واشنطن: مفاوضات طالبان خلال أيام

كرزاي غير رأيه بعد اتصال مع كيري > باكستان ربما تطلق سراح مزيد من أفراد الحركة لتعزيز فرص المصالحة

TT

قالت مصادر أميركية إن اتصالا هاتفيا بين جون كيري وزير الخارجية، والرئيس الأفغاني حميد كرزاي، حسم الاختلاف الأخير بين الجانبين، وجعل كرزاي يغير رأيه، ويوافق على المفاوضات مع طالبان. وقالت المصادر إن كيري، في المقابلة الهاتفية، قال لكرزاي إن إعلان «إمارة أفغانستان الإسلامية» في قطر لم يكن جزءا من الاتفاقيات الأولية بين الولايات المتحدة وطالبان. وأيضا، أن مكتب طالبان في قطر ليس مكتبا رسميا، ولكن فقط لتسهيل الاتصالات مع طالبان، ووصفه بأنه «مكتب سياسي».

وقالت المصادر إن كيري كان اتصل مع كبار المسؤولين في قطر، ونجح الجانبان في إقناع طالبان بإلغاء اسم «إمارة أفغانستان الإسلامية»، واستبدال اسم «المكتب السياسي لطالبان أفغانستان» به.

وقال كيري إن هناك اتفاقيات أولية مكتوبة، وموقعة من قادة في طالبان حول الموضوعين، وإن الوفد الأميركي، في أول جلسة مفاوضات مع طالبان، سيثير هذين الموضوعين.

وفي واشنطن، قال مسؤولون إن كرزاي محق في قراره الأول بالانسحاب من العملية التفاوضية، وإن طالبان فاجأت حتى الأميركيين باسم «إمارة أفغانستان الإسلامية»، وهو الاسم الذي كانت تسمي به أفغانستان عندما كانت تحكمها قبل الغزو الأميركي بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001.

وقالت المصادر إن كيري يريد حسم الموضوع عندما يزور قطر يوم السبت. وكان متوقعا أن تبدأ المفاوضات مع طالبان يوم الخميس أمس، ثم أعلن أنها ربما تبدأ اليوم الجمعة، أو خلال الأيام القليلة المقبلة.

وفي برلين، قال الرئيس باراك أوباما: «ستكون هذه عملية صعبة». وأضاف: «ظل هناك قتال لمدة طويلة (بين القوات الأميركية وطالبان)، ولهذا، توجد كمية كبيرة من عدم الثقة. نحن نظل نؤمن بأهمية وجود مسار سياسي (بالإضافة إلى استمرار القتال ضد طالبان)، وذلك ليكون في الإمكان تحقيق مصالحة عالمية».

وقالت المصادر الأميركية إن الجلسة الأولى للمفاوضات ستكون عن الأجندة. ويتوقع أن يبدأ الخلاف هنا، وذلك لأن الولايات المتحدة تريد اعتراف طالبان بدستور أفغانستان، وقطع أي صلة مع منظمة القاعدة. بينما تريد طالبان انسحاب جميع القوات الأجنبية، وتعارض بقاء قوات أميركية تساعد حكومة كرزاي.

وكان كرزاي قد قال إنه سيقاطع المحادثات التي ستجرى مع حركة طالبان «ما لم تجر المحادثات تحت قيادة أفغانية». وكان، أيضا، علق المحادثات مع الجانب الأميركي حول الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان بعد مغادرة قوات «الناتو» عام 2014. وكانت واشنطن أعلنت أنها ستفاوض طالبان رغم إعلان طالبان أنها مسؤولة عن قتل أربعة جنود أميركيين في كابل أول من أمس.

وقالت المصادر إن أوباما اتخذ قرار التفاوض المباشر، والمتواصل، بعد أن تعهدت طالبان بعدم السماح لإرهابيين بدخول أفغانستان، وبإشراك حكومة الرئيس حميد كرزاي في المفاوضات.

وكان مسؤول في البيت الأبيض أشار إلى البيان الذي أصدرته طالبان، والذي جاء فيه أنها «لا تريد أبدا أن تؤذي دولا أخرى انطلاقا من أراضيها». وقال المسؤول إن هذا يعنى أن طالبان التزمت الشرط الأميركي الأول، وهو إشارة إلى أن هجمات 11 سبتمبر سنة 2001 على نيويورك وواشنطن انطلقت من أفغانستان حيث كان يعيش أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة. وقال المسؤول إن الوفد الأميركي لمفاوضات طالبان يقوده دوغلاس لوت، مستشار أوباما لشؤون أفغانستان في مجلس الأمن الوطني. ويساعده جيمس دوبنز، المبعوث الخاص لأفغانستان وباكستان في الخارجية الأميركية.

وتوقع المسؤول أن يقود وفد طالبان محمد طيب الآغا، مستشار الملا محمد عمر، زعيم طالبان الذي يعتقد أنه يعيش في باكستان، وآخرون من المجلس السياسي لطالبان. وقال المسؤول إنه، كعلامة جدية في بداية المفاوضات، ستطلق الولايات المتحدة سراح خمسة أفغان معتقلين في سجن غوانتانامو، مقابل أن تطلق طالبان الجندي الأميركي بوي بيرغدال، الذي يعتقد أنه الجندي الأميركي الوحيد الذي تعتقله طالبان، منذ أن اعتقلته سنة 2009.

من جهة أخرى، صرحت مصادر حكومية باكستانية أمس، بأن باكستان ربما تطلق سراح المزيد من كبار شخصيات طالبان أفغانستان، ومن بينهم عبد الغنى بارادار النائب السابق للملا عمر من أجل تعزيز جهود المصالحة في أفغانستان. وقال مسؤول بارز بوزارة الخارجية لوكالة الأنباء الألمانية: «يمكن أن يحدث ذلك الآن، فهذا الأمر لم يستبعد مطلقا».

وأكد مسؤول أمني، رفض الإفصاح عن هويته، أن هناك إمكانية للإفراج عن بعض مسؤولي طالبان البارزين رغم عدم معرفة العدد بالتحديد.

وكانت طالبان قد فتحت مكتبا لها الثلاثاء في الدوحة عاصمة قطر لإجراء مباحثات تهدف إلى تسوية الوضع في أفغانستان. ورحب متحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية بافتتاح مكتب لطالبان قائلا إن باكستان كانت تدعم الجهود الرامية إلى تحقيق هذه الخطوة.

وكان قد جرى اعتقال بارادار في مدينة كراتشي جنوب باكستان مطلع 2010 في عملية مشتركة بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والاستخبارات الباكستانية. ومنذ ذلك الحين وهو قيد الاحتجاز لدى السلطات الباكستانية.

وكانت باكستان قد أفرجت العام الماضي عن 26 من أفراد طالبان متوسطي المرتبة الذين احتجزتهم الأجهزة الأمنية، في محاولة لتشجيع الميلشيات الأفغانية على الجلوس على مائدة المفاوضات.