توقعات بتجاوز سعر الدولار 300 ليرة نهاية يوليو

فقدت 77% من قيمتها.. وخبراء يشبهون سوريا بلبنان في الثمانينات

TT

لم تؤت حزمة «الإجراءات الإسعافية» التي اتخذتها الحكومة السورية لوقف «السقوط الحر» لسعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي أو كلها، إذ جرى تداول الليرة السورية أول من أمس بـ205 ليرات للدولار الواحد، ما يعني فقدان الليرة لـ20 في المائة من قيمتها في غضون الأيام الأربع الماضية فقط، و77 في المائة من قيمتها منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد في مارس (آذار) 2011 حينما كان سعرها 47 ليرة للدولار.

وعزا تجار الهبوط الحاد إلى عدم وفاء محافظ البنك المركزي أديب ميالة بوعوده بدعم العملة السورية، التي وصلت إلى 100 ليرة في مقابل الدولار نهاية العام الماضي، وجاء التراجع الحاد، بعد انخفاض لسنتين تقريبا، على رغم من تصريحات تفيد بأن سوريا تتلقى مساعدات مالية من حلفائها روسيا وإيران، وحديث في السوق عن وديعة إيرانية بمليار دولار على الأقل في البنك المركزي، وفق بعض المتعاملين.

ووضع الخبير الاقتصادي اللبناني إيلي يشوعي هبوط الليرة في سياق «العقوبات الدولية المفروضة على سوريا والتطويق للاقتصاد والإنتاج والمبادلات التجارية الخارجية»، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «وضع سوريا اليوم هي صورة طبق الأصل عن لبنان في الثمانينات خلال سنوات الحرب الأهلية».

وأوضح يشوعي أن «إنتاج البترول السوري الذي كان يباع منه 100 ألف برميل إلى أوروبا توقف بالكامل، وهذا من العوامل الأساسية التي تؤدي حكما إلى تراجع سعر صرف أي عملة محلية». ولفت إلى أن «الحل الوحيد لإنقاذ الليرة السورية هو نجاح مؤتمر (جنيف 2) وعودة الهدوء والاستقرار إلى البلاد».

وتسبب هبوط سعر الليرة السورية بارتفاع جنوني لأسعار السلع والمواد الأساسية في العاصمة دمشق ومدن سوريا أخرى، حيث ارتفع سعر كيلوغرام اللحوم من قرابة 300 ليرة مع بداية الأزمة وصولا إلى ألف ليرة اليوم بعد أن كان 850 ليرة خلال الأسبوع الماضي.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن «المواطنين في المناطق المحررة يحولون مدخراتهم وممتلكاتهم المالية من الليرة السورية إلى العملات الأجنبية بعد ارتفاع سعر الدولار». وطالبوا «المؤسسات المسؤولة عن إدارة المناطق المحررة بضرورة الابتعاد عن التعامل بالليرة السورية والتعامل بعملات دول الجوار إما الليرة التركية في شمال سوريا أو الدينار الأردني في جنوبها بغرض المساهمة في انهيار اقتصاد النظام».

وكان البنك المركزي قد ضخ 100 مليون يورو بهدف تخفيف هبوط الليرة دون أن تحدث هذه الخطوة أي تحسينات في تخفيف هذا الهبوط. وبحسب الدكتور أسامة القاضي، رئيس المكتب الاقتصادي في المجلس الوطني السوري، فإن أسباب تراجع سعر صرف العملة السورية يعود إلى أن «العملة السورية في الأصل كانت تستند فقط على المصرف المركزي ولم تكن تستند على أي كمية من السلع والخدمات التي تنتجها سوريا كعادة أي عملة، لكن في كل مرة يتخلى المصرف المركزي عنها تهبط العملة السورية من عشرة إلى عشرين في المائة. وكان أكبر هبوط لليرة السورية وصل في السوق السوداء إلى نحو مائتين وخمسة وثلاثين ليرة سوريا».

وتوقع القاضي أن «يصل سعر صرف الدولار إلى 300 ليرة سوريا مع نهاية الشهر الحالي وحلول شهر رمضان المبارك»، مشيرا إلى أن «هبوط سعر الليرة سوف يؤثر على نحو مليون ونصف المليون موظف في القطاع العام، يعتمدون على مداخيلهم من الحكومة السورية، كما يؤثر على عشرة ملايين نسمة لأنهم يعيلون عائلات كثيرة».

في غضون ذلك، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد ووزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قدري جميل، في تصريح لصحيفة «الوطن» شبه الرسمية أن الدولار «سيهبط خلال أيام بشكل تدريجي ليصل إلى 100 ليرة» و«سوف يهبط إلى 170 ليرة ثم إلى 130 ليرة، ثم يهبط إلى هدفه فيما بعد وهو 100 ليرة سوريا وهو الهدف الذي تعمل الحكومة على تحقيقه».

وكانت قيمة الليرة قد سجلت تدهورا سريعا ومفاجئا ليصل لمستوى غير مسبوق حيث بلغ سعر الدولار 225 يوم الأحد الماضي، الأمر الذي أدى الجمود حركة سوق الصرف فيما اضطربت أسعار السلع في السوق، وراحت ترتفع بشكل فوضوي.