مصادر فرنسية: حزب الله جلب النزاع السوري إلى لبنان

حذرت من أن المؤشرات الاقتصادية تنذر بمخاطر

TT

حملت مصادر فرنسية دبلوماسية رفيعة المستوى الطبقة السياسية مسؤولية كبرى في تدهور الوضع السياسي والمؤسساتي وتهافت الاقتصاد وتعميق الانقسامات داخل المجتمع والوصول بلبنان إلى حافة الهاوية.

وقالت هذه المصادر إن التدخل السافر لحزب الله في سوريا إلى جانب النظام «أوجد حالة جديدة»، لا بل «تغييرا جذريا» في الوضع، إذ إنها المرة الأولى التي «يستجلب فيها النزاع في سوريا إلى لبنان بشكل مباشر»، كما أن مشاركة قوات حزب الله في إسقاط مدينة القصير «أجج الأحقاد الطائفية وشكل عتبة جديدة في التصعيد» ودفع لبنان إلى عتبة المواجهة الداخلية. وترى هذه المصادر أن الوضع بكليته في لبنان «وصل إلى طريق مسدود تماما». عوارضه، من جهة، تعطل عمل المؤسسات، حيث لا حكومة ولا انتخابات ولا برلمان يقوم بعمله التشريعي، ومن جهة أخرى فشل الأحزاب في الاتفاق على صيغة تعايش.

ووسط هذا الأفق المكفهر، ترى باريس أن ثمة ثلاث مؤسسات «ما زالت تعمل»؛ أولاها مؤسسة رئاسة الجمهورية «لكنها ضعيفة وعاجزة عن التأثير في مسار الأحداث من غير دعم سياسي». وثانيها، مؤسسة الجيش، ولكن «يتعين عليه إطفاء الحرائق من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق»، فضلا عن أنه «عاجز عن الدخول في مواجهات مباشرة بسبب المخاوف من انقسامه وحاجته الدائمة إلى غطاء سياسي». أما المؤسسة الأخيرة، فهي البنك المركزي الذي يتعين عليه مواجهة وضع اقتصادي بالغ الصعوبة، حيث كل المؤشرات الاقتصادية تنذر بالمخاطر.

وتبرز إلى الواجهة، إلى جانب التوتير الطائفي، بحسب المصادر الفرنسية، المخاوف من استمرار تدفق اللاجئين السوريين، منهم نصف مليون مسجل لدى وكالة الغوث الدولية ونصف مليون آخر موجود بشكل أو بآخر في لبنان. وكل ذلك «يهدد التوازن الداخلي»، بينما مخاوف المسيحيين «تتزايد» بسبب الحالة العامة في العراق وسوريا ومصر.

وتلوم باريس الأطراف اللبنانية التي «لم تنجح» في تطبيق سياسة النأي بالنفس ومضمون بيان بعبدا الذي دعا إلى إبقاء لبنان خارج الصراع الجاري في سوريا. وبرأي المصادر الفرنسية، يتعين على اللبنانيين أن «يقلعوا شوكهم بأيديهم، لأنه لا يوجد طائف جديد ولا اتفاق دوحة جديد ولا وسطاء جدد»، أكانوا عربا أو دوليين. وتستطرد قائلة: «لا منقذ جديدا للبنان»، المسؤولية كاملة «تقع على عاتق اللبنانيين» في تفادي حرب وصفتها بأنها «إقليمية بامتياز».

وحذرت المصادر الفرنسية من «مزيد» من تدهور الوضع الأمني في لبنان الذي يعاني انتكاسات متنقلة وتناولت المصادر الفرنسية الوضع الداخلي لحزب الله، حيث رأت أن الأصوات التي ارتفعت للاحتجاج على جر الحزب للتدخل المباشر في الحرب السورية «مهمشة ومكبوتة»، إن داخل صفوف حزب الله نفسه أو داخل الطائفة الشيعية، وفي أي حال «لا تأثير لها على مسار الأحداث» ولا في سياسة الحزب داخل لبنان أو في سوريا.

وتعترف المصادر الفرنسية بأن حزب الله، ووراءه إيران وسوريا، «ما زال الطرف الأكثر تأثيرا» في المشهد السياسي اللبناني، وأن وضع اللاحكومة «يلائم مصالحه». وبالمقابل، فإن وضع الطائفة السنية، بسبب غياب الحريري عن لبنان، «يعاني التفتت»، مما يظهر من خلال قيام مجموعات مسلحة تعمل على هواها في بيروت وطرابلس وغيرها من المناطق ولا تأتمر من جهة واحدة.

ولامت المصادر الفرنسية اللبنانيين الذين «عوض أن يسعوا إلى التوصل إلى تفاهم داخلي بينهم، راهنوا على النتائج المترتبة على الحرب في سوريا وانتصار طرف على آخر»، الأمر الذي يفسر فشل مساعي بلورة قانون انتخابي جديد وتأجيل الانتخابات. ورغم تحذير هذه المصادر من الأحداث الأمنية والطائفية المتنقلة، فإن باريس ترجح أن تبقى الأمور قابلة للاحتواء «طالما لم يقرر حزب الله الرد على خصومه في الداخل ويكتفي بما قاله أمينه العام بأن من يريد أن يقاتل فليقاتل في سوريا وليس في لبنان».