اعتقال كبير رجال الدين اليهود في إسرائيل إثر شبهات بالفساد

من بينها رشى وعمليات احتيال وسرقة وتبييض أموال

TT

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية كبير رجال الدين اليهود ورئيس المؤسسة الرسمية للحاخامات الأشكنازيين، يونا متسجر، على ذمة التحقيق بعد أن تراكمت لديها شبهات حوله في سلسلة من قضايا الفساد الخطيرة. وقام أفراد الشرطة بمداهمة المقر الرئيس للمؤسسة ومصادرة أوراق وأجهزة حاسوب، ثم داهمت بيت متسجر وصادرت المزيد من الوثائق والأجهزة. وبعد عشر ساعات من التحقيق المتواصل معه، تم تحويله إلى حبس منزلي لمدة خمسة أيام ومنعه من الوصول إلى مقر عمله طيلة 15 يوما، مع الاحتفاظ بحق مواصلة التحقيق معه.

وقال متحدث باسم الشرطة، في تفسير هذا العملية التي تتم لأول مرة في التاريخ الإسرائيلي، إن المداهمات والتفتيشات والاعتقالات في مقر الرئاسة الروحية نفذت بعد التنسيق مع المستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، ومصادقة أعلى الجهات في النيابة، وذلك بعد تحقيقات سرية تمت خلال شهور طويلة. وأكد أن الحديث يجري عن شبهات بالغة الخطورة في قضايا رشوة وعمليات احتيال وسرقة وتبييض أموال، متورط فيها آخر من رجال الدين. وتم اعتقال ثلاثة منهم، بينهم رجل دين آخر ومساعد متسجر الشخصي وسائقه. وقد قررت المحكمة تمديد اعتقالهم لمواصلة التحقيق. وحسب مصدر مقرب من الشرطة فإن إحدى الشبهات تتحدث عن سرقة بضع مئات الألوف من الشيقلات (الدولار يساوي 3.6 شيقل)، كانت قد وصلت كتبرع لإحدى الجمعيات.

المعروف أن «مؤسسة الحاخامات الرئيسيين»، تعتبر أعلى سلطة دينية يهودية في إسرائيل. وهي مؤسسة رسمية في الدولة، يترأسها رجلا دين يسميان «الحاخامنين الرئيسين»، أحدهما لليهود الأشكناز (من أصل غربي)، وهو اليوم الحاخام يونا متسجر المشبوه، والثاني يهودي شرقي، هو اليوم الحاخام شلومو عمار. ويتم التعامل مع كل منهما كرئيس محكمة العدل العليا، من ناحية المكانة الرسمية والراتب والحصانة والحماية. وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة لهذه المؤسسة والعديد من رجال الدين فيها، امتنعت الشرطة عن التعرض لها في الماضي، لأسباب وحسابات سياسية وحزبية، حيث تصدت الأحزاب الدينية لأي محاولة مساس بها. ولكن الشبهات الحالية لم تترك مجالا للمزيد من قنوط الشرطة.

وقد رحبت وسائل الإعلام الإسرائيلية وخبراء القانون بهذه «الخطوة الشجاعة» من الشرطة، لكن كثيرين أكدوا أنها جاءت متأخرة عدة سنوات. ومع أن الاتهامات ما زالت طي الكتمان في ملفات الشرطة، فقد نشرت صحيفة «معاريف»، أمس، تقريرا مفصلا عددت فيه سلسلة فضائح تورط فيها متسجر في الماضي، ومنها: في سنة 1998 طرحت ضده اتهامات بالفساد وصودرت رخصته كرجل دين. وفي سنة 2005، وفي أعقاب تحقيق أجرته «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي المستقل، جرى التحقيق معه في الشرطة على تلقي رشى عديدة جدا خلال وجوده على رأس المؤسسة الدينية، فأقام في فنادق فخمة مع أفراد عائلته للاستجمام على حساب رجال أعمال ومؤسسات عامة وخاصة. وقد أوصت الشرطة بمحاكمته، لكن المستشار القضائي ميني مزوز وجد صعوبة في إثبات الاتهامات، فأغلق الملف لقلة الأدلة ونشر بيانا كتب فيه أن متسجر كذاب وموبوء بالفساد بشكل منهجي وطالبه بأن يغير نهجه تماما ويستقيل من منصبه الديني الرفيع. وفي سنة 2006، حضر مؤتمرا عالميا للتآخي بين الأديان، وذلك في مدينة إشبيلية الأندلسية في إسبانيا. وقد أجرى صحافي فرنسي مقابلة معه، فدعاه بعد المقابلة إلى غرفته في الفندق وعرض عليه مضاجعته جنسيا. وقد أكد هذه التهمة أحد منظمي المؤتمر اليهود، آلان ميشل، وقال للصحيفة إن متسجر أخجل رجال الدين اليهود وكل اليهود في العالم، بذلك التصرف الخطير. وأكد أنه لم يعد يدعى إلى مؤتمرات دولية أو أي لقاءات من طرفه في الخارج. ومع أن متسجر نفى هذه الاتهامات إلا أنه لم يدع فعلا للقاءات من تنظيم ميشل.

وقالت «معاريف» إنها كانت قد نشرت تقريرا عن اعتداءات جنسية من طرف متسجر، وذلك في 2003، قبيل تعيينه حاخاما رئيسا.. ففي حينه أدلى أربعة شبان بتصاريح مشفوعة بالقسم بأنهم تعرضوا لملاحقات جنسية من متسجر عندما كانوا فتية صغارا تحت السن القانونية. وأجرت لهم الصحيفة فحصا بجهاز كشف الكذب فتبين أنهم يقولون الحقيقة. ولكن متسجر نفى الاتهامات بشدة وعرض من طرفه فحصا يثبت صدقه.