سجناء «حلب المركزي» يدفعون ثمن «الحرية» مرتين

بعدما تحولوا لدروع بشرية.. دمشق تنفي وفاة النزلاء بسبب نقص الأدوية

براميل تحتوي على خبز وغذاء تسقط في محيط سجن حلب المركزي
TT

نفت دمشق وفاة عدد من السجناء بسبب نقص الأدوية في أكبر معتقلات نظام الرئيس بشار الأسد في الشمال السوري (سجن حلب المركزي) مؤكدة توفر جميع أنواع الأدوية «بشكل كاف» في مبنى السجن، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا).

ونقلت «سانا» عن مصدر مسؤول لم تسمه أول من أمس «أن جميع أنواع الأدوية متوفرة وبشكل كاف داخل مبنى السجن وأنه لم يفارق الحياة أي شخص داخل السجن جراء نقص الأدوية». وأكد المصدر «أن جميع ما يتم تداوله من بعض وسائل الإعلام حول نقص الأدوية عار عن الصحة جملة وتفصيلا» معتبرا أن ذلك «يندرج ضمن الحملة الإعلامية المسعورة ضد سوريا وشعبها».

ويضم السجن نحو أربعة آلاف سجين بينهم إسلاميون ومحكومو حق عام، وقد تحولوا، بعد إعلان الجيش الحر حملته على السجن بهدف «تحرير الأسرى» مطلع شهر أبريل (نيسان) الماضي، إلى رهائن يدفعون الثمن مرتين.

فقوات النظام تحتمي بهم من نيران الثوار الذين لا يستطيعون شن هجمات كبيرة لوجود آلاف السجناء في نفس المباني التي يتحصن بها الجيش النظامي، كما أن سيطرة الجيش الحر على المناطق القريبة من السجن الواقع شمال حلب وعلى الطريق المؤدي إليه أدى إلى قطع الإمداد عنه. ويحاصر السجن كتائب من حركة «أحرار الشام الإسلامية» ومجموعة من جبهة النصرة، ويقول أبو محمد القائد العسكري لحركة «أحرار الشام» في حلب إن «مبادرات عدة طرحت من أجل تخفيف معاناة السجناء كان أخرها السماح للهلال الأحمر السوري بالدخول ونقل السجناء لخارج المعتقل مقابل انسحاب المئات من عناصر الأمن والجيش من المباني، إلا أن النظام رفض».

كما شدد أبو محمد على أن عدة عروض قدمت من جانبهم مقابل تسليم السجناء السياسيين الذين يقدر عددهم بمائتي معتقل، إضافة إلى نحو مائة امرأة وطفل من بين أربعة آلاف سجين معظمهم يقضي عقوبته لأسباب جنائية. ولكن محامين سوريين يقولون إن كثيرا من سجناء الحق العام في الداخل حوكموا نتيجة منظومة فساد وصلت حتى للقضاء في حلب.

وبحسب الأنباء الواردة من السجن فإن أكثر من مائة سجين توفوا في الأشهر الثلاث الأخيرة بسبب الأمراض والإصابة بقذائف الاشتباكات. ويقول عدد من الجنود الذين انشقوا من السجن إن الوضع داخل المعتقل كارثي، وإن الأمراض، كالجرب والسل، تغزو حجرات السجن، وقد أصبحت سببا للقتل في السجن أكثر من القذائف. وتوفي في الأيام القليلة الماضية 5 أشخاص بعد إصابتهم بمرض السل، ولا تتجاوز وجبة الطعام المتاحة للسجناء أكثر من 150 جراما.

وبعد فشل قوات النظام في الوصول إلى مواقعها في معظم مناطق ريف حلب الشمالي ومن بينها السجن ومشفى الكندي، لجأت إلى المروحيات لإمداد عناصرها بالمؤن الغذائية والعسكرية. وتحاول مروحيات النظام رمي براميل تحوي مواد غذائية وأدوية داخل السجن، لكن ضيق المساحة التي يسيطر عليها النظام حول مباني السجن جعلت تلك البراميل تذهب في كثير من الأحيان إلى قوات المعارضة. ويمكن مشاهدة عدد من البراميل الملقاة في منطقة عازلة تفصل قوات النظام عن المعارضة، وعلقت إحدى المظلات التي تحمل البراميل بعمود إنارة بينما تبعثرت المئات من أرغفة الخبز على الأرض على مرأى من قوات النظام التي تنتظر هذه المعونات بفارغ الصبر.

ويتندر أحد الثوار بالقول إن قوات النظام تمدهم ببراميل الغذاء كل يوم، في إشارة إلى العجز الكبير للنظام المتهاوي القوة في شمال حلب، إذ لم تعد قواته قادرة على التحرك بريا في معظم مناطق الريف الحلبي بسبب عداء القرى السنية لقوات النظام التي تمثل حاضنة الثورة الأساسية في حلب المدينة.

ويمكن لمن يسكن قرب منطقة السجن المركزي ملاحظة كثافة الطلعات الجوية لمقاتلات النظام على مواقع الثوار حول السجن مثل مدرسة المشاة. فمنذ إعلان المعارضة المسلحة عن «معركة فك الأسرى» تمت محاصرة ثلاثة مواقع قريبة من بعضها البعض يتحصن فيها الجيش النظامي شمال مدينة حلب. هي مستشفى الكندي ومخيم حندرات الفلسطيني والسجن المركزي في حلب.