الصراعات المسلحة ترفع عدد اللاجئين في العالم لنحو 45 مليونا

50 طفلا سوريا يولد يوميا في الأردن.. وتوقعات أن يبلغ عدد المهجرين 3.5 مليون في دول الجوار

ساتر في أحد شوارع حمص لاتقاء رميات القناصة أمس (أ.ب)
TT

أعلنت الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين في العالم بلغ مستوى قياسيا العام الماضي، إذ تجاوز عدد المهجرين عتبة الـ45 مليونا عام 2012. وهو أكبر عدد من النازحين منذ 1994، العام الذي شهد الإبادة في رواندا وعواقب تفكك يوغوسلافيا السابقة. ووفق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يتحدر نحو 55% من اللاجئين من بلدان طالتها نزاعات كأفغانستان والصومال والعراق وسوريا والسودان. كما يشير التقرير إلى حركات نزوح أعداد كثيفة من اللاجئين الجدد من مالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان. ويذكر أن نحو 1.6 مليون لاجئ سوري يتوزعون حاليا على 5 دول من المنطقة، وتتوقع المفوضية أن يصل عددهم في نهاية 2013 إلى 3.5 مليون لاجئ بينهم مليون في لبنان ومليون في الأردن ومليون في تركيا و350 ألفا في العراق ومائة ألف في مصر.

وبين الحقوق المفقودة والعنصرية المقنعة، تتشابه معاناة اللاجئين في مختلف أنحاء العالم، وتشكل أوضاع النازحين السوريين في لبنان خير مثال على هذا الواقع الأليم. فهم الذين هربوا من الحرب بحثا عن ملاذ آمن، فإذا بهم يجدون أنفسهم في حرب من نوع آخر. لا مسكن يأويهم ولا مساعدات تؤمن قوت يومهم وملبسهم، ليتحولوا ومن دون أن يدروا إلى مجرمين حينا ومتهمين أحيانا. عشوائية التنظيم أو فقدانه من جهة وتسييس وضع اللاجئين من جهة أخرى.

وعشية اليوم العالمي للاجئين، أفادت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته أمس أن عدد المهجرين في عام 2012 بلغ أكثر من 45.2 مليون شخص معظمهم هجرتهم النزاعات، وهو أعلى رقم يسجل منذ نحو عشرين عاما، متوقعة أن يرتفع عدد اللاجئين السوريين إلى الضعف بحلول نهاية العام الجاري، فيما كانت منظمة الأمم المتحدة للرعاية والطفولة (اليونيسيف) قد أعلنت منذ يومين، أن اللاجئين السوريين في لبنان يشكلون أكثر من 30% من المسجلين في المنطقة، ويقيم نحو 30% من اللاجئين الآخرين في الأردن، ونحو 20% في تركيا.

وأعرب غوتيريس عن قلقه للعدد القياسي للأطفال طالبي اللجوء الذين يسافرون وحدهم (21300). وقال: «إن هذا يتحول إلى إحدى أخطر المشكلات الإنسانية التي نواجهها لأن هؤلاء الأشخاص يسافرون عبر أنظمة يسيطر عليها مهربون». كما يمثل الشباب ما دون الثامنة عشرة 46% من اللاجئين في العالم بحسب مفوضية اللاجئين. ووفقا لميليسا فلامغ، كبيرة المتحدثين في المفوضية، فإن 50 طفلا سوريا يولدون يوميا في الأردن ما يعني أن طفلا سوريا على الأقل يولد في الشتات كل 30 دقيقة تقريبا.

وفي إطار الجهود التي تبذلها الوزارات اللبنانية المختصة بشأن قضية اللاجئين السوريين، عقد أمس، اجتماع ضم وزراء الداخلية مروان شربل، والشؤون الاجتماعيّة وائل أبو فاعور والاقتصاد نقولا نحاس والعمل سليم جريصاتي، لمتابعة هذا الملف على الصعد كافة. ولفت شربل إلى أنّ الاجتماع «يأتي في إطار الاجتماعات المكثفة لمعالجة هذا الملف الذي بات يشكل عبئا بشريا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا نتيجة أعداد هؤلاء النازحين المتزايدة التي بلغت أكثر من مليون، وهي قابلة للتفاقم مع تطور الأحداث في سوريا».

وقال شربل لـ«الشرق الأوسط»: «بات السوريون يشكلون عبئا إضافيا على لبنان وأهله الذين يعانون بدورهم من وضع اقتصادي صعب، وبالتالي علينا العمل على معالجة الموضوع، بما لا يضرّ اللاجئين ولا يؤثر سلبا على اللبنانيين. لذا فإن مسألة تنظيم عمل هؤلاء هي المسألة الأولى التي بدأنا العمل عليها، بحيث لا يتم استغلال القضية لمنافسة اللبنانيين والتأثير سلبا على مؤسساتهم وأعمالهم، بما يراعي الأنظمة والقوانين، إضافة إلى بذل الجهود لتأمين المساعدات للسوريين، لا سيّما أن الدول المانحة التي يفترض أن تقدم لنا المساعدات لم تفعل لغاية اليوم، وما يقدّم للنازحين هو من خلال المنظمات الإنسانية».

من جهته، شدّد أبو فاعور على «التزام لبنان الجانب الإنساني والأخلاقي والمسؤوليّة الأخويّة التي تقوم بها الدولة إلى أقصى حد، ولن تتهاون في هذا الواجب على الإطلاق بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة»، مركزا على «وجوب حماية المواطن اللبناني كما حماية النازح السوري، ولا سيما في ضوء التوتر الذي يتطور إلى اصطدام في أكثر من منطقة لبنانيّة على خلفية اقتصاديّة اجتماعيّة والمنافسة الاقتصاديّة».

وأوضح أبو فاعور أنّ «الوزارات المعنية تولي اهتماما بكيفية تنظيم المنافسة الاقتصاديّة ومنع غير المشروعة منها التي تزاحم العمال اللبنانيين وتهددهم بلقمة عيشهم، إذ تبين من إحصاء قامت به الخلية الأمنية في 7 بلدات أنّ هناك 377 محلا لمختلف النشاطات الاقتصاديّة تم افتتاحها من النازحين السوريين خلافا للقانون اللبناني، مما أدى إلى بطالة العمال اللبنانيين وتراجع أوضاعهم الاقتصادية».

وتعتبر مصر الوجهة الأفضل للاجئ السوري، إذ لا يحتاج إلى تأشيرة ويستطيع الطلاب متابعة دراستهم هناك. ويتركز وجود اللاجئين السوريين في مصر في عدة مدن رئيسية أهمها الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط. وكذلك مدن السادس من أكتوبر والشروق والرحاب القريبة كلها من العاصمة القاهرة.

وفي شوارع الإسكندرية المتقاطعة مع شارع الكورنيش الرئيسي، الذي يعج بالمصطافين والحركة، تختلط رائحة البحر بروائح الأطعمة السورية خاصة الشاورما والكباب المشوي على الطريقة الشامية، ومن السهل أن تستمع في كل مكان، خاصة في منطقة ميامي في الإسكندرية، وفي المدن المحيطة بالقاهرة إلى اللهجة السورية التي أصبحت منتشرة بشكل لافت.

وتمكن «اللاجئون المقتدرون» من استئجار بيوت للإقامة وافتتاح مشروعات صغيرة مثل المقاهي والمطاعم ذات الطابع الشامي ومحلات الحلويات، بالإضافة إلى وجود طبقة لرجال أعمال سوريين تكونت سريعا من بين من خرجوا من بلادهم بنصيب معقول من الأموال التي مكنتهم من المشاركة في مصانع وافتتاح مكاتب عقارية والاتجار في الأراضي والسلع الغذائية وغيرها في عدة مدن مصرية.