الخبير المستقل لحقوق الإنسان يفشل في زيارة جنوب كردفان لسوء الأوضاع الأمنية

مسعود بادرين: تدهورت الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور بسبب الحرب والنزاعات القبلية

TT

قال الخبير المستقل لشؤون الإنسان مسعود بادرين إنه لم يتمكن من زيارة ولاية جنوب كردفان - كما كان مخططا - بسبب سوء الأوضاع الأمنية، في الولاية التي تشهد حربا بين الجبهة الثورية والجيش السوداني منذ قرابة العامين، وإنه لم يتمكن من زيارة أبو كرشولا لأن السلطات أبلغته أنه لا يستطيع الذهاب والعودة في نفس اليوم، بسبب حظر التجوال المفروض هناك.

وأضاف بادرين في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس أن أوضاع حقوق الإنسان في دارفور تدهورت بسبب الحروب القبلية والمعارك بين الحركات المتمردة والجيش الحكومي، وأن أكثر من 4500 نازح جديد في أحد المعسكرات قرب مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور يعانون أوضاعا إنسانية حرجة للغاية، خصوصا أن موسم الأمطار على الأبواب.

وندد بادرين باستمرار العمليات العسكرية بين الجبهة الثورية والقوات الحكومية، وقال إنها أضرت بالمدنيين في الولاية، ووصف الهجوم على مناطق، أبو كرشولا، والله كريم، وأم روابة، بأنه مثل خروقات جدية لحقوق الإنسان أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.

وأردف أن نازحين في منطقة الرهد شهدوا أحداثا مروعة أثناء المحنة التي تعرضوا لها أثناء العمليات في أبو كرشولا، التي استردتها القوات الحكومية بعد أن سيطرت عليها قوات الجبهة الثورية لأكثر من شهر، وقالت امرأة إنها اضطرت إلى السير أميالا كثيرة مع طفليها الصغيرين لتصل إلى بر الأمان، وإنها لا تزال تجهل مكان وحالة زوجها وثلاثة أطفال آخرين.

وأدان بادرين بأشد العبارات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني التي ترتكبها أطراف النزاع، وكرر دعوته للجماعات المسلحة بوقف العمليات العسكرية، والوصول إلى حل سلمي. وأردف: «عند وصولي إلى الخرطوم، قصفت كادوقلي، عاصمة الولاية جنوب كردفان، من قبل الجيش الشعبي لتحرير السودان – قطاع الشمال، وقتل أحد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة».

ونفى بادرين اتهامات حكومية باغتصاب نساء وممارسة تصفيات عرقية لمقاتلي الجبهة الثورية، بقوله: «التقيت في الرهد نازحين وبينهم نساء، لكن لم يبلغني أحد بممارسة اغتصاب، لكن في الخرطوم أبلغت أن هناك ممارسات اغتصاب، وأن النساء لا يتحدثن عن تلك الممارسات بسبب التقاليد والحياء». وفي دارفور قال إن النزاعات القبلية والعمليات العسكرية بين الحركات المتمردة والجيش السوداني تزايدت باضطراد في الفترة بين زيارته الأخيرة والحالية، وتدهورت الأوضاع الأمنية أكثر، وتزايدت أعداد النازحين في المعسكرات حول مدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور. وأضاف بدرين أن أكثر من 4500 نازح جديد في معسكر واحد من معسكرات النازحين أجبرهم تجدد النزاعات القبلية والحرب بين قوات الحكومة والحركات المتمردة على مغادرة مناطقهم الأصلية، خلال شهر ونصف فقط، وأنهم يواجهون ظروفا إنسانية سيئة.

وقال: «في زيارتي لمعسكرات النازحين (كلمة، السلام، عطاش) بولاية جنوب دارفور، وجدت أن النازحين يعانون ظروفا صعبة، خصوصا النساء والأطفال منهم، فالخيام غير كافية، ومعظمهم يقيمون في مساكن محلية».

ودعا والي الولاية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لمواجهة ما سماه «الكارثة الإنسانية» التي تهدد هؤلاء النازحين، خصوصا أن موسم الأمطار على الأبواب، وأنهم وعدوه للقيام بالإجراءات الضرورية بالتشاور مع الشركاء.

وفي ولاية النيل الأزرق التي تشهد هي الأخرى حربا بين متمردي الحركة الشعبية والجيش الحكومي، قال بادرين إنه لاحظ تطورا إيجابيا ملحوظا في مجال العمليات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بيد أن هناك مدنيين عالقين في المناطق التي تسيطر عليها حركة التمرد يعانون من استمرار النزاع بين قوات الطرفين.

وأضاف أنه تلقى تقارير عن تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق التمرد، وأن المدنيين أجبروا على النزوح جنوبا دون الحصول على احتياجاتهم الضرورية، كالماء والطعام. وأوضح أنه ووالي الولاية اتفقا على أن استمرار النزاع المسلح وعدم استقرار الأمن سبب رئيسي لانتهاكات حقوق الإنسان، ودعا بادرين حكومة السودان والمتمردين لاحترام حقوق الإنسان حتى أثناء الحروب والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليهم.

وأبدى بادرين سعادته لأن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان شرعت في تبني ما طالب به الحكومة السودانية في زيارته الأخيرة لحماية الحريات الصحافية، وكفالة حرية التعبير، باعتبارها حقوقا متكاملة لخلق بيئة مناسبة للمشاركة المدنية في حوار اجتماعي - سياسي في البلاد، تكفل خلاله حقوق المواطنين في إبداء الرأي. ودعا المسؤول الأممي المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الفني لحكومة السودان في مجال بناء القدرات للإيفاء بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان حسبما حددتها مهمته، وأنه سيقدم تقريره عن الزيارة إلى مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر (أيلول) القادم، وتتعلق بمساعدة السودان في موضوع حقوق الإنسان.

ووصل مسعود بدرين إلى السودان الجمعة 14 يونيو (حزيران) الحالي، في زيارته الثالثة للسودان منذ توليه منصبه خبيرا مستقلا للأمم المتحدة لأوضاع حقوق الإنسان في السودان. وكان مقررا أن يزور ولايات شمال كردفان النيل الأزرق ودارفور، والتقى خلالها مسؤولين حكوميين ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات الأمم المتحدة وأفرادا.

وجدد مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر من العام الماضي ولاية الخبير لسنة أخرى بشأن تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان بالسودان.