تسجيل منسوب لمبارك: تركت الحكم بإرادتي.. ورفضت طلب أميركا إقامة قواعد عسكرية في مصر

محاميه لـ «الشرق الأوسط» : الرئيس السابق يتعرض لنوع من «التشفي والانتقام»

الرئيس السابق حسني مبارك
TT

قال الرئيس المصري السابق حسني مبارك إن أميركا طلبت منه إقامة قواعد عسكرية في بلاده، بأي ثمن، لكنه رفض ذلك، مشددا على أنه ترك الحكم بإرادته، وأنه يغضب من وصفه بـ«الرئيس المخلوع»، بينما قال محاميه، فريد الديب، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن القضايا التي يواجهها مبارك «سياسية»، وإن ما يتعرض له «نوع من التشفي والانتقام»، ورفض الديب التعليق على ما نشرته صحيفة مصرية خاصة على لسان الرئيس السابق أمس.

وأطاحت انتفاضة شعبية بمبارك في فبراير (شباط) عام 2011 وظل منذ أكثر من عامين محبوسا على ذمة تحقيقات وقضايا وجهت إليه فيها اتهامات بالفساد وقتل متظاهرين، وحددت محكمة الاستئناف جلسة اليوم (الخميس) لنظر طعن النيابة العامة على إخلاء سبيل مبارك.

ونسبت صحيفة «الوطن» المصرية أمس للرئيس السابق قوله - في تسجيل أجراه مصدر لم تكشف عنه يتردد على مبارك في محبسه في سجن طرة جنوب القاهرة - إن واشنطن كانت تريد الحصول على قواعد عسكرية في مصر بأي ثمن وإنه كان يرفض هذا دائما، مشيرا إلى أن وزير الدفاع المصري الراحل عبد الحليم أبو غزالة (الذي أقاله مبارك عام 1989) أبلغه ذات مرة أن الولايات المتحدة طلبت قاعدة عسكرية في مصر وإنه وافق، فرد عليه مبارك: «أنت ليست لك سلطة لتوافق ولا أنا لي سلطة لأوافق. هذه ليست ملكك ولا ملكي أنا أيضا».

وقال الرئيس السابق إن الدستور المصري لا يسمح بذلك «لا لأبو غزالة ولا لي شخصيا. هذا الأمر يحتاج موافقة البرلمان المصري، وحتى لو وافق البرلمان لازم استفتاء شعبي وقفلت الموضوع عليهم».

وتابع مبارك قائلا إن الأميركيين كانوا يريدون قواعد عسكرية في مصر بأي ثمن، وإن واشنطن طلبت أكثر من مرة قواعد في غرب القاهرة وبرج العرب قرب الإسكندرية، وقال أيضا إنه خلال زيارة رسمية للولايات المتحدة التقى وزير الدفاع الأميركي الذي أبلغه بدوره بأن أبو غزالة وافق على القاعدة العسكرية.

وقال الرئيس السابق عن دور الولايات المتحدة وإسرائيل في ما يحدث الآن في مصر والمنطقة العربية، إن كل ما يهم أميركا هو ضمان أمن إسرائيل في الأساس وطوال عمرهم يحاولون الضغط على العرب من أجل هذا الهدف، مشيرا إلى أن واشنطن طلبت في عام 2006 أو 2007 تردد (إذاعي) إف إم للقاهرة الكبرى ورفض وزير الإعلام طلبها.

وأضاف موضحا بقوله: «جاءني السفير الأميركي وقال أعطني تردد إف إم لأنهم في واشنطن احتجزوا 270 مليون دولار عن المعونة لمصر بسبب هذا الموضوع، فقلت له لا نريدها.. ورفضت، وبعدها بخمسة عشر يوما أرسلوا الـ270 مليون دولار. طبعا كانوا يريدون تردد إف إم من أجل التجسس ومراقبة كل شيء». وذكر مبارك أن الولايات المتحدة أرادت أيضا إقامة شبكة إلكترونية للقوات المسلحة لكنه رفض خوفا من التجسس الإسرائيلي والأميركي على بلاده.

وقال مبارك عن تنحيه إنه اتخذ قرار التنحي بنفسه ولم يضغط عليه أحد. وأضاف: «كان من الممكن أن أستمر في الحكم، لكنني قررت التنحي حفاظا على أرواح الناس وعدم إراقة الدماء». ورفض الرئيس السابق الحديث عما جرى وقت أحداث 25 يناير 2011، وقال إنه لا يحب أن يتكلم في هذا الموضوع. وأضاف: «المسألة خلاص مرت». كما رفض الحديث عن دور المجلس العسكري في الانتفاضة. وقال عن وزير الدفاع آنذاك محمد حسين طنطاوي: «لو كنت أقلته أيامها، كانوا قالوا عليه بطل.. كانت الناس ستقول إنني طلبت منه ضرب الناس بالسلاح وهو رفض».

وأعرب مبارك عن ضيقه ممن يصفونه بـ«الرئيس المخلوع»، مشيرا إلى أنه تنحى بإرادته حفاظا على أرواح الناس. وقال: «كنت أقدر أقعد.. لكني قلت أنا أمشي».

ومن جانبه، قال فريد الديب محامي الرئيس السابق عن التسجيل المنسوب لمبارك: «أنا سمعت عنه، ولم أسمعه. ولذلك أرفض التعليق، لكن بالنسبة للكلام الذي نشرته الصحيفة لا يوجد فيه شيء ضار»، مشيرا إلى أنه سيتوجه اليوم (الخميس) إلى المحكمة لمتابعة استئناف النيابة على قرار إخلاء سبيل الرئيس السابق.

وعما إذا كان يتخوف من أن يكون هناك جانب سياسي في موضوع استمرار حبس مبارك، كما يردد البعض، قال الديب إن «القضية كلها من أولها لآخرها لا تخلو من الجانب السياسي، وكل هذا نوع من التشفي والانتقام ومحاولة التلويث باستخدام النصوص الجنائية في مسائل هي في الأصل مفترض أنها سياسية».

وتابع الديب قائلا: «أنت تتكلم عن نظام سياسي انتهى، وانتهى بإرادة صاحبه، لأنه قال سلام عليكم، ومشي وراح قعد في حاله، وحين لم يعجبك هذا، تقوم بتلفيق أي كلام فارغ ضده لكي يستخدم الحق (القانوني) في الحبس الاحتياطي وأن يظل محبوسا».

وأضاف الديب قائلا إنه سأل مبارك عن سبب اختياره البقاء في مصر وعدم سفره إلى خارج البلاد هو وأسرته وقت أحداث 25 يناير، بدلا من اختياره وقتها الإقامة في شرم الشيخ. وأوضح الديب أن مبارك استنكر ذلك، وقال: «لماذا؟ وماذا فعلت حتى أسافر خارج مصر.. لم أفعل أي شيء ومستعد أن أواجه أي أحد».

وقال الديب أيضا: «حين تنظر لبداية كل قضية من القضايا المرفوعة على مبارك تجد أنهم (أي الحكام الجدد) أتوا بواحد من صنائعهم يقدم بلاغا (للقضاء)، وبناء على البلاغ ذاته ودون أي تحقيق تبدأ الإجراءات، وهذا مخالف للقانون وليس من أصول العمل. لا بد أن يظهر لك دليل أولا، ودليل دامغ لا يأتيه الباطل من بيد يديه ولا من خلفه، لكنهم لا يفعلون هذا».