«النهضة» تنفي إمكانية تخلي الغنوشي عن قيادتها لخلافة القرضاوي على رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

حزب التحرير يعقد اليوم مؤتمره الثاني حول الخلافة و«نداء تونس» تحتفل بذكرى تأسيسها في باريس

TT

نفى زبير الشهودي رئيس مكتب الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، إمكانية تخلي الغنوشي عن قيادة حركة النهضة التونسية خلال الفترة المقبلة لخلافة يوسف القرضاوي على رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وجاء نفي الشهودي في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس.

من جانبه يعقد حزب التحرير (حزب حصل على الترخيص القانوني بعد الثورة، مرجعيته دينية وينادي بعودة الخلافة) مؤتمره السنوي الثاني اليوم السبت بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية تحت عنوان «الخلافة.. التغيير والتحرير.. سقوط الإمبراطوريات وعودة الإسلام». وينظر المؤتمر، حسب ما صرح به لـ«الشرق الأوسط» أحمد ططار عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير، في أربعة محاور أساسية، وأضاف أن المؤتمر سيطرح عدة مسائل من بينها الخلافة التغيير الجذري (حل أزمة الحكم)، والخلافة الكفاية والرفاه (حل أزمة الاقتصاد)، والخلافة تحرير عالمي (حل أزمة العلاقات الدولية)، إضافة إلى محور الخلافة تصهر وتوحد (حل أزمة الأقليات واللاجئين).

وقال ططار أيضا إن دعوات وجهت إلى قيادات سياسية من مناطق عدة من العالم الإسلامي، كما سيسجل المؤتمر حضورا مميزا من بلاد الشام، على حد تعبيره.

ونفى ططار فرضية حصول مشاكل من أي نوع، على حد قوله، واعتبر أن حزب التحرير يعمل في إطار قانوني، وهو ملتزم بقانون الأحزاب، والتزم بضرورة إعلام وزارة الداخلية التونسية بموعد المؤتمر ومكانه، وستعمل السلطات التونسية على إنجاح المؤتمر. واستبعد نهائيا إمكانية حصول مواجهات كما حصل في الملتقى الثالث لتنظيم أنصار الشريعة الذي كان مبرمجا في القيروان ليوم 19 مايو (أيار) الماضي، قبل أن تمنعه وزارة الداخلية لعدم حصوله على الترخيص القانوني المسبق. وقال أيضا إن حزب التحرير ينبذ العنف ويدعو إلى أفكاره بالحجة والإقناع لا غير.

في غضون ذلك تحتفل حركة نداء تونس نهاية هذا الأسبوع، بمرور سنة على تأسيسها بضاحية «كريتاي» بالعاصمة الفرنسية، ويتحول الباجي قائد السبسي رئيس الحزب المعارض، حسب مصادر مطلعة، بنفسه للإشراف على اجتماع شعبي كبير في أحد الأحياء الباريسية التي تعرف بكثافة المهاجرين التونسيين. وأعلن الباجي قائد السبسي عن تأسيس حزب حركة نداء تونس في السادس عشر من يونيو (حزيران) 2012.

وأشارت المصادر إلى أن الباجي سيعيد التأكيد على نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسيواصل تحدي الائتلاف الثلاثي الحاكم بقيادة حركة النهضة في مجالين أساسيين بالنسبة لقيادات حركة نداء تونس، هما قانون تحصين الثورة الذي يهدد البعض منهم بعزلهم سياسيا، ومن أهمهم الباجي قائد السبسي نفسه (شغل منصب رئيس البرلمان في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي)، وتحديد السن القصوى لرئيس الجمهورية القادم بـ75 سنة حسب نص الدستور الجديد، وهو يهدد ترشح الباجي (89 سنة) للانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها مبدئيا قبل نهاية السنة.

وتتوقع معظم استطلاعات الرأي أن تشهد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة منافسة حادة بين حركة النهضة وحركة نداء تونس. وتواجه حركة نداء اتهامات بفتحها الأبواب أمام منتسبي حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، حزب بن علي المنحل، إلا أنها تنفي التهمة وتقول إنها مع محاسبة كل من أخطأ وأذنب في حق التونسيين، وإن قانون العدالة الانتقالية هو الفيصل بين الفرقاء السياسيين.

وتقود حركة نداء تونس تحالف «الاتحاد من أجل تونس»، وهو تحالف سياسي يضم خمسة أحزاب، أهمها الحزب الجمهوري بزعامة أحمد نجيب الشابي، والمسار الديمقراطي الاجتماعي بزعامة أحمد إبراهيم.

وفي هذا الشأن قال عادل الشاوش القيادي في حركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط» إن اختيار الباجي قائد السبسي الاحتفال بالذكرى الأولى لتأسيس حركة نداء تونس يتضمن رسائل سياسية متعددة موجهة إلى الطرف الفرنسي الشريك الاقتصادي والسياسي الأهم بالنسبة لتونس، كما أن رسائل مماثلة قد تكون موجهة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي القريبة من فرنسا. ونفى أن يكون الاختيار على فرنسا مناسبة لـ«استعراض قوة»، وقال إن الحزب الفتي الذي لم يمر على تأسيسه أكثر من سنة، بات يمثل أحد أهم المنافسين السياسيين لحركة النهضة الفائزة في انتخابات 2011 ولبقية الأطراف.

وأشارت مصادر سياسية مختلفة إلى أن قيادات حركة نداء تونس ستسعى لدى فرنسا إلى تقديم بديل سياسي عن الإسلاميين، وأنها تمثل قوة سياسية بديلة على أرض تونس وفقا لمعظم استطلاعات الرأي.

وتطرق الأزهر بالي الأمين العام لحزب الأمان (حزب وسطي) إلى تركيبة حركة نداء تونس، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها قائمة على ضدية الحزب الحاكم (النهضة) وعلى مجموعة من المصالح السياسية والاقتصادية. ولم ينفِ عنها العلاقات المشبوهة والاتجاهات المشبوهة، وقال إن من مهامها الأساسية خلال المرحلة التي تسبق الانتخابات المقبلة بعث رسائل طمأنة إلى الغرب، وقال إن تخوف التونسيين قد يتجاوز حركة نداء تونس إلى طرح مخاطر إمكانية تحالفها مع حركة النهضة. وأشار إلى رفض حزب الأمان التعامل مع حركة نداء تونس؛ لأنها، على حد تعبيره، «جزء من المشكل السياسي ولا تمثل الحل البديل»، لذلك ستسوق في فرنسا عدم تهيئة الأجواء في تونس للاحتفال بذكرى تأسيسها وتواصل سيطرة الوسط غير الآمن.

ومن المنتظر أن تكون تنسيقية نداء تونس في أوروبا قد وفرت تغطية إعلامية غير مسبوقة آتية من كل الدول الأوروبية، قبل أن يواصل جولته إلى دول أوروبية أخرى، ومن ثم إلى الولايات المتحدة الأميركية. ويعول الباجي قائد السبسي على مجموعة كبيرة من رجال المال والأعمال المستقرين في أوروبا وينتظرون استقرارا سياسيا أكثر لدعم الاقتصاد التونسي.

وحول احتفال حركة نداء تونس بذكرى تأسيسها في ضواحي باريس، قال بلقاسم حسن الأمين العام لحزب الثقافة والعمل لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر قد يتلوه نوع من الادعاء بمنع حزب الباجي قائد السبسي من الاحتفال في تونس، واعتبر أن الأمر مخالف للواقع؛ فكل المنابر الإعلامية مفتوحة أمام الحركة، وجزء كبير من الإعلام يدافع بضراوة عن خياراتها.

وانتقد حسن هذا «اللجوء الاحتفالي» إلى ضواحي باريس، وقال إنه قد يكون جزءا من انتماء الحزب نفسه، واعتبر أن معاداته للهوية وارتباطه بأفكار المستعمر، على حد تعبيره، هي التي قد دفعته إلى الاحتفال في الخارج بدل التوجه إلى شعبه وإلى قاعدته الانتخابية في الداخل.