الجيش الحر يتصدى لمعركتين أطلقتهما القوات الحكومية في شمال دمشق وجنوبها

المرصد السوري: مقتل 100 معتقل بسجن «حلب المركزي» منذ أبريل

TT

يخوض الجيش السوري الحر في دمشق، معركة «دفاعية» على جبهتين أساسيتين، يحاول خلالها صد هجومين واسعي النطاق، شنتهما القوات الحكومية شمال العاصمة دمشق، وجنوبها، محاولة استعادة السيطرة في الشمال على القابون وحرستا، إضافة إلى تأمين طريق المطار الدولي في الجنوب، عبر استعادة السيطرة على اليرموك والحجر الأسود والعسالي. وتشن المعارضة معركة هجومية في الشمال، وتحديدا في إدلب وحلب، بغية السيطرة الكاملة على الشمال، بموازاة إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 100 سجين منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي في سجن حلب المركزي.

وأعلن الائتلاف السوري المعارض، أنه «استمرارا لحصار بدأ منذ 6 أشهر عبر حواجز أمنية وعسكرية، تنفذ قوات النظام وشبيحته مدعمة بميليشيات حزب الله حصارا خانقا على أحياء القابون وبرزة، ما يعرض حياة أكثر من 40 ألفا من المدنيين للخطر، في ظل نقص في المواد الغذائية والطبية».

وحذر الائتلاف، في بيان، من «وقوع أعمال تنكيل وتصفية تطال المدنيين في المنطقتين، مع تخوف متزايد من اقتحامهما وارتكاب مجزرة جديدة تضاف إلى سلسلة مجازر النظام بحق الشعب السوري، في سياق محاولاته اليائسة لقمع ثورة حرية». وأفاد ناشطون، أمس، بتجدد القصف على مناطق «في القابون ومخيم اليرموك وحي الحجر الأسود»، بالتزامن مع قصف طال مناطق في حي القدم ما أدى إلى مصرع رجلين.

وأوضح المدير التنفيذي لجبهة تحرير سوريا الإسلامية محمد علوش لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات النظامية «أرسلت بتعزيزات عسكرية ضخمة، من ضمنها مقاتلون غير سوريين، بدءا من مساء الأربعاء، إلى تخوم زملكا في الغوطة الشرقية، بغية اقتحام القابون وحرستا». وأضاف: «يتبع النظام السوري استراتيجية قضم الغوطة الشرقية، بعد حصار دام أسابيع، إذ يحاول اقتحامها واستعادة السيطرة عليها»، مشيرا إلى أن القوات الحكومية «بدأت عملياتها بعدما سحبت الفرقتين الخامسة والسابعة من مواقعها على الحدود السورية - الإسرائيلية، ودفع بها إلى مناطق العتيبة وضمير في الغوطة الشرقية».

وتعتبر منطقتا القابون وحرستا المدخل الشمالي لدمشق، وتقع في محاذاتهما مقرات المخابرات الجوية ومستشفى تشرين العسكري الذي يقول المعارضون إنه بات ثكنة عسكرية للجيش وقوات الأمن، كما تقع خلف المستشفى مساكن ضباط ضاحية الأسد. ويقول ناشطون إن القوات النظامية نصبت مدافع من عيار 130 ملم، وراجمات صواريخ في هذه المنطقة، ووجهتها نحو الغوطة الشرقية في حرستا ودوما وعربين وجوبر والقابون.

وفي ريف دمشق، ذكر ناشطون أن «قصفا طال مناطق في بلدة معضمية الشام ومزارعها، ما أدى لدمار في ممتلكات المواطنين، وأنباء عن سقوط عدد من الجرحى، وسط قصف استهدف الزبداني وبلدة يلدا ومنطقة ريما». وأشار ناشطون إلى أن «قرية جراجير تعرضت للقصف بالطيران المروحي، في ظل اشتباكات دارت بين مقاتلين معارضين والجيش النظامي في محيط حاجز طعمة العسكري في مدينة زملكا».

وفي شمال العاصمة، يفصل أوتوستراد حمص - دمشق بين الجيشين المتقاتلين، إذ يعد هذا الطريق السريع «الخط الفاصل بين الجيشين». ولم تتمكن المعارضة من الوصول إلى الأوتوستراد، «بعدما نصبت القوات النظامية على الجبال مدافع 23، تمنع التسلل من القابون وحرستا إلى الأوتوستراد، حيث أعدمت الحياة في هذه المنطقة»، بحسب علوش.

وإلى جنوب دمشق التي تعتبر من المناطق الساخنة في العاصمة، أفاد ناشطون بتعرض أحياء اليرموك والحجر الأسود والعسالي والسيدة زينب لقصف ممنهج. وأوضح علوش لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المنطقة «هي مناطق محتدمة»، لافتا إلى أن القوات النظامية «أرسلت في الفترة الأخيرة من داخل دمشق تعزيزات لتطويق المعركة من الجنوب»، واصفا الوضع الإنساني والعسكري في هذه المنطقة بـ«الحرج».

وكان التصعيد بدأ أول من أمس مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام مدعومة من حزب الله اللبناني ومقاتلين معارضين في محيط السيدة زينب جنوب شرقي العاصمة. وتشكل هذه المناطق قاعدة خلفية للمجموعات المعارضة في اتجاه دمشق. وتحاول قوات النظام السيطرة عليها بشكل كامل.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن وحدات من الجيش «أعادت الأمن والاستقرار إلى بلدة البحدلية جنوب منطقة السيدة زينب في ريف دمشق بعد سلسلة من العمليات الناجحة قضت خلالها على أعداد من الإرهابيين ودمرت أسلحتهم وذخيرتهم». لكن المدير التنفيذي لجبهة تحرير سوريا نفى أن يكون الجيش الحر خسر مواقع استراتيجية في المنطقة، موضحا أن طبيعة المعركة «دفاعية». وأشار إلى أن المعركة «هي حرب عصابات، حيث يجري تبادل المواقع والأماكن». ولفت إلى حملة عسكرية ضخمة على بيت سحم، الملاصقة للسيدة زينب، «في محاولة من النظام لتأمين خط المطار، ومنع الثوار من الوصول إليه».

وحمّل علوش تداعي الوضع العسكري في دمشق، إلى أصدقاء سوريا «الذين لم يفوا بعد بتعهداتهم إرسال أسلحة نوعية إلى المقاتلين في دمشق»، في حين «ينفذ النظام السوري وعوده بالقصف والقتل، ما يضعنا في موقع الدفاع بدل الهجوم، وتحصين مواقعنا». وقال: «نخوض في دمشق حربا دفاعية، كذلك في الغوطة الشرقية، كما نواصل خوض حرب كر وفر في الريف، وفي قلب العاصمة»، وهو ما يميز «طبيعة المعركة في الشمال، حيث نخوض حربا هجومية في حلب وإدلب للسيطرة على كامل المحافظتين».

وفي حلب، أعلن ناشطون أن حيي الشيخ مقصود والحيدرية بحلب تعرضا للقصف، فيما دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين معارضين والجيش النظامي في الأحياء الشرقية في مدينة حلب. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان وفاة «أكثر من 100 سجين منذ شهر أبريل الماضي في سجن حلب المركزي، الذي يشهد محيطه عمليات عسكرية بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة الذين يحاولون اقتحامه والسيطرة عليه»، لافتا إلى «ظهور إصابات بالجرب والسل بين السجناء».

وقال المرصد في بيان إن «الوضع الصحّي والإنساني في سجن حلب المركزي وصل إلى مرحلة مخيفة بسبب النقص الشديد في الأدوية والموادّ الغذائية». وأشار إلى «وفاة ثلاثة سجناء نهار الاثنين بعد إصابتهم بمرض السل وعدم وجود أدوية لمعالجتهم، فضلا عن انتشار كبير للجرب بين السجناء»، موضحا أن «أسباب الوفاة تعددت بين القصف ونقص الدواء والطعام والإعدام».