مسؤول مغربي يقر بوجود تطبيع ثقافي مع ظاهرة الفساد في المجتمع

أبو درار: تساهل آليات المساءلة يساعد على تفشيها

TT

أقر مسؤول مغربي بوجود تطبيع ثقافي مع ظاهرة الفساد في المجتمع، وأن الغالبية تعتبر الرشوة أمرا عاديا وممارسة جيدة لتحقيق المصالح.

ولم تفلح مختلف البرامج التي وضعتها الحكومات السابقة في الحد من انتشار مظاهر الفساد المالي والإداري في البلاد.

وأوضح عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المغربية للوقاية من الرشوة، الذي كان يتحدث أمس في ندوة حول «دور التربية في تعزيز قيم النزاهة» نظمت بشراكة مع وزارة التربية والتعليم في الرباط، أن نتائج استطلاعات الرأي التي أنجزت في المغرب في إطار كل من البارومتر (المقياس) العالمي وتحقيقات النزاهة، أفضت إلى تأكيد أن شيوع التعامل الرافض للرشوة لا ينفي بل يتعايش مع استمرار مظاهر التعامل المتقبل لها. ويبرز ذلك بجلاء في أن الرشوة تعد من طرف غالبية الأسر والمؤسسات المستجوبة أمرا عاديا وممارسة جيدة لتحقيق المصالح، الأمر الذي يدفع إلى العزوف عن التبليغ عن أفعال الفساد والتسليم بصعوبة التصدي لها واعتبار المجهودات المبذولة في مجال مكافحتها غير ذات فعالية.

وأشار أبو درار إلى أنه لتفسير هذا التطبيع الثقافي مع ظاهرة الفساد، فإن مختلف البحوث الاجتماعية ترجعه إلى عدة عوامل، يمكن اختزالها في النقص المزمن في حس المصلحة العامة مقابل تفضيل المصلحة الفردية الضيقة، وتساهل آليات المساءلة وإنفاذ القانون في التصدي الصارم لظاهرة الفساد.

وقال أبو درار إنه في مثل هذه الظروف، أصبح من المسلم به أن سياسة مكافحة الفساد لا يمكن أن تقتصر على تعزيز الآليات الزجرية والوقائية رغم أهميتها، بل ينبغي أن تدرج ضمن أولوياتها توظيف التربية والتوعية في خدمة ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة، مشيرا إلى أن ظاهرة الفساد تمثل حاليا إشكالية تنموية ذات أبعاد متعددة تتخطى الحدود المحلية، وتساهم في إبراز مجموعة من الجرائم والسلوكيات ذات انعكاسات وخيمة على استقرار وأمن المجتمعات.

ودعا أبو درار إلى إطلاق برنامج وطني للتربية على النزاهة ومكافحة الفساد يهدف، على غرار الأرضية المواطنة، إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان، كما دعا المسؤول المغربي إلى إنجاز دراسة ميدانية لتشخيص ظاهرة الفساد بقطاع التعليم، وتقييم آليات الوقاية والمكافحة المعتمدة، وتحديد خريطة مخاطر الفساد تسمح بإعداد استراتيجية محكمة وبرنامج عمل للوقاية من الفساد ومكافحته مع وضع معايير محددة لتتبع التنفيذ، وذلك بعد ما تبين أن اتفاقيات التعاون التي وقعت بين الهيئة ووزارة التربية والتعليم في السابق لم تنفذ على أرض الواقع.

وذكر أبو درار بالاجتماعات والاتفاقيات الدولية التي عقد في السنوات الأخيرة من أجل مكافحة الفساد، وتوجت بإبرام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، جرى التوقيع عليها في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2003.

كما ذكر بانخراط المغرب في محاربة الفساد بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة عام 2007 التي ارتقى بها الدستور الجديد إلى مصاف هيئات الحكامة المستقلة تحت اسم «الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها».

وكانت الهيئة قد أعدت استراتيجية عامة لسياسة الوقاية من الرشوة، اقترحتها على الحكومة، تحث على انخراط مختلف المؤسسات في برنامج مكافحة الفساد والتربية على قيم النزاهة.