أسانج: مأزقي قد يدوم سنوات

مؤسس «ويكيليكس» ينهي عامه الأول لاجئا داخل سفارة في لندن ويخشى «الانتقام» الأميركي

أسانج يتحدث لصحافيين داخل سفارة الإكوادور بلندن الجمعة (رويترز)
TT

أنهى مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج يوم أمس عاما كاملا داخل سفارة الإكوادور بلندن التي كان لجأ إليها في التاسع عشر من يوليو (تموز) 2012 لتفادي تسلميه إلى السويد بتهم تحرش جنسي. ورغم طول هذه المدة نسبيا فإن الرجل الأسترالي الجنسية لا يزال يعتبر نفسه ضحية عملية «انتقام» أميركية، ويقر بأنه في «مأزق» قد يطول عدة أشهر وربما سنوات.

وفي حديث مع عدد من وكالات الأنباء بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للجوئه إلى سفارة الإكوادور، قال أسانج (41 سنة) إن «كل ما أطلبه هو معاملتي كشخص عادي بدلا من أن تعرقل الاعتبارات السياسية القرارات القضائية».

اشتهر أسانج في البداية بسبب دور موقعه «ويكيليكس» في نشر آلاف الوثائق الأميركية السرية على الإنترنت عام 2010، مما أحرج الولايات المتحدة، وقال البعض إن تلك المعلومات المسربة عرضت الأمن القومي وأرواح الناس للخطر. لكنه بعد أشهر قليلة على ذلك تعرض لمشكلات من نوع آخر، إذ اعتقلته شرطة لندن في السابع من ديسمبر (كانون الأول) 2010 بناء على مذكرة توقيف سويدية بتهمة بارتكاب اعتداء جنسي على امرأتين، وهو ما ينفيه. وقضى الرجل عشرة أيام في السجن و590 يوما قيد الإقامة الجبرية في منزل بالريف البريطاني قبل حصوله على اللجوء السياسي في سفارة الإكوادور.

وما زال اليوم يخشى من تسليمه إلى الولايات المتحدة التي تريد محاكمته لنشره مئات آلاف البرقيات والوثائق الدبلوماسية والعسكرية على موقع «ويكيليكس». وفي سياق شرحه «المأزق السياسي» الذي علق فيه تحدث اللاجئ عن «إرادة الولايات المتحدة الانتقام منه» و«انهيار دولة القانون في الولايات المتحدة» و«انحراف دولة القانون في المملكة المتحدة التي لا تريد أن تقول لا لواشنطن». وأقر أسانج قائلا: «عندما فتحت الباب الصغير للسفارة الإكوادورية قبل 365 يوما، توقعت أن أبقى فيها ما بين ستة أشهر إلى سنتين».

ظهر أسانج خلال المقابلة الصحافية شاحبا يصمت بين الجملة والأخرى وغالبا ما يغمض عينيه ليتحقق من كل كلمة ينطق بها، وقال: «ما زلت أعتقد نفس الشيء».

وزاره وزير خارجية الإكوادور ريكاردو باتينو الاثنين بمناسبة هذه الذكرى الأولى، مؤكدا أن جوليان أسانج «يتحلى بما يكفي من القوة للبقاء خمس سنوات على الأقل إذا لم يحصل خلالها على الإذن». وأعرب باتينو الذي قالت الصحف البريطانية إن مناقشاته مع نظيره البريطاني ويليام هيغ لم تحقق «أي تقدم جوهري» عن الأمل في أن أسانج «لا يشيخ ولا يموت في السفارة».

وردا على إلحاح الصحافيين تنهد الوزير قائلا: «إنها قضية يلعب فيها كبرياء الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد دورا. لقد وقعت حالات عرقلة مشابهة للاجئين سياسيين في سفارات طالت كثيرا حتى 15 سنة». فقد ظل الكردينال المجري يوزف ميندزنتي عالقا 15 سنة في سفارة الولايات المتحدة في بودابست منذ 1956 إلى 1971. وحتى لو تراجعت السويد عن اتهاماتها وضمنت بريطانيا جواز مرور فإن جوليان أسانج لن يتمكن من الخروج. وقال: «إذا خرجت من هذا الباب فسيعتقلونني، يرى محاميّ الأميركيون أن ملاحقة سرية قد تقررت» من قبل لجنة محلفين.

أما بشأن الطعن أمام المحكمة الجنائية الدولية «فذلك سيأخذ سنوات» كما قال أسانج. ولخص باتينو الوضع بالقول إن أسانج «ضحية ظلم» و«انتهاك خطير لحقوق الإنسان»، لكن لن تتم أي محاولة لتهريبه «في صندوق سيارة (دبلوماسية) أو عبر نفق». وقال الوزير الإكوادوري: «عندما يخرج أسانج من سفارة الإكوادور سيخرج من الباب الكبير، سيخرج من الأمام نحو بلادنا ونحو الحرية».

وفي الأثناء، قال أسانج إن «حصاره» يكلف يوميا دافعي الضرائب البريطانيين 11 ألف جنيه (17 ألف دولار). وأكد أنه يستمد الارتياح من كون «المنظمة تحولت من الدفاع إلى الهجوم»، معربا عن سعادته لأن «أبطالا» آخرين أخذوا المبادرة مجددا مثل إدوارد سنودن الذي كشف مؤخرا فداحة البرامج الأميركية للمراقبة على الإنترنت. وأكد أن حياته بسيطة جدا رغم أن لديه آلة للجري ومصباحا للأشعة فوق البنفسجية. وقال: «يمكن أن تصاب بكساح الأطفال إذا حرمت من الشمس». وقال أيضا إنه وجد طريقة لإطالة معركته بالموسيقى مع فرقة ملتزمة من بورتوريكو تدعى «كايي 13» مؤكدا: «إننا نعد أغنية مهمة عن السياسات الجديدة الناجمة عن تأثير الإنترنت والتلاعب بالمعلومات عبر وسائل الإعلام».