الضغوط الشعبية تدفع محافظ الأقصر «الجهادي» إلى تقديم استقالته

الجماعة الإسلامية اعترفت بأن تعيين عضوها كان قرارا «غير موفق»

عادل الخياط
TT

كشف قياديون بالجماعة الإسلامية في مصر لـ«الشرق الأوسط» أمس، عن قيام المهندس عادل الخياط، محافظ الأقصر الجديد، والمنتمي للجماعة، بتقديم استقالته إلى الرئيس محمد مرسي من منصبه، الذي لم يمض فيه سوى بضعة أيام، في أول استجابة للضغوط الشعبية الرافضة للتعيينات الأخيرة للمحافظين.

وقوبل قرار الرئيس مرسي بتعيين الخياط محافظا للأقصر، بموجة غضب وانتقادات شعبية شديدة، خاصة في أوساط العاملين بالسياحة، كونه عضوا في جماعة جهادية منسوب إليها تنفيذ عملية إرهابية بالأقصر عام 1997، أدت لمقتل 58 سائحا، وعدد من المواطنين. وذكرت مصادر بالحكومة لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس مرسي قد يضطر إلى قبول استقالة الخياط، خاصة بعدما رفض هشام زعزوع وزير السياحة التراجع عن استقالة تقدم بها احتجاجا على تعيين الخياط، رغم رفض رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل قبولها».

وقامت الجماعة الإسلامية بأعمال عنف خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، أبرزها اغتيال الرئيس أنور السادات، لكن قادتها قاموا بمراجعات فكرية داخل السجون، قبل أن يخرجوا منها بعد ثورة 25 يناير عام 2011.

وقال الدكتور نصر عبد السلام، رئيس حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»: إن «الخياط تقدم بالفعل باستقالته، حتى يدرك الناس أننا لا نرغب في المنصب وغير متمسكين به، وحتى نفوت الفرصة على من يريدون أن يدفعوا الجماعة الإسلامية للغضب والعودة للعنف مرة أخرى.. لكن هذا لن يحدث ولن ينجح أحد في استدراكنا للعنف أبدا».

وفشل المحافظ الجديد الأربعاء الماضي في الوصول إلى مكتبه بعدما حاصره العاملون بالسياحة والمواطنون الغاضبون، وأغلقوا الطريق إلى مبنى ديوان عام المحافظة، بإطارات السيارات المشتعلة، فأعلن الخياط إرجاء تسلم مهام عمله مؤكدا «حرصه على سلامة الجميع» وخوفا من وقوع اشتباكات بين معارضيه وأنصاره، الذين حاولوا أن يشكلوا درعا بشرية لحمايته.

ويخشى العاملون بالسياحة في الأقصر من أن يتسبب تعيين الخياط في خفض أعداد السائحين، في ظل أزمة سياحية تعاني منها البلاد منذ ثورة 25 يناير 2011، بسبب الانفلات الأمني. وتعد عائدات السياحة من أهم المداخيل التي يقوم عليها الاقتصاد المصري، حيث تتجاوز 10 في المائة من الناتج الاقتصادي.

ورسم غاضبون رسومات على سور محافظة الأقصر للخياط على هيئة «إرهابي يجلس على كرسي المحافظة حاملا السلاح»، أو «شيطان يدمر معبدا قديما»، وكتبوا شعارات رافضة لدخوله.

ومن جانبه، أكد أشرف سيد، عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية، لـ«الشرق الأوسط» أن «استقالة الخياط هي حاليا رهن الرئيس مرسي للبت في أمرها بالقبول أو الرفض، وأن من بين الحلول المطروحة إجراء عملية تبديل بين المحافظين، بحيث يتولى الخياط محافظة أخرى من محافظات الصعيد، بعيدا عن الأقصر التي يواجه رفضا شعبيا فيها».

وأكد عضو الهيئة العليا للحزب أنه «على العكس مما يعتقده البعض، فإن الخياط كان يعد ضمانة لرواج النشاط السياحي في مصر، لأنه كان سيقدم الصورة الصحيحة للإسلاميين غير الأكاذيب التي يتم الترويج لها لإرهاب العالم». وتعهد الخياط في تصريحات سابقة له بـ«رفع معدلات السياحة»، لكن تصريحاته لم تنجح في تهدئة العاملين بالسياحة.

وبرر سيد الرفض الجارف للخياط في الأقصر، بالقول إن «المحافظة مكتظة بثلاثة أنواع من الناس هم: الصوفيون شديدو العداء للإسلاميين، بعض القبائل المنتمية للنظام السابق (الفلول)، وأخيرا صناع السياحة وهم العدو الطبيعي للإسلاميين»، على حد وصفه. واعترف سيد أن «اختيار عضو الجماعة الإسلامية لهذه المحافظة كان قرارا غير موفق، خاصة أن هناك 17 محافظة شملتهم الحركة وكان يمكن أن يتم تعيين الخياط في أي محافظة أخرى منها»، مضيفا: «القرار تم بناؤه على أن هناك ظهيرا شعبيا قويا للجماعة الإسلامية في صعيد مصر». ورفض سيد اعتبار البعض تعيين الخياط بمثابة مكافأة للجماعة الإسلامية على دعمها للرئيس مرسي في الفترة السابقة. وقال: «لو أن ذلك صحيحا لنالت الجماعة الإسلامية أكثر من هذا المنصب، لأنها قدمت الكثير، لكنها لا تنتظر مقابلا على دعمها هذا، لأنها تقف بجانب الشرعية وإرادة الشعب الذي انتخب الرئيس مرسي ولا يمكن عزله قبل انتهاء مدته»، معربا عن أسفه لـ«طريقة الاعتراض العنيف الذي أبداه البعض على القرار»، واصفا إياه بأنه «غير ديمقراطي».

وكانت رشا عزايزي، المتحدثة باسم وزارة السياحة، قد أكدت أول من أمس أن «وزير السياحة مصمم على الاستقالة من منصبه اعتراضًا على ما وصفه بالمخاطر على السياحة من تعيين قيادي بالجماعة الإسلامية محافظًا للأقصر»، مضيفة أن «زعزوع لن يتراجع عن الاستقالة لعدم توافر البيئة المناسبة التي تمكنه من ممارسة عمله بالشكل المطلوب خاصة في ظل ردود الفعل الدولية القلقة، وإعلان شركات سياحية عالمية مخاوفها من القرار».