جدل حول قرار رئيس جنوب السودان بإحالة أكبر مسؤولين في حكومته للتحقيق

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: دينق ألور ضحية الصراع حول السلطة.. والقرار دعاية انتخابية مبكرة للرئيس

سلفاكير
TT

أثار قرار رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، القاضي برفع الحصانة عن أكبر مسؤولين في حكومته وإحالتهما للتحقيق بشأن اختفاء أكثر من 7 ملايين دولار، ردود فعل مختلفة داخل الدولة، التي ستحتفل في يوليو (تموز) المقبل بعيدها الثاني للاستقلال. ورحبت أوساط سياسية وشبابية بالقرار بحذر، مشككة في أن تواصل الحكومة خطواتها في الشفافية، لكنها اعتبرت الخطوة في الاتجاه الصحيح لمحاربة الفساد الذي تعانيه هذه الدولة الجديدة، بينما عبر آخرون عن سخطهم من القرار، ووصفوا القرار بالدعاية الانتخابية المبكرة لرئيس البلاد.

وكان كير قد أصدر قرارا في وقت متأخر من مساء أول من أمس، أذاعه تلفزيون جنوب السودان الرسمي، يقضي بوقف الوزير الأول في حكومته، دينق ألور، ووزير المالية كوستا مانيبي من مهامهما، ورفع الحصانة عنهما وبدء التحقيق معهما بشأن الاشتباه في اختفاء أكثر من 7 ملايين دولار، تردد أن الوزرين لهما صلة بتحويل المبلغ إلى شركة خاصة دون مؤسسة الرئاسة أو مجلس الوزراء. وشكل كير لجنة تحقيق برئاسة القاضي جون قارويج، رئيس مفوضية الفساد وعضوية ستة آخرين، وحدد القرار 60 يوما لإنهاء التحقيقات ورفع نتائجه إليه.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، مقربة من دينق ألور، إنه سيمثل أمام رئيس مفوضية محاربة الفساد رئيس لجنة التحقيق. وأضافت أنه قام بتسليم أعبائه إلى نائبه ويك مامير، ويترأس ألور اللجنة القومية لاحتفالات البلاد للعيد الثاني لاستقلالها.

وفوض المرسوم الرئاسي لجنة التحقيق في تحويل الوزيرين إلى المحاكمة في حال تثب تورطهما في نقل الأموال إلى شركة تسمى «دافي أنفستمت» للاستثمار في العاصمة الكينية نيروبي، وتفيد التقارير بأن الأموال حولت من أجل اقتناء خزنات مضادة للحرائق، ولكن الحكومة لم تتسلم تلك الخزائن. ولكن لم يتم وضع الوزيرين تحت الإقامة الجبرية أو في معتقل خاص، وقد تم تكليف نواب الوزيرين مباشرة أعبائهما إلى حين انتهاء التحقيقات.

وكان برلمان جنوب السودان قد صدق في شهر يونيو (حزيران)، على عزل نحو 75 مسؤولا رفيع المستوى من مناصبهم بتهم فساد على نطاق واسع.

ويعتبر القرار هو الأول من نوعه على هذا المستوى منذ استقلال جنوب السودان قبل عامين، وقد سبق أن أعفى سلفا كير أول وزير مالية في حكومته، وهو آرثر كوين، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2005 بعد التوقيع على اتفاقية السلام، بسبب قضية فساد في شراء سيارات للحكومة، وقد تم سجن الوزير بعد محاكمته. وظلت الدول الغربية تضغط على كير من أجل محاربة الفساد في بلاده، ورهنت مساعداتها المالية بمحاربة الفساد واعتماد نظام شفاف.

وينتمي دينق ألور إلى قبيلة دينكا نقوك، المستوطنة بمنطقة أبيي التي تتنازع عليها مع قبيلة المسيرية السودانية، وألور من أبرز القيادات في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بجوبا، وعضو مكتبها السياسي، ومن كبار المفاوضين الكبار في ملف التفاوض حول القضايا العالقة مع الخرطوم، ومن المقربين إلى الرئيس سلفا كير ميارديت. وتولى قبل الاستقلال منصبي وزير مجلس الوزراء ووزير الخارجية في الحكومة المركزية بالخرطوم، بينما مانيبي عضو في مجلس التحرير، السلطة الأعلى في الحركة.

من جهته، نفى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي أبراهام مارياك ألبينو لـ«الشرق الأوسط» أن يؤثر قرار توقيف دينق ألور في قضية أبيي المتنازع عليها، وقال: «لا أعتقد، لأن فترة التحقيق محددة بالـ60 يوما فقط، كما أن هناك مسؤولا مباشرا من قضية أبيي، وهو القائد إدوارد لينو».

من جهة أخرى، قالت مصادر تحدثت من جوبا لـ«الشرق الأوسط»، وطلبت عدم الكشف عن هويتها، إن دينق ألور ضحية للصراع السياسي داخل أجهزة الحزب الحاكم، وقالت إن ألور كان قد وقف إلى جانب نائب الرئيس الدكتور رياك مشار في عدد من القضايا.

ووجهت المصادر انتقادات لاذعة إلى رئيس البلاد سلفا كير، وقالت إنه غض طرفه عن قضايا فساد أكبر في جميع دواليب الحكومة، ولكنه أسرع في التشهير بدينق ألور. وأضافت أن القرار بمثابة دعاية انتخابية مبكرة للرئيس كير، في إشارة إلى الانتخابات التي ينتظر أن تجرى في عام 2015. وقالت المصادر إن هناك مكيدة تم تدبيرها ضد ألور وزميله مانيبي بعناية من قبل بعض مستشاري الرئيس كير، ومن بينهم أحد أقربائه وآخر معروف بعدائه السافر لـ«دينق ألور».