الجيش اللبناني يعطل منصة صواريخ غراد بعد إطلاق صاروخ باتجاه بيروت

وزير الداخلية: مسار العبور محاذ لوزارة الدفاع والقصر الرئاسي والضاحية

الجيش اللبناني في الموقع الذي تعطل فيه صاروخ في بلدة بلونة أمس (أ.ف.ب)
TT

أطلق مجهولون فجر أمس، صاروخا، من منصة إطلاق موضوعة في منطقة بلونة (قضاء كسروان) في جبل لبنان (شرق بيروت)، انفجر في خط تغذية كهربائي في محلة بسوس (قضاء عاليه)، فيما أعلن الجيش اللبناني عثوره على منصة ثانية مجهزة بصاروخ من نوع غراد عيار 122 ملم معد للإطلاق، جرى تعطيله. وحذر قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي من محاولات لإشعال الفتنة، إثر إطلاق نار باتجاه مراكز للجيش اللبناني في منطقة البقاع.

وأعلنت قيادة الجيش أنه «إثر سماع دوي انفجار (أول من أمس) في منطقة الجمهور، قامت وحدات الجيش بتكثيف تحرياتها، وبنتيجة ذلك عثرت دورية تابعة للجيش أمس في حرش مار إلياس في منطقة بلونة - كسروان، على منصة مجهزة بصاروخ نوع غراد عيار 122 ملم معد للإطلاق، على توقيت، ومنصة أخرى تبين بنتيجة التحقيقات أنه قد تم استخدامها ليل أمس لإطلاق صاروخ من النوع نفسه، سقط في أحد الأودية بين محلتي الجمهور وبسوس، وأدى إلى قطع خطوط التوتر العالي في المنطقة».

وأشارت قيادة الجيش، قي بيان، إلى أن الخبير العسكري حضر إلى المكان وعطل الصاروخ المجهز، فيما بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص لكشف هوية الفاعلين وتوقيفهم. وتفقد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الموقع الذي تم فيه العثور على منصة الصواريخ وكشف عليه. ولفت إلى أنه «لم ننتهِ من رفع الأدلّة، ولا شيء جديد، فعملية البحث عن الأدلة ما زالت مستمرة».

وذكرت قناة الـ«إل بي سي» التلفزيونية أن منصتي الصواريخ التي عثر عليهما، مصنوعتان من الحديد، أما الصاروخان، فهما مزودان بلوح إلكتروني للإطلاق عن بعد. وأفادت قناة «المنار»، الناطقة باسم حزب الله، بأن جهاز الإطلاق للمنصة التي عثر عليها في بلونة يعمل كهربائيا ولاسلكيا، فيما قال مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الصاروخين يبلغ مدى كل منهما نحو 40 كيلومترا.

وبينما ذكرت تقارير إعلامية أن الصاروخين موجهان باتجاه الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، نفى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل توصل التحقيق إلى معرفة الوجهة النهائية للصاروخين. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن مسار الصاروخين من منصة الإطلاق، حتى أقصى نقطة يصلان إليهما، «يؤكد أنهما يعبران فوق وزارة الدفاع الوطني، ومحيط القصر الجمهوري، وصولا إلى الضاحية الجنوبية».

وأوضح شربل أن الرسائل من إطلاق الصواريخ «لم تتضح بعد، لأن التحقيق لم يتوصل إلى معرفة وجهتهما النهائية». وأضاف: «لبنان بات صندوق بريد لرسائل متعددة». وعما إذا كان الصاروخان جاءا عقب الدعم الرسمي الذي حاز عليه الجيش اللبناني لمنع الفتنة والتوتر الأمني في صيدا والبقاع وطرابلس، قال: «لا يمكن الجزم بأي تفسير حتى الآن قبل انتهاء التحقيق»، لافتا إلى أن «كل تصور له تفسير مختلف»، مشيرا إلى أن «معرفة وجهة الصواريخ تقود إلى الدوافع من إطلاقها والرسالة التي تحملها».

وكان صاروخان من نوع غراد سقطا في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل شهر، أسفرا عن سقوط جرحى، بالتزامن مع إعلان حزب الله مشاركته بالقتال إلى جانب النظام السوري ضد المعارضة السورية.

وشهدت المناطق اللبنانية أول من أمس توترات متنقلة بين الشمال والبقاع وبيروت. وقال الجيش اللبناني، في بيان أمس، إن عددا من المسلحين «أقدم على إطلاق النار باتجاه مراكز الجيش في مجدل عنجر والمصنع وعرب الفاعور، وردّت عناصر هذه المراكز على النار بالمثل، كما باشرت قوى الجيش حملة مداهمات واسعة لتوقيف مطلقي النار، حيث تمكنت من توقيف 22 عنصرا مشتبها بهم».

وجددت قيادة الجيش دعوة المواطنين إلى «التهدئة، وعدم الانجرار خلف الشائعات والعصبيات الفئوية، وأكدت أنها لن تتهاون في التصدي بقوة للخارجين على القانون والمعتدين على سلامة القوى العسكرية بكل الوسائل الممكنة».

من جهته، أعرب وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن عن تخوفه من «أمر ما يحضر في الخفاء للبنان، وهو ما يفسر التوترات التي شهدتها البلاد في الساعات الماضية، والتي تمثلت بظهور مسلح وقطع طرق في عدد من المناطق اللبنانية، والتعرض لمراكز تابعة للجيش اللبناني».

بدوره، أكد قائد الجيش العماد جان قهوجي، «إننا نمرّ في أصعب مراحل تاريخ لبنان الحديث»، مشيرا إلى أن «الوطن اليوم أمام تحدي اختبار حقيقي، يهدد للمرة الأولى وحدته ووحدة أبنائه منذ انتهاء الحرب باتفاق الطائف». ولفت إلى «محاولات تزداد يوما بعد يوم لإشعال الفتنة المذهبية ونقلها من منطقة إلى أخرى، لتحويل لبنان مجددا ساحة للصراعات الإقليمية والدولية»، مشددا على «إننا في ظل هذه الهجمة غير المسبوقة، نحاول بإمكاناتنا البشرية والمادية الضئيلة أن نكون على قدر التحديات الجسام التي تواجهنا».

ودعا قهوجي، في تصريحات أمس، «جميع المرجعيات السياسية والروحية والقضائية والإعلامية إلى ترجمة حرصها على الوطن أفعالا على الأرض، وتوحيد جهودها لدعم الجيش في مهماته، بدل استهدافه يوميا». وأكد أن الجيش «ليس مسؤولا عن الفتنة المذهبية، أو عن الصراعات السياسية المحلية والإقليمية التي تريد إشعال فتيل الحرب، ولا عن التجييش الإعلامي والسياسي والمذهبي الذي يريد أن ينال من وحدة المؤسسة العسكرية».

إلى ذلك، أعربت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي، عن «قلق الولايات المتحدة العميق حول تزايد وتيرة الاشتباكات المنطلقة من أسباب طائفية في لبنان، والتهديد الذي تمثله على الاستقرار العام في البلاد»، داعية «جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس واحترام سيادة واستقرار لبنان وأمنه».