الهدوء يعود إلى ساحة تقسيم في إسطنبول.. و«الواقفون» وحدهم يستمرون في احتجاجهم

«ديمقراطيتهم» جذبت كاميرات السياح.. ووقفات مقابلة لمؤيدي أردوغان

أتراك يقفون صمتا في ساحة تقسيم بإسطنبول أمس احتجاجا على حكومة رجب طيب أردوغان («الشرق الأوسط»)
TT

عاد الهدوء أمس إلى ميدان تقسيم في وسط إسطنبول كبرى المدن التركية وأكثرها شهرة، بعد 19 يوما على انطلاق شرارة الاحتجاجات ضد الحكومة التركية، انطلاقا من حديقة ملاصقة للميدان أخلتها الشرطة بالقوة من محتجين كانوا يعترضون على مشروع تطوير للمنطقة يلحظ إزالتها لصالح إنشاء قلعة عثمانية تاريخية أزالتها السلطات في الأربعينات من القرن الماضي.

وبدأ ناشطون أتراك احتجاجا جديدا من نوعه يتمثل بالوقوف أو القراءة في الساحة لفترات طويلة كتعبير عن الاعتراض السلمي. ومنذ أن أطلق الفنان ايردم جوندوز التحرك بوقفة صامتة لثماني ساعات في ساحة تقسيم أكسبته لقب «الرجل الواقف» تحول هذا النمط من الاحتجاج إلى نموذج يحتذي به بعض المعارضين الذين كانوا يقفون أمس بأعداد كبيرة في الساحة قبالة مركز ثقافي لمؤسس الدولة العلمانية مصطفى كمال الملقب بـ«أتاتورك».

وبينما تواصل الشرطة فرض إجراءات أمنية مشددة قرب متنزه جيزي وساحة تقسيم المجاورة، نظمت مجموعة صغيرة من الأشخاص مظاهرات سلمية في ساحة تقسيم بإسطنبول صباح أمس. لكن التوتر تراجع عموما واقتصر الأمر على الوقوف في صمت والاحتجاج بقراءة الكتب... وهو ما تحول إلى عامل جذب إضافي للسياح الذين عادوا إلى الساحة. وبدلا من إطعام الحمام يقف هؤلاء يتفرجون على شبان وشابات يقفون بتحد وبصمت، بعضهم يقرأ كتبا وبعضهم ينشد الأغاني الوطنية تحت عدسات السياح الذين يمطرونهم بفلاشات كاميراتهم.

وفي المقابل، وصلت مجموعة أخرى من مؤيدي حزب «العدالة والتنمية الحاكم» تجمعت في المكان، وقد كتب على قمصانهم بالتركية «نحن الرجال الواقفون أمام الرجال الواقفين» لإظهار تأييدهم للحكومة.

وفيما يرفض هؤلاء الرد على الأسئلة، يقول أحد «الواقفين»، حسن جون، لـ«الشرق الأوسط» إنه أتى إلى الساحة «احتجاجا على سياسات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يعتمد وسائل غير ديمقراطية لتنفيذ أجندة تسعى إلى تغيير حياتنا». ويضيف جون، وهو طالب جامعي أنه يقف في مكانه بحماية المادة 62 من الدستور التي تتيح له حق إبداء الرأي والاعتراض. ويتابع: «إنهم يقولون: إننا نقوم بأعمال غير شرعية، لكنهم يكذبون. نحن نمارس حقنا في الاعتراض وسنستمر». وينتقد جون ما سماه «مشاريع الخصخصة التي ينفذها أردوغان مع حلفائه من رجال الأعمال»، معتبرا أن تسمية الجسر الثالث (الذي تنوي الحكومة تشييده فوق البوسفور) باسم السلطان سليم الأول أثار الحساسيات العلوية لأن السلطان ارتكب مجازر بحقهم».

يشار، طالب ثانوي، يقول: إنه قدم للاعتراض على ما سماه «القمع». ويقول: «هل من المعقول أن زميلي الذي وقف في حديقة جيزي حاملا صورة أتاتورك تطلق عليه خراطيم المياه وقنابل الغاز.. هل بات حمل صورة أتاتورك جريمة؟».

فاطمة، ناشطة حقوقية، تقول: إن «الممارسات التي تقوم بها الحكومة التركية في حق المرأة قد زادت عن حدها»، وتضيف: «إنهم يتدخلون في نمط حياتنا الخاصة، نحن نريد حريتنا وهم يسمون ذلك انحطاطا».

وعلى مقربة، تقول سلمى يلدز، إنها تشارك في المظاهرات لأول مرة في حياتها. وتضيف سلمى، وهي رسامة، أنها لم تنتم إلى أي مجموعة يسارية أو طلابية، لكن في الفترات الأخيرة بدأت الحكومة ممارسة الضغوط على جميع أشكال الفنون، لا سيما الرسم والرقص والباليه والفنون الحديثة إلى درجة وصف معها أحد الوزراء الفنون بأنها «ممارسات غير أخلاقية». وترى سلمى أنهم يحاولون «أخونة المجتمع» مشيرة إلى قطع الدعم الحكومي أو تقليصه عن الكثير من المسارح وصالات عرض الفنون.