الرئيس الأميركي: نريد إنهاء الحرب في سوريا وليس خوضها

دافع عن البيان الختامي لـ «جي 8».. وقال إن «التسوية السياسية» هي المخرج

TT

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إن التقارير التي تتحدث عن استعداد بلاده لخوض حرب في سوريا مبالغ فيها، مضيفا أن واشنطن «تريد إنهاء الحرب وليس خوضها». وحول ما صدر عن اجتماعات الدول الثماني أول من أمس، أكد أوباما أن البيان الختامي الصادر عن المجموعة، والذي تجنب ذكر مصير الرئيس بشار الأسد، كان خطوة جديدة في تحقيق الرؤية الأميركية لحل الأزمة السورية، المتمثلة بحكومة انتقالية تمتلك جميع الصلاحيات ولديها القدرة على وضع حد للقتال ووقف حمامات الدماء.

وأضاف أوباما: «بعض التقارير التي ترددت علنا تجاوزت الحد عندما ذكرت أن الولايات المتحدة تستعد بطريقة أو بأخرى للمشاركة في حرب أخرى. ما نريده هو إنهاء الحرب». وأردف قائلا: «نحن على ثقة من أن الحكومة السورية قد استخدمت في واقع الأمر أسلحة كيماوية. والروس متشككون».

وأكد الرئيس الأميركي، في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في العاصمة الألمانية برلين: «نريد إيقاف سفك الدماء والحيلولة دون استخدام أسلحة كيماوية ودون وصولها إلى أيادي أناس يعتزمون استخدامها. نعتقد أن أفضل مخرج لسوريا من أزمتها هو انتقال سياسي. وقلنا هذا منذ سنتين، وكررناه العام الماضي. لقد اتخذ الرئيس (بشار) الأسد قرارات مغايرة لذلك، وهو ما جلب الفوضى والدماء لبلاده وقتل شعبه»، مضيفا أنه من غير المعقول أن يحظى الأسد بالشرعية بعد قتله أكثر من مائة ألف وتشريده للملايين.

وأشار أوباما إلى أنه يحاول تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع، قائلا إن «السؤال الآن يتمحور حول آلية التطبيق، وهذا ما قلته للرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين. إن أردنا أن نبقي سوريا بلدا موحدا وأن نوقف سفك الدماء، فكيف لنا أن نقوم بذلك؟ الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي عبر عملية انتقال سياسي».

من جانبها، قالت ميركل إن ألمانيا لن تسلح المعارضة حتى رغم انتهاء الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على السلاح في سوريا، موضحة أن ألمانيا لديها قواعد قانونية «واضحة للغاية» تمنع توريد أسلحة للمناطق التي يوجد بها «حروب أهلية»، بحسب تعبيرها. وذكرت ميركل أن هذا لا يعني أن ألمانيا لن تلعب دورا بناء في العملية السياسية والمساعدات الإنسانية في سوريا. وأوضحت المستشارة أنها تتفق والرؤية الأميركية لناحية أن نظام الأسد فقد شرعيته، مضيفة أنه من المهم الآن تنفيذ بيان قمة مجموعة الثماني والمحاولة مع روسيا لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا.

ولدى سؤاله عن نوعية الأسلحة التي تعتزم واشنطن تزويد المعارضة بها، رفض أوباما تحديد طبيعة المساعدة العسكرية الجديدة، وقال إنه «لا يمكنني التعليق على تفاصيل برامجنا المرتبطة بالمعارضة السورية ولن أقوم بذلك»، مضيفا: «ما أستطيع أن أقوله هو أننا نريد أن تكون سوريا معافاة وغير طائفية وديمقراطية وتسود فيها الشرعية وروح التسامح. هذا هو هدفنا الأسمى. نريد إنهاء إراقة الدماء والتأكد من عدم استخدام الأسلحة الكيماوية ولا سقوطها في أيدي أناس لديهم نوايا لاستخدامها».

ويرى محللون إسرائيليون أن تسليح المعارضة السورية بأسلحة خفيفة لن يكون له تأثير على إسرائيل، وقال الباحث في مركز العلاقات الدولية في هرتسيليا جونثان سباير: «إن كان ذلك يعني توفير أسلحة صغيرة وذخيرة مثل صواريخ (آر بي جي) وقذائف الهاون، فلا أظن أن هذا سيعني شيئا بالنسبة لإسرائيل، ولست متأكدا إن كان سيعني شيئا بالنسبة للثوار». وأكد سباير أنه «حتى لو وصلت بعض هذه الأسلحة إلى أيدي عناصر جهادية متطرفة مثل جبهة النصرة فإن هذا ليس خطرا استراتيجيا كبيرا، بل مصدر للإزعاج».

ويتفق الدكتور جاك نيريا، وهو مستشار سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين، على أن ذلك يعتمد على نوعية الأسلحة التي تنوي الولايات المتحدة تقديمها للمعارضين. وقال: «الأسلحة المضادة للدبابات هي إشكالية؛ لأنه في السابق انتهت الأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة لحلفائها في لبنان أو غزة»، في إشارة إلى أسلحة المجاهدين في أفغانستان التي تعتقد إسرائيل أن معظمها تسرب إلى أيدي حزب الله الشيعي اللبناني والجماعات الإسلامية في قطاع غزة.

في غضون ذلك، قال مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف إن «البيان الختامي الصادر عن قمة مجموعة الثمانية في آيرلندا الشمالية يتضمن التأكيد على ضرورة عقد مؤتمر (جنيف2) بأسرع ما يمكن»، وهو ما تعمل موسكو في إطاره. ومن المرتقب أن يسافر إلى جنيف للمشاركة في الأعمال التحضيرية للمؤتمر التي تبدأ في 25 يونيو (حزيران) الجاري، نائبا وزير الخارجية غينادي غاتيلوف المسؤول عن ملف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وميخائيل بوغدانوف المسؤول عن ملف البلدان العربية والمبعوث الشخصي للرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط.

ورغم أن أوشاكوف أعلن أنه من الصعب الحديث عن أي مواعيد محددة، فقد أشار إلى أن «مختلف الأطراف، بما في ذلك الدول الأعضاء في مجموعة الثماني، كانت ولا تزال تعمل مع المشاركين المحتملين في هذا المؤتمر. وقد وافقت القيادة السورية على المشاركة في (جنيف2)، وذلك بعد جهودنا الفعالة لإقناعها».

وتعليقا على تصريح رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر لصحيفة «تورونتو ستار» قبيل قمة الثماني الكبار، الذي سخر فيه من دور بوتين وقال إن مناقشة الموضوع السوري خلال القمة ستتحول إلى مباحثات على شكل «1+7»، والذي أثار اهتماما كبيرا لدى وسائل الإعلام - قال مساعد الرئيس الروسي: «لا أعرف هل يمكن اعتبار ذلك طرحا موفقا أم لا. هذا ما يجب أن يحكم عليه رئيس الوزراء بنفسه». وأضاف أوشاكوف أن تصريح هاربر جاء قبل بدء المباحثات حول سوريا، و«من موقف المتفرج». وتابع قائلا إنه «حين انضم رئيس الوزراء إلى المناقشات، وشعر بما يبحثه قادة الدول التي تشارك بنشاط في إيجاد التسوية بسوريا، فإنه، حسبما أفهم، وافق على نص البيان الختامي الذي لا يعكس تفاصيل مواقف روسيا والدول الأخرى فحسب، بل يعكس التوجه العام لإيجاد تسوية سياسية لهذه الأزمة وضمان الاستقرار».