زيباري: العراق يمر بأصعب موقف وسط هذه الاضطرابات الإقليمية

بغداد تقول إن الحرب بالوكالة حول سوريا تهدد حياده

هوشيار زيباري
TT

قال وزير الخارجية العراقي إن بلاده تتعرض لضغوط من طرفي الصراع الدائر على الجانب الآخر من الحدود في سوريا، وإن سياسة بغداد الرسمية المتسمة بالحياد أصبحت مهددة مع تحول الصراع إلى حرب بالوكالة في المنطقة بأسرها. وبعد عامين من القتال الذي أودى بحياة أكثر من 93 ألف شخص، تستدرج الاضطرابات في سوريا جيرانها إلى مواجهة قاتلة بين إيران الشيعية التي تدعم الرئيس بشار الأسد، ودول الخليج العربية السنية التي تساند مقاتلي المعارضة السورية.

وفي العراق، تصاعدت بشدة الهجمات الطائفية في المناطق الشيعية والسنية مما يشكل ضغوطا جديدة على تركيبته العرقية والطائفية الهشة المتمثلة في أغلبية شيعية، وأقلية سنية عربية، وأقلية كردية. وتقول الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة إنها لا تؤيد طرفا بعينه في الحرب، وتدعو إلى تسوية عن طريق التفاوض. وتقول القوى الغربية إن الحكومة تسمح لطائرات إيرانية تنقل السلاح لقوات الأسد بالمرور في المجال الجوي العراقي، وهو اتهام تنفيه بغداد.

وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقابلة مع «رويترز» هذا الأسبوع: «نبذل ما في وسعنا للحفاظ على موقف محايد، لكن الضغوط هائلة، وإلى متى يمكننا الصمود؟ هذا أمر يتعلق بتطور الأحداث في سوريا».

ومع تحول الصراع الدائر في سوريا بدرجة أكبر إلى صراع طائفي، ينضم مقاتلو تنظيم القاعدة السنة في العراق للمقاتلين المعارضين في سوريا، وتعبر الميليشيات الشيعية التي حاربت ذات يوم في صف القوات الأميركية في العراق، الحدود لمساندة قوات الأسد. وقالت واشنطن الأسبوع الماضي إنها ستبدأ في تقديم دعم عسكري لمقاتلي المعارضة بعد أن ساعد ألوف من أعضاء جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية قوات الحكومة السورية في تحقيق مكاسب عسكرية مهمة.

وقال زيباري في بغداد: «العراق في أصعب موقف وسط هذه الاضطرابات الإقليمية، والصراع في سوريا أصبح صراعا إقليميا بكل المعايير».

وفي مرحلة سابقة من الصراع السوري رفض العراق دعوات من دول عربية أخرى بأن يترك الأسد السلطة، متخذا موقفا أقل حدة من العنف المتنامي على حدوده الشرقية. وامتنع العراق عن التصويت في الجامعة العربية على تعليق عضوية سوريا وعارض دعوات بفرض عقوبات عليها.

وكان قادة العراق الشيعة يرفضون حكم الأسد في السابق، لكنهم في أحاديثهم الخاصة يقرون بخوفهم من أن يؤدي انهيار سوريا إلى إثارة انقسامات طائفية بالعراق، ويأتي للسلطة بنظام سني متشدد.

ويقول مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن العراق لا يبذل جهدا كافيا لمنع إيران من استخدام مجاله الجوي في نقل السلاح لقوات الأسد.

وقال زيباري ردا على ذلك وعلى حركة مقاتلين شيعة عراقيين عبر الحدود: «حسب معرفتنا بديناميكية الصراع الدائر في سوريا، اتخذنا موقفا أكثر حذرا. ليس حبا في النظام.. ولكن بدافع من مخاوف كبيرة على المصالح الوطنية العراقية».

ويأمل بعض الزعماء السنة العراقيين المتشددين في أن يدعم وصول حكومة سنية محتمل إلى السلطة في سوريا سعيهم من أجل مزيد من النفوذ في مواجهة القيادة الشيعية في العراق التي يقولون إنها تهمشهم منذ الإطاحة بصدام عام 2003.

ويقول قادة المسلحين الشيعة إن الجماعات الشيعية الثلاث الرئيسة في العراق؛ وهي: «جيش المهدي»، و«عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» ترسل، كلها، متطوعين إلى سوريا بعد أن اشتعل غضبها بسبب تقارير عن نبش بعض مقاتلي المعارضة مواقع دينية شيعية. وتشير تقديرات إلى أن المقاتلين العراقيين الشيعة في سوريا يتراوح عددهم بين 600 وأكثر من ألف مقاتل، في حين يقول قادة الميليشيات إن نحو 50 مقاتلا فقط يعبرون الحدود كل أسبوع ويعملون بالتناوب.

وقال زيباري: «هناك مبالغة بشأن الألوية أو الوحدات العراقية التي تقاتل في سوريا.. حقيقة، فإن عددا محدودا من المتطوعين ذهب إلى هناك دون إذن أو موافقة أو دعم من الحكومة أو النظام العراقي أو الزعماء السياسيين».

وحظيت إيران، التي يربطها بسوريا تحالف استراتيجي قديم وعداء مشترك لإسرائيل وصدام حسين، بنفوذ أكبر في بغداد منذ الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل وانتهاء حكم السنة الذي استمر عقودا ووصول مجموعات شيعية متحالفة إلى السلطة. ويخشى العديد من المراقبين العراقيين من أنه إذا خسرت إيران نفوذها في سوريا، فلن تتبقى لها منطقة نفوذ سوى العراق؛ وهو الأمر الذي سيزيد الضغوط على البلاد بدرجة كبيرة.

وقال زيباري: «لا أحد يسيطر على زمام الأمور؛ لا النظام ولا المعارضة، وهذا هو المقلق في الأمر.. وليس هناك توافق دولي». وأضاف: «ما لم يبذل المجتمع الدولي ومجلس الأمن جهودا جادة، لنكن صرحاء، التدخل سيستمر في هذه الحال لفترة طويلة لأن أيا من الطرفين لا يمكنه أن يحقق النصر».