احتجاجات أمام مقر جهاز المخابرات لأول مرة في طرابلس

مرشح لرئاسة البرلمان الليبي لـ«الشرق الأوسط»: أداء حكومة زيدان مخيب للآمال

سالم الحاسي
TT

وصلت أمس حمى الاحتجاجات التي تجتاح ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، إلى مقر جهاز المخابرات للمرة الأولى، حيث نظم عدد من عناصره بمشاركة مجموعة من الثوار وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وقفة احتجاجية أمام مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) للمطالبة بتصحيح مسار المخابرات ولتحقيق الأهداف المرجوة منها لخدمة الصالح العام.

وقالت وكالة الأنباء الليبية إن المحتجين طالبوا بإقالة ومحاسبة سالم الحاسي الرئيس الحالي لجهاز المخابرات، وتكليف وكيل رئيس الجهاز لشؤون التنسيق والمتابعة لتسيير أعمال الجهاز حتى يتم انتخاب أو ترشيح شخصية أخرى لرئاسة هذا الجهاز من قبل المؤتمر الوطني.

كما شددوا على ضرورة أن يكون ولاء هذا الجهاز للوطن ومحبة أبنائه في ظل دولة العدالة الاجتماعية والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون والالتزام بالضوابط والمعايير المعمول بها؛ تحقيقا للغاية النبيلة التي قامت من أجلها ثورة 17 من فبراير (شباط).

وجاء هذا الاحتجاج في وقت ناقش فيه المؤتمر الوطني بمقره بالعاصمة طرابلس مشروع قانون انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد.

وقال صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر، الذي ترأس جلسة أمس، إن عدد الأعضاء الذين حضروا هذه الجلسة 82 عضوا، بينما غاب 82 عضوا، فيما تم استبعاد 10 أعضاء وتغيب 28 عضوا بإذن.

وحدد المؤتمر الوطني يوم الثلاثاء الموافق 25 من الشهر الجاري موعدا لانتخاب رئيسه الجديد خلفا لرئيسه المستقيل الدكتور محمد المقريف.

ويعتبر هذا هو التأجيل الثاني من نوعه لهذه الجلسة الحاسمة التي كانت مقررة مبدئيا يوم الأحد الماضي، قبل أن يتم تأجيلها على خلفية الأحداث الدامية التي وقعت أخيرا بمدينة بنغازي (شرق البلاد) وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى لدى مهاجمة متظاهرين لمقر كتيبة تابعة للجيش الليبي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عدد المرشحين للتنافس على المنصب وصل إلى ثمانية مرشحين، منهم خمسة على الأقل من المنطقة الشرقية التي يعتقد البعض أن المنصب يجب أن يذهب إلى أحد أبنائها على اعتبار أن بقية المناصب الرئيسية في المؤتمر موزعة ما بين المنطقتين الجنوبية والغربية.

ولم يعلن تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه الليبرالي الدكتور محمود جبريل أو غريمه حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وكلاهما يستحوذ على غالبية المقاعد الـ80 المخصصة للأحزاب في المؤتمر - حتى الآن أي دعم مباشر لأي من المرشحين الثمانية.

لكن مصادر مطلعة في المؤتمر الوطني قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن حزب «الإخوان» يدعم ترشيح مقرر المؤتمر نوري أبو سهمين، في مواجهة جمعة السائح الرئيس الحالي للجنة الدفاع بالمؤتمر وغير المحسوب على أي تيار سياسي. وسيبحث المؤتمر الوطني ما إذا كان سيقصر جلسته المرتقبة والحاسمة الأسبوع المقبل على اختيار رئيس للمؤتمر فقط أو يقوم بعملية انتخاب لكل أعضاء الفريق الذي يتولى رئاسة المؤتمر. واستبق السائح الجلسة المقبلة للمؤتمر، بشن هجوم لاذع ضد رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور علي زيدان على خلفية تصريحاته في زيارته الأخيرة لمدينة بنغازي.

ورأى السائح في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من طرابلس، أن «حكومة زيدان تترنح.. وعليها أن تغير سياستها الحالية أو ترحل»، معتبرا أن «الأداء العام للحكومة ولرئيسها لم يكن على المستوى المطلوب».

وأضاف السائح: «استبشرنا بتولي الدكتور زيدان منصبه نظرا لتاريخه النضالي والسياسي المعروف، لكن الرجل خيب ظننا وظن الرأي العام في البلاد، نعيش حالة إحباط بسبب ذلك».

وقال السائح: «إن الخطاب الإعلامي لزيدان ليس موفقا على الإطلاق، مؤتمره الصحافي الأخير هزيل. عيب عليه أن يقول إن ما حدث في بنغازي قضاء وقدر. هذا سبَّب إحباطا للناس. الرجل كل أسبوع يخسر جانبا كبيرا من مؤيديه».

من جهته، اعتبر زيدان أن محاكمة رموز النظام السابق هو أمر سيادي يخص ليبيا، وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بثتها أمس، إن محاكمة رموز النظام السابق، ومن بينهم سيف الإسلام نجل القذافي، هو أمر سيادي رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية لطرابلس بتسليمها سيف وعبد الله السنوسي رئيس الاستخبارات في عهد القذافي، مؤكدا أن سيف القذافي وغيره سيلقون محاكمة عادلة.

ورأى أن الوضع الأمني في ليبيا سيتحسن بعد التدهور الذي شهده في الآونة الأخيرة، خاصة في مدينة بنغازي، مضيفا أن «المشهد الأمني فرضته استحقاقات معينة لا بد أن نواجهها، ويجب أن ننطلق من رؤية شاملة لكل ما يتعلق بأمور الناس الحياتية».

وردا على الاتهامات لليبيا بأنها قد تتحول إلى ملاذ للجماعات الإسلامية المتطرفة، قال زيدان إن «الحكومة لها قوات ردع جاهزة للتعامل مع هذه الحالات، فعندما استقال وزير الداخلية حاولت مجموعة مسلحة اقتحام وزارة الداخلية، فتصدت لها الأجهزة الأمنية واعتقلت 17 شخصا».

وبعدما نفى صحة تقارير تتحدث عن تسرب عناصر من ليبيا ودخولهم النيجر، قال زيدان: «التحريات أثبتت أن هؤلاء جاءوا من دولة أخرى»، واصفا المشهد بأن فيه «كثيرا من التضخيم والتهويل».

وفي غضون ذلك، أعلنت القوة الرابعة لدرع ليبيا التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي اعتقال مجموعة وصفتها بأنها «خارجة عن القانون» وبحوزتها 34 صاروخا من نوع «إم 9».

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن عبد الجليل حفيظ الناطق الإعلامي لقوة درع ليبيا أن هذه الصواريخ هي أرض - أرض ويبلغ مداها 200 كيلومتر، مشيرا إلى أنه تم القبض على هذه المجموعة بالمدخل الجنوبي لمدينة غريان، وإحالتها للقضاء وتسليم الصواريخ للجيش الليبي بالمدينة.