدين في إطار من الثقة والانفتاح.

ورحب وزير الخارجية الإثيوبي بالمبادرة المصرية لبدء المشاورات بين وزراء الموارد المائية والخارجية في البلدان الثلاثة، على المستويين الفني والسياسي، لضمان تنفيذ التوصيات المشار إليها. ووفقا للبيان، فقد أعرب وزير الخارجية المصري عن «شواغل مصر إزاء التأثيرات المحتملة لسد النهضة الإثيوبي على استخدامات مصر من المياه»، وأن وزير الخارجية الإثيوبي أكد له أن «سد النهضة سيستخدم لأغراض توليد الطاقة، ويتم بناؤه بأسلوب يأخذ في الاعتبار الشواغل الخاصة بالأمن المائي المصري». وأن الجانبين «اتفقا على أن يؤخذ في الاعتبار المصالح التنموية لإثيوبيا، وكذا الشواغل الخاصة بالأمن المائي لدول المصب».

من جانبه، وصف المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي، المباحثات التي جرت في أديس أبابا بأنها «تمت في أجواء إيجابية وروح من التعاون»، مؤكدا أن «الزيارة خطوة أولى في إطار إطلاق عملية سياسية ممتدة تضم مصر والسودان وإثيوبيا لتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة الخبراء المعنية بالسد، التي ضمت خبراء من الدول الثلاث بجانب خبراء دوليين، تتبعها اتصالات مستمرة على أعلى المستويات».

في المقابل، قال الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن «الاتفاق المصري الإثيوبي يعني أن القاهرة قبلت باستمرار إثيوبيا في بناء السد بنفس المواصفات الحالية دون أي تغيير لحين إتمام الدراسات الفنية حول السد لبحث آثاره، وفقا لما ذكره تقرير اللجنة الفنية الثلاثية، الذي أعلن وزيرا الخارجية المشاورات حوله».

وشدد رسلان لـ«الشرق الأوسط» على أن «موقف وزير الخارجية المصري يتناقض مع تصريح رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل قبل أسبوعين، الذي طالب بوقف بناء السد فورا، بما يعني ارتباكا رسميا وعدم وضوح في الرؤية، أو ربما تراجعا عن لغة التشدد التي تبنتها مصر قبل ذلك».

وأشار رسلان إلى أن «أقصى ما يمكن أن تحققه مصر من خلال مفاوضتها مع إثيوبيا هو أن تجبرها على تعديل مواصفات السد؛ بحيث تكون سعته التخزينية 14 مليار متر مكعب، بدلا من 74 مليارا، وأن الإصرار على خلاف ذلك يعني بوضوح إلحاق الضرر بمصر».

وفي تصريحات منفصلة، قال تادروس أدهانوم إن «عملية إنشاء سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق لن تتوقف»، معبرا عن «اعتقاده بأن كل الإثيوبيين سيعملون باتجاه نجاح إنشاء هذا السد»، على حد وصفه. ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن الوزير قوله أمس إن «هذا السد لن يتوقف على الرغم من المعلومات السلبية التي نشرها سياسيون مصريون بشأنه»، مشيرا إلى أنه «يبنى بموارد الشعب الإثيوبي، ويهدف إلى الحد من الفقر والوفاء بالطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية في البلاد».

وعقب وصوله إلى العاصمة السودانية أمس، قال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو في تصريحات صحافية، إن مشاوراته مع المسؤولين الإثيوبيين أكدت له أن إثيوبيا لا تنوي مطلقا الإضرار بالأمن المائي لكل من السودان ومصر، وأنها وعدت بالمحافظة على كميات المياه التي تصل إلى البلدين، وأن البلدان الثلاثة تعمل بتنسيق تام بشأن مياه النيل. وسلم الوزير المصري رسالة شفهية للرئيس عمر البشير من الرئيس محمد مرسي تتعلق بمسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها ودعمها بما يخدم مصالح شعبي البلدين، أثناء استقبال البشير له، موضحا عقب اللقاء أن الحديث تطرق للاستعدادات الجارية لافتتاح الطريق البري بين السودان ومصر، الذي يتوقع أن يسهم في تطوير التعاون السوداني - المصري.