استدعاء سفراء متبادل بين أنقرة وبرلين بعد انتقادات طالت ميركل

أردوغان يتهم المعارضة بإيقاف مسيرة التقدم بتركيا ويتوعد بمحاسبة «المخربين»

مؤيدون لأردوغان يرفعون العلم التركي أثناء مظاهرة (رويترز)
TT

تبادلت تركيا وألمانيا أمس استدعاء السفراء في ارتفاع لحدة التوتر بين البلدين على خلفية الموقف الألماني من الأحداث التي جرت في تركيا مطلع الشهر الجاري، و«حساسية» أنقرة حيال الانتقادات التي وجهت إلى السلطات التركية من دول الاتحاد الأوروبي، والتي جاء أكثرها حدة من ألمانيا، في وقت استمرت فيه الاحتجاجات المتفرقة في تركيا وآخرها ليل أول من أمس في أنقرة.

ورغم أن مصدرا دبلوماسيا تركيا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن العلاقات بين البلدين «لن تتأثر على الأرجح»، فإن التوتر الذي أعقب تصريحات ميركل والرد التركي عليها، والاستدعاء المتبادل للسفراء من الطرفين ينذر باهتزاز في العلاقات بينهما.

وقال المصدر التركي إن الخارجية التركية استدعت السفير الألماني لإبلاغه احتجاج أنقرة على مواقف تعتبر «تدخلا في الشؤون التركية»، مشيرا إلى أن هذا التدخل «غير مقبول حتى لو أتى من دولة صديقة عضو في (الناتو) الذي تعتبر تركيا أحد أبرز أعضائه». وحضر السفير الألماني إبرهارد بول إلى مقر الخارجية التركية، في رد على استدعاء برلين للسفير التركي لتفسير التعليقات التي أدلى بها أحد المسؤولين الأتراك وتضمنت انتقادات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وكان وزير الشؤون الأوروبية التركي إيجمان باغيس قد حذر ميركل أول من أمس من محاولة جعل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أحد مواضيع السياسة الداخلية الألمانية. وقال أمام الصحافيين: «إذا كانت ميركل تبحث عن مادة للسياسة الداخلية من أجل الانتخابات، فإن هذه المادة يجب ألا تكون تركيا»، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية المرتقبة في 22 سبتمبر (أيلول) في ألمانيا. وأضاف باغيس: «يجب أن تعلم ميركل أن هؤلاء الذين يركزون اهتمامهم على تركيا يحصدون نتائج سيئة، انظروا ما حصل مع (نيكولا) ساركوزي»، مذكرا بهزيمة الرئيس الفرنسي السابق، المعارض بشدة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، في الانتخابات الرئاسية عام 2012.

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أمس استدعاءها للسفير التركي. وأوضح الناطق باسم الخارجية الألمانية أندرياس بيشكي، أن «التصريحات (باغيس) تثير تساؤلات كبرى، والأمور لن تسير جيدا على هذا النحو»، مؤكدا أنه «ليس هناك علاقة» بين قمع المظاهرات في تركيا، الذي نددت به ميركل، والمحادثات مع الاتحاد الأوروبي.

داخليا، لم تخل جولات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، المقررة سلفا في أنحاء تركيا كجزء من خطة الحزب الحاكم للاستعداد للانتخابات، من انتقادات وجهها إلى المعارضة التركية، إذ اعتبر أمس من مدينة قيصري، أحد معاقله المحافظة، وسط تركيا، أن «مؤامرات» المعارضة «لن توقف مسيرتنا نحو التقدم والبناء».

واتهم أردوغان، الذي باشر أمس جولات لحشد أنصاره وإظهار شعبيته بعد الاحتجاجات المناهضة لحكومته، المعارضة بأنها «لا تعرف إلا الاحتجاج وتريد أن توقف مسيرة التقدم بتركيا». وقال في خطاب جماهيري أمام مناصريه في مدينة قيصري، إن «المحتجين على قطع الأشجار لهم أهداف مغرضة»، وذلك في إشارة إلى بدء المظاهرات احتجاجا على خطة تتضمن قطع أشجار في ميدان «تقسيم» في إسطنبول. وحذر من أن «القضاء سيحاسب كل من له علاقة بعمليات التخريب الأخيرة في تركيا».

وتحدث أردوغان أمام مناصريه في ميدان في قيصري، حيث رفعت اللافتات المؤيدة له وعلقت صوره على الأبنية المحيطة، وكتب على إحدى اللافتات: «دعونا نفسد اللعبة الكبرى.. دعونا نكتب التاريخ»، بينما جاء في لافتة أخرى: «مرت عشر سنوات على قدومك. لقد أحدثت تحولا في تركيا».

ولم تشهد مدن مثل قيصري، التي ازدهرت صناعاتها الصغيرة خلال عشر سنوات من حكم حزب العدالة والتنمية، الاشتباكات التي تركزت في إسطنبول والعاصمة أنقرة ومدينة أسكي شهر القريبة. ويتمتع أردوغان في هذه المنطقة بتأييد كبير.

ومن المقرر أن يواصل أردوغان جولاته في مطلع الأسبوع في مدينة أرضروم في شرق البلاد وسمسون على ساحل البحر الأسود. وتأتي هذه الجولات بعد احتجاجات دامت ثلاثة أسابيع على ما يصفه المتظاهرون بـ«نزعة استبدادية» من جانب أردوغان، وبعد اضطرابات شابت صورة تركيا كدولة مستقرة.