انتقادات بـ«خلفيات سياسية» للرئيس اللبناني بعد رفعه مذكرة ضد الخروق السورية

سليمان يكلف وزير العدل اتخاذ إجراءات بحق نائب «بعثي» اتهمه بـ«الخيانة العظمى»

TT

طلب الرئيس اللبناني ميشال سليمان من وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية شكيب قرطباوي «اتخاذ الإجراءات اللازمة» بحق النائب عن حزب البعث في البرلمان اللبناني عاصم قانصو بسبب اتهامه سليمان بجرم «الخيانة العظمى»، على خلفية رفعه مذكرة إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، تدين الانتهاكات السورية، النظامية والمعارضة للسيادة اللبنانية.

وكان سليمان قد قدم أول من أمس نسخة من مذكرة الاحتجاج إلى أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، عبر السفير عبد الرحمن الصلح لإحاطته علما بالخروق السورية، كما قدم، قبل أربعة أيام، نسخة مماثلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عبر ممثله الشخصي في لبنان ديريك بلامبلي. ويأمل سليمان في «حض جميع الأطراف على الالتزام الفعلي بواجب احترام سيادة لبنان وحرمة حدوده وأراضيه وعدم التورط في الأعمال العدائية على طرفي الحدود».

ولاقت خطوة سليمان انتقادات حادة من شخصيات لبنانية موالية لنظام الرئيس بشار الأسد، جاء أبرزها على لسان النائب قانصو، الذي اعتبر أن «قيام سليمان بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد سوريا هو عمل مخالف للدستور»، لافتا إلى أن «المخالفة تتمثل في تجاوز رئيس الجمهورية لوزارة الخارجية القناة الدستورية الوحيدة التي يمكن من خلالها التقدم بمثل هذه الشكوى». وأعلن قانصو، في تصريح الأربعاء الماضي، أنه سيعمل «لوقف مسلسل الخيانة والطعن المستمر بالدستور اللبناني»، على «ملاحقة رئيس الجمهورية بجرم الخيانة العظمى وفقا للأصول الدستورية والقانونية».

من جانبها، رفضت مصادر مقربة من الرئيس اللبناني الرد أو الدخول في سجال مع منتقديه، واعتبرت في حديث لها مع «الشرق الأوسط» أن «هذه الانتقادات تنطلق من خلفية سياسية وليست قانونية»، مشيرة إلى أن «خطوة الرئيس تدخل ضمن صلاحيته الدستورية وهو أقدم عليها بالتوافق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كما أن وزير الخارجية اللبناني كان أيضا في أجواء ما يحصل».

وجاءت مبادرتا الرئيس اللبناني برفع المذكرتين بعد امتناع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور عن الامتثال لطلب وجهه إليه سليمان مرات عدة لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن على خلفية الانتهاكات السورية للسيادة اللبنانية، من قبل النظام والمعارضة السورية في آن.

وفي حين شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس على أن «الدولة اللبنانية أقوى من حزب الله»، مبديا رفضه «التدخل في سوريا لصالح أي طرف كان، لما له من آثار سلبية على الوضع الداخلي في لبنان»، قال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي بعد زيارته وزارة الخارجية اللبنانية أمس إن «ما يعني سوريا هو الحفاظ على علاقة أخوية مع لبنان واستمرار التنسيق بين قيادة الجيشين واللجان المشتركة، ومواجهة هذه المؤامرة التي تتعرض لها وهذه الحرب». وقال: «يكفي ما جرى في الداخل اللبناني ومن رد مقابل له. أما ما يخص الحدود السورية - اللبنانية والمسلحين الذين ينتهكون السيادتين اللبنانية والسورية، فمن البداية كانت سوريا واضحة بأن هؤلاء الذين يخرجون على كل الأعراف والمعايير، بعضهم وكثير منهم استقدم من جنسيات عربية وأجنبية للعدوان على سوريا بغطاء من قوى إقليمية وعربية ودولية، وبتواطؤ بعض القوى اللبنانية التي لم تعد خافية على أحد».

وتابع: «لذلك دعت سوريا من البداية إلى العمل بالاتفاقات بين البلدين وفق الدستور اللبناني والسوري، بما يمنع أن يكون أي من البلدين مقرا أو ممرا للعدوان على البلد الآخر، هذا لم تكن سوريا فيه إلا ملتزمة العلاقة الأخوية والاتفاقات الناظمة». وأشار إلى أن «هؤلاء المسلحين والإرهابيين والمتطرفين والتكفيريين وجدوا حاضنة لهم في بعض المواقع اللبنانية من قبل السياسيين اللبنانيين وبعض القوى التي كانت تحتمي بإطار الدولة، هذا ما نبهت إليه سوريا، ولكن بالمنطق الأخوي، ولا تزال تحرص على هذا المنطق الأخوي بين البلدين في كل المواقع والمحافل».

ولفت علي إلى أن «ما يقوم به (حزب الله) اليوم هو ما يفعله أي غيور على كرامة المقاومة والمنطقة، فهو يدافع عن نفسه كما يدافع عن القدس والأقصى وكنيسة القيامة».

في موازاة ذلك، اعتبر السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين أنه «يحق للرئيس اللبناني إرسال هذه الوثائق إلى الأمم المتحدة، ويجب دراستها بكل جدية وهو المخول للنظر في الأمور واتخاذ الإجراءات المناسبة. وأنا أعتقد أن هذا الشيء يدخل في إطار الحقل القانوني». وأكد أن لسليمان «الحق في طرح هذه المواضيع، ويبدو أنها مهمة وعلى المجتمع الدولي دراستها وأنا لا أريد أن أستبق الأمور ولهذا تدرسها الأمم المتحدة».

ورأى زاسبكين أن «الوضع على الحدود كما يبدو معقد جدا، وخصوصا أنه لا يزال هناك تسريب للمقاتلين ذهابا وإيابا، ولهذا يحدث دائما شيء ما»، لافتا إلى أن «معالجة هذه المواضيع يجب أن تكون أولا عن طريق الاتصال بين السلطات اللبنانية والسورية، أما إذا اعتبر الرئيس اللبناني أن هذه المواضيع يجب أن تحال على الأمم المتحدة، فكما سبق أن قلت، هذا حقه الطبيعي».

من ناحيته، اعتبر النائب في كتلة المستقبل نضال طعمة أن «الهجوم المركز الذي يتعرض له سليمان يشعرنا بالقلق والخوف وكأن الفريق السياسي الذي يوظف كل طاقاته الإعلامية للنيل من الرجل الذي بات يمثل في مرحلة حساسة ما تبقى من شرعية للدولة، ومرجعية لمنطق القانون، يهدف إلى استهداف الأمل بالاستقرار والهدوء».

وقال النائب في تكتل النائب ميشال عون حكمت ديب إنه على سليمان أن «ينظر بصورة أشمل كونه المسؤول الأول وقائد القوات المسلحة والرئيس الأعلى لها ويفترض أن تكون لديه معالجات على أرض الواقع واتخاذ خطوات عملية أكثر من تقديم شكاوى مصيرها معروف سلفا»، مشددا على أنه «لا يجوز إهمال الثغرات الأمنية ولا المسايرة في الموضوع الأمني لأنه سيتفاعل».