باريس ترفض تسليح المعارضة السورية «فرديا» وتسعى لـ«تجاوب جماعي»

مصادر دبلوماسية فرنسية: هذه نجاحاتنا وإخفاقاتنا في قمة الثماني

مقاتل في الجيش الحرّ يطلق نيران سلاحه الثقيل باتجاه قوات الجيش النظامي في حلب أمس (أ. ب)
TT

استبعد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس تسليم مقاتلي المعارضة السورية أسلحة يمكن أن «توجه إلى فرنسا»، وأكد، خلال ندوة صحافية قوله «نحن (فرنسا) لا نسلم أسلحة لكي يتم توجيهها إلينا، وهذا واضح». وأضاف فابيوس «قلنا دائما إننا هنا لمساعدة (المعارضة) المقاومة (لنظام الرئيس بشار الأسد) للوصول إلى حل سياسي. لكن بالنسبة للأسلحة، من غير الوارد تسليم أسلحة في ظروف غير مؤكدة فيما يتعلق بنا».

وعلى الرغم من النفي الرسمي لتسليح المعارضة، فإن مصادر دبلوماسية فرنسية قالت إن هناك «قرارا سياسيا» بالتجاوب مع الطلبات التي قدمها رئيس هيئة أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس الأسبوع الماضي للحصول على الأسلحة النوعية التي تحتاجها المعارضة. ووفقا لذات المصادر، فإن الأمر المهم هو أن يكون التجاوب «جماعيا» وليس عمل بلد أو بلدين، علما أن المطلوب لا ينحصر فقط في الأسلحة النوعية ولكن أيضا في التأهيل والتدريب والاستعلام والتخطيط.

وتابع فابيوس قائلا إنه في الدوحة «سنحاول استعراض الوضع على الأرض ونرى كيف يمكننا مساعدة التحالف والوصول إلى وضع سياسي،» في إشارة إلى الاجتماع الذي سيجمع اليوم الدول الـ11، المكون الرئيس لمجموعة أصدقاء سوريا، في العاصمة القطرية الدوحة، التي يزورها غدا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضمن جولة شرق متوسطية تشمل أيضا الأردن.

ونفى وزير الخارجية الفرنسي أمس أيضا أن تكون باريس قد غيرت موقفها اتجاه المشاركة الإيرانية في «جنيف2»، وقال فابيوس على هامش زيارة لمعرض الطيران في لوبورجيه قرب باريس «لم تغير فرنسا موقفها. قالت إنه يمكن لكل الأطراف التي لديها مواقف مفيدة أن تحضر المؤتمر. أي أولا أن تقبل هدف المؤتمر وهو تشكيل حكومة انتقالية بتوافق مشترك تتمتع بكافة السلطات التنفيذية»، مضيفا «حاليا لم توافق إيران على أن يكون ذلك هدف المؤتمر. إذا أدلت الرئاسة الإيرانية الجديدة بتصريحات بهذا المعنى فسنرى الموقف».

في غضون ذلك، وصفت مصادر دبلوماسية فرنسية البيان الختامي الصادر عن «مجموعة الثماني» في 18 يونيو (حزيران) الجاري في آيرلندا الشمالية بأنه «تسوية الحد الأدنى»، مضيفة أنه، وعلى الرغم من التصلب الروسي، فإن الغربيين تمكنوا من انتزاع عدد من التنازلات «سيكون لها تأثير في المستقبل على مسارات الأحداث، وتحديدا مؤتمر جنيف2، في حال توفرت شروط انعقاده».

وأفادت هذه المصادر أن رؤساء الدول والحكومات الثمانية أقروا 5 مبادئ طلبوا من مساعديهم ومستشاريهم ترجمتها إلى «إعلان» رسمي، وهي وقف حمام الدم في سوريا وجمع الأطراف المتصارعة على طاولة مفاوضات، ومعالجة الوضع الإنساني وتوفير المساعدات الضرورية لذلك، الدعوة لمؤتمر «جنيف2»، والتوافق على محاربة المنظمات الإرهابية والمتطرفة، وأخيرا إدانة استخدام السلاح الكيماوي والمطالبة بتحقيق دولي حيال هذا الملف.

وتصف المصادر الفرنسية قبول الروس بأن تقوم حكومة انتقالية في سوريا «تتولى كل الصلاحيات التنفيذية» بما فيها الإشراف على أجهزة المخابرات والأمن والجيش بـ«النجاح النسبي»، لا سيما أن ذلك يعني انتقال السلطة من يد الرئيس بشار الأسد. أما بالنسبة لغياب تاريخ محدد لمؤتمر السلام الخاص بسوريا، فالسبب وراء ذلك يعود لـ«عجز المجتمعين عن الاتفاق على تاريخ» وليس وفق ما أعلنه وزير الخارجية الروسي لافروف الذي أكد أن السبب هو «عدم تأكد الغربيين» من قدرتهم على حمل المعارضة على المشاركة في المؤتمر. بيد أن مصادر أخرى لمحت إلى أن السبب الحقيقي هو الرغبة في توافر الوقت اللازم من أجل إعادة التوازن إلى الميدان العسكري بعد النجاحات التي حققها نظام الأسد.

أما النجاح الثاني الذي تحقق في القمة فهو قبول الروس بأن تذهب اللجنة الدولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية إلى كافة المناطق السورية وهو ما كانت ترفضه موسكو قبل أقل من شهرين، فضلا عن أن الروس قبلوا أن تقدم اللجنة تقريرها مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي. وكشفت المصادر الدبلوماسية أن الطرف الروسي هو الذي أصر على تضمين البيان الختامي فقرة عن «ضرورة احترام المعايير الدولية» في التحقيق بشأن مزاعم استخدام الكيماوي في سوريا، علما أن موسكو شككت بما توصلت إليه العواصم الغربية الثلاث، باريس ولندن وواشنطن، لناحية استخدام نظام الأسد لأسلحة كيماوية بوصفها الدلائل بأنها «غير مقنعة».

وأكدت باريس أن الفقرة المتعلقة بمحاربة المنظمات الإرهابية والمتشددة متعلقة بما سينتج عن «جنيف2» ولقيام حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وليس تعاونا بين نظام الأسد والمعارضة.

وفي موضوع آخر، نجح الغربيون في منع الروس من تحقيق هدف الإشارة إلى «وفود للمعارضة» بصيغة الجمع وليس «وفد المعارضة» بصيغة المفرد. وكان الروس يريدون «عدة وفود» بينما أصرت بقية الدول على عبارة «وفد واحد للمعارضة.» ووفقا لباريس، فإن مجموعة الـ11، الدول الأساسية لأصدقاء سوريا، يعتبرون أنه يعود للائتلاف الوطني السوري أن «يشكل الرأس والعصب» للوفد التفاوضي مع الانفتاح على شخصيات مستقلة من المعارضة أو أخرى تسير في الاتجاه نفسه الذي يسير فيه الائتلاف. وقالت المصادر الفرنسية إنه «من الصعب جدا أن نترك الروس يشكلون بأنفسهم وفد المعارضة» بينما ما زالوا يمدون النظام بأقوى الأسلحة، علما أن موسكو تناور لكي تعطي ممثلين عن «هيئة التنسيق» دورا كبيرا في «جنيف2» وهو ما يرفضه الائتلاف.