ابن كيران: تشبث الشباب في المغرب بولوج الوظيفة العمومية حالة نفسية وفلسفية

عدة نقابات تقاطع مؤتمرا في الرباط حول إصلاح القانون الأساسي للموظفين

TT

قاطعت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التي يرأسها حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة، المؤتمر الذي نظمته الحكومة أمس في الصخيرات حول إصلاح القانون الأساسي للوظيفة العمومية، ويعد من بين المحاور الأساسية ضمن مشروع إصلاح الإدارة.

ومن بين خمسة اتحادات عمالية هي الأكثر تمثيلية في المغرب، لم يحضر الجلسة الافتتاحية للمؤتمر سوى الميلودي مخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي مستقل)، ومحمد يتيم الأمين العام للاتحاد الوطني للشغالين بالمغرب (اتحاد عمالي موالٍ لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة).

وفي تعليقه على مقاطعة بعض النقابات، قال عبد العظيم الكروج، وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، لـ«الشرق الأوسط» إنه متمسك بالحوار وسيتخذ كل المبادرات لإقناع النقابات بالمشاركة في صياغة الإصلاح. وأضاف: «لن أحكم على النقابات من خلال هذا السلوك؛ فالأبواب ستظل مفتوحة وسأظل متشبثا بالحوار. فهذا الإصلاح الذي نحن بصدده يعتبر من بين الإصلاحات الجوهرية الكبرى في البرنامج الحكومي، التي قررنا الاعتماد في صياغتها على المنهجية التشاركية والتوافقية مع جميع الأطراف من دون استثناء. ونحن متمسكون بهذه المنهجية لأنه لا يمكن لمثل هذا الإصلاح أن يفرض من طرف واحد».

وأوضح الكروج أن هدف المؤتمر هو جمع المسؤولين الحكوميين والنقابات والخبراء وكل الأطراف من أجل تشخيص الوضعية وإصدار توصيات ووضع كتاب أبيض سيشكل أرضية لصياغة مشروع القانون الجديد للوظيفة العمومية بالمغرب. وقال: «القانون الحالي يعود إلى سنة 1958، والقانون الجديد الذي نطمح إليه نريد أن يتضمن حلولا للمشاكل التي نعيشها اليوم، وأن يكون ذا طابع استشرافي وتوقعي، ويستجيب لحاجياتنا خلال للعقود المقبلة».

وفي افتتاح المؤتمر، ركز عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة على مسألتين اعتبرهما أساسيتين بالنسبة لإصلاح قانون الوظيفة العمومية، مسألة ولوج الوظيفة ومسألة الأجور. وقال ابن كيران: «الولوج إلى الوظيفة يمكن أن يعتبر حالة نفسية وفلسفية في المغرب؛ إذ ترسخ في الدهن الشعبي أنه حق دستوري. الجميع يطالب بالوظيفة، ولا يكاد يذهب إلى القطاع الخاص إلا بعض من توفرت لديهم فرص أو ظروف خاصة، أو من اضطر إلى ذلك مكرها». وأشار ابن كيران إلى أن ذلك راجع إلى الاعتقاد السائد بأن الوظيفة العمومية توفر الأمن والأمان بالنسبة للموظف وذويه من بعده، لدرجة أن أصبح المغاربة يصفون القطاع العام بالجنة والقطاع الخاص بالجحيم. وقال: «هذا الاختلال الخطير أوصل البعض إلى الإجرام، وإلى قتل نفسه أو إضرام النار في جسده، وهذا إجرام. لذلك لا أرى فائدة من هذه المناظرة إذا لم تتحرر العقول». وأوضح ابن كيران أن ما نص عليه الدستور ليس الحق في الوظيفة العمومية كما يعتقد البعض، وإنما مراده هو ضمان حق أي إنسان في العمل وحمايته من المنع من أي أحد.وذكر ابن كيران بلحديث النبوي الذي يوصي المسلمين بتعليم أبنائهم التجارة بدل تعليمهم الإجارة، مشيرا إلى أن الذي ينتج الثروات هو القطاع الخاص وليس الإدارة. وقال: «العمل في الإدارة جيد، لكن صدقوني هو ليس الأجود».

ودعا ابن كيران إلى ضرورة إحداث توازن بين الأجور التي تصرفها الدولة للموظفين وبين مداخيل الحكومة. وقال: «نحن لا نعيش وحدنا، بل نحن جزء من عالم فيه مقاييس ومعايير. فالحجم الذي تمثله أجور الموظفين من النفقات أو المداخيل الحكومية عندنا يجعل الآخرين ينظرون إلينا بشكل سلبي. ويؤثر على جاذبية بلدنا للاستثمار».

وأشار نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية المغربي إلى أن كتلة أجور الموظفين ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لتبلغ 100 مليار درهم (الدولار يساوي 8.14 درهم)، وأصبحت تعادل 60 في المائة من المداخيل الجبائية للحكومة. وأضاف أن معدل الأجر في الوظيفة العمومية ارتفع إلى 7500 درهم في الشهر، وارتفع الحد الأدنى للأجر في الإدارات الحكومية إلى 2800 درهم، وتقلصت الفوارق بين الأجور بنسبة 50 في المائة.