رئيس الحكومة المغربية ينتقد «عفاريت الغابات» ويقر بأن الإصلاح ليس سهلا

وزراء انشغلوا بأحاديث ثنائية والرد على الهاتف خلال جلسة مساءلة ابن كيران

عبد الإله ابن كيران (تصوير: منير محيمدات)
TT

اضطر محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، إلى أن يطلب أكثر من مرة من مستشاري المجلس والوزراء على حد سواء التزام الهدوء والإنصات إلى مداخلات فرق الغالبية والمعارضة خلال جلسة المساءلة الشهرية لعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة التي عقدت أول من أمس.

ويبدو أن موضوع الغابات الذي اختير ليكون محور المساءلة لم يستطع شد الانتباه اللازم، بخلاف المواضيع السياسية أو الاقتصادية، فانخرط المستشارون والوزراء في أحاديث ثنائية أحدثت تشويشا على الجلسة، بل إن أحد الوزراء وهو الحبيب الشوباني، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، لم يتوقف عن الرد على المكالمات الواردة على هاتفه الجوال خلال الجلسة، وطلب بيد الله من الوزراء الكف عن الحديث أكثر من مرة. وخلافا لما كان متوقعا مرت الجلسة بشكل عام في أجواء عادية، رغم التهديدات التي أطلقتها المعارضة والتي توعدت ابن كيران بالمحاسبة القاسية، وحتى الانسحاب إذا لم يلتزم بموضوع الجلسة. وفي المقابل لم يلتفت ابن كيران إلى هذه التهديدات ولم يغير من نبرة خطابه وهو يرد على مداخلات الغالبية والمعارضة المنتقدة لسياسة حكومته في مجال حماية الثروة الغابوية، واستغل الفرصة كعادته أيضا للحديث عن مناهضي الإصلاح ومن وصفهم بـ«عفاريت الغابات».

وفي هذا السياق قال ابن كيران إن «الغابة كغيرها تعاني كثيرا من ذوي النفوذ الذين استغلوا خيرات البلاد، ولم يأخذوا بعين الاعتبار مصالح المواطنين الساكنين بالقرب منها، مشيرا إلى أن تغول ذوي النفوذ لم تعانِ منه الغابات فحسب، بل مختلف القطاعات. وأضاف أنه «لولا شرفاء هذا الوطن لكانت الخسائر أكبر، في هذا المجال، ولكن الضرر كان محدودا».

وتغطي الغابات تسعة ملايين هكتار، أي نسبة 12 في المائة من الأراضي، بيد أنه أقر بوجود عدة تحديات تواجهها بسبب التوسع العمراني وارتفاع المضاربات العقارية والاستغلال المفرط للغابات إلى جانب التصحر والجفاف والحرائق.

وأوضح ابن كيران أن المؤيدين للإصلاح في البلاد معروفون، بيد أنه في المقابل هناك جهات تتحرك ضده كلما بادرت الحكومة بإصلاح قطاع من القطاعات، مذكرا بالانتقادات التي واجهاتها حكومته إبان إعلانها عن إعادة النظر في الرخص الممنوحة للمستفيدين من مقالع الرمال، وعندما أعلنت عن إصلاح قطاع الإعلام، حتى إن موظفة قامت تنتقد رئيس الحكومة علنا ولم تجد من يتصدى لها، على حد تعبيره، في إشارة إلى سميرة سيطايل، مديرة الأخبار بالقناة التلفزيونية الثانية التي انتقدت ابن كيران بشدة في وقت سابق.

وأكد ابن كيران أنه مصر على مواصلة الإصلاح مهما كلفه الثمن، وأقر في المقابل بأن الأمر ليس سهلا، مشيرا إلى أن الأمور بدأت تتغير والناس لم يعودوا يسكتون عن ممارسات ذوي النفوذ، ففي كل مرة تظهر حركة اجتماعية في مكان معين. وأوضح ابن كيران أنه إذا كان المغرب قد اختار الإصلاح في ظل الاستقرار «إلا أننا لم نخرج بعد من الامتحان»، على حد قوله. وطمأن ابن كيران المواطنين بأنه إذا ما قررت الحكومة تحديد الملك الغابوي في منطقة من المناطق التي يوجد بها نزاع بين الدولة وذوي الحقوق، فإن الدولة ستنتصر للمواطن، لكنها في المقابل ستكون صارمة في تحديد الملك الغابوي للدولة، لأن ذلك سيؤدي إلى قطع الطريق على النافذين الذي يستغلون الأملاك الغابوية. وزاد قائلا: «الغابة بحاجة إلى مناضلين لحمايتها يحبونها كما يحبون الحيوانات وليس مجرد موظفين».

من جهتها، دعت فرق الغالبية والمعارضة إلى تحديث القوانين حتى تساهم في حماية الثروة الغابوية ومكافحة اللوبيات التي تستنزف هذا القطاع، وحماية مصالح السكان وذوي الحقوق. وانتقدت المعارضة ضعف إنجازات الحكومة في مجال التشجير، والتصدي للحرائق التي تلتهم آلاف الهكتارات.