مجموعة الـ«11» يقرون مبدأ التسليح لـ«تعزيز فرص الحل السلمي»

باريس تسلم المعارضة علاجات مضادة لـ«السارين».. وواشنطن ترفض الإفصاح عن طبيعة مساعداتها

جون كيري يتحدث خلال اجتماع أصدقاء سوريا في الدوحة أمس (إ.ب.أ)
TT

أقرّ وزراء خارجية دول الـ11، المكون الرئيس لمجموعة «أصدقاء سوريا»، أمس، خطة لتقديم مساعدات عسكرية نوعية من شأنها تحقيق التوازن على الأرض، لدفع الرئيس بشار الأسد للاستجابة لجهود السلام التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا. وفي حين لم ترشح أي معلومات عن طبيعة المنظومات القتالية التي تعتزم الدول المجتمعة أمس في العاصمة القطرية الدوحة تقديمها للمعارضة السورية، فإن المتحدثين الرئيسين انتقدوا التدخل العسكري لحزب الله اللبناني في سوريا، وشددوا على أن المساعدات القتالية ليست بديلا عن جهود التسوية السلمية للنزاع هناك. وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية إن الاجتماع قد اتخذ «قرارات سرية في كيفية التحرك العملي لتغيير الوضع على الأرض في سوريا». واضاف: «نعتقد أن المجتمع الدولي مقصر ومتأخر في هذا الموضوع ونأمل أن تكون هناك صحوة من المجتمع الدولي خاصة بعد تأكيد استخدام السلاح الكيماوي من ثلاث دول وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا».

وفى بداية المؤتمر أكد الشيخ حمد أن المؤتمر يسعى إلى وضع قرارات تساعد على حل الأزمة السورية، قائلا: إن «تدخل حزب الله أدى إلى المزيد من القتل والتصعيد»، مضيفا أن نظام الأسد يرتب لتكرار ما حدث في القصير في مدينة حلب، مشيرا إلى أن مؤتمر الدوحة اتفق على عقد مؤتمر «جنيف 2».

وأشاد وزير الخارجية القطري بما وصفه بـ«صحوة» مواقف كل من فرنسا وأميركا وبريطانيا بعد التأكد من استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، مشددا على أن الحل السياسي هو الخيار المفضل وليس التدخل العسكري، على الرغم من وجود حل وحيد لدى النظام السوري بعسكرة الأزمة والتصعيد والقتل والتدمير.

ومن جانبه، علق وزير الخارجية الأميركي جون كيري قائلا إن «المجتمع الدولي ملتزم بأهمية وقف العنف في سوريا ودعم المعارضة من أجل التوصل لحل سلمي»، مضيفا أن اجتماع الدوحة كان فرصة لتقييم واتخاذ قرار لتحقيق الفرص للحل وليس لانتصار مجموعة، وإنما العمل من أجل الشعب السوري للتمتع بالحرية والقدرة على الخيارات التي تحدد مستقبله انطلاقا من التوافق الذي حدث في مؤتمر «جنيف1».

وأشار كيري إلى أن مساعد وزير الخارجية الأميركي سوف يلتقي مع المبعوث العربي الأممي الأخضر الإبراهيمي الأسبوع المقبل للاتفاق على «جنيف 2». وحذر كيري من استمرار الصراع، لافتا إلى أنه يؤدي إلى انهيار الدولة السورية، وإلى العنف الطائفي الذي لا يخدم أحدا.

وقال كيري إن البيت الأبيض يمضي قدما لتقديم مساعدات «عسكرية» نوعية لإحداث «توازن» على الأرض بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة، مضيفا أن الدول الداعمة للمعارضة السورية ستزيد دعمها السياسي والعسكري لوضع حد لـ«انعدام التوازن» على الأرض، مع نظام الأسد.

من جهته، دعا الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية القطري إلى تسليح المعارضة السورية، من أجل تحقيق «التوازن» على الأرض وإجبار النظام على التفاوض. وقال الشيخ حمد: «علينا أن نتصرف بحزم»، من أجل «كسر الحلقة المفرغة التي عشناها حتى الآن». واعتبر رئيس الوزراء القطري أن بلوغ الأهداف في سوريا «لا يمكن أن يتحقق إلا بإحداث توازن على الأرض، لكي يقبل النظام بالتفاوض»، مضيفا: «علينا أن نقدم كل أشكال الدعم لقوى المعارضة لتمكينها من بلوغ أهدافها المشروعة».

وفي مؤتمره الصحافي الذي جمعه مع رئيس الوزراء القطري، رفض الوزير الأميركي الإفصاح عن نوعية المنظومات القتالية التي تنوي بلاده تقديمها للمعارضين في سوريا، لكنه شدد على أن واشنطن حريصة على أن تصل الأسلحة للمجلس العسكري المعارض لمنع تدفق الأسلحة لجهات متشددة.

وشدد الشيخ حمد على أن إرسال أسلحة للمعارضة السورية هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع في البلاد. وقال الشيخ حمد إن «الدعم المعنوي وحده لن يكون كافيا، بل علينا تقديم كل أنواع الدعم للائتلاف الوطني لقوى المعارضة وللمجلس العسكري حتى يصبح قادرا على مواجهة قوات النظام والقوى الإقليمية والعالمية الداعمة له»، معتبرا أن هذه الدعوة «نابعة من أهداف إنسانية بعد أن أفسد النظام كل الجهود الصادقة لحل سلمي».

وأكد الشيخ حمد بن جاسم أن تزويد المعارضة بالسلاح لا يعني إغلاق المجال أمام الحل السلمي لهذه الأزمة، والتوجه إلى مؤتمر «جنيف 2»، الذي شدد أن يكون على أجندته محور واحد، وهو «قيام حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تؤدي إلى نقل السلطة»، مضيفا أن هذا هو البند الوحيد المتفق عليه في «جنيف».

وخلال الاجتماع لمجموعة الدول الـ11 الداعمة للمعارضة السورية أكد وزير الخارجية الأميركي أن زيادة الدعم لا تهدف إلى «حل عسكري»، بل لتعزيز فرص الحل السلمي، ودفع الطرفين باتجاه هذا الحل. وقال كيري: «إن الولايات المتحدة والدول الأخرى الموجودة هنا، كل دولة بحسب المقاربة التي تختارها، ستقوم بزيادة نطاق وحجم الدعم للمعارضة السياسية والعسكرية».

وحول احتمالات أن يؤدي عدم التجاوب الروسي الإيراني مع الحل السلمي أوضح الشيخ حمد أنه من المهم جدا أن يسهم الجميع في إطفاء الحرائق. وقال: «سبق للجامعة العربية وعلى مدار عامين إرسال مراقبين ولم يؤد ذلك إلى نتيجة، لأن النظام فضل الحل العسكري، ونحن نعمل لمنع الحرب لأنها خطيرة وشر مستطير». ومن جانبه علق كيري قائلا: «إن المكون الإقليمي بدخول حزب الله وإيران في الحرب يعد تطورا خطيرا»، مضيفا أن حزب الله يعمل وكيلا لإيران بالكامل في المنطقة وهو مصنف منظمة إرهابية تتعدى الحدود. وتابع كيري: «هناك 86 في المائة من السنة في سوريا و11 في المائة من العلويين، وهناك مسيحيون ودروز وإسماعيليون وغيرهم، وقد أعلن الجميع حماية الشعب ولن يسمح لأحد بسيطرة لطائفة بعينها حتى نتفادى أي حرب إقليمية أو طائفية».

وضم اجتماع الدوحة وزراء من 11 دولة يشكلون النواة الصلبة لمجموعة أصدقاء سوريا، وهي فرنسا وألمانيا ومصر وإيطاليا والأردن وقطر والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة.

وحرصت الدبلوماسية الأميركية قبيل اجتماع الدوحة الذي اختتم أمس، لفت نظر حلفائها المؤيدين لتسليح المعارضة السورية من أجل ضمان تدفق المساعدات العسكرية بعيدا عن أيدي الأطراف التي تصنفها بأنها متطرفة. ونقلت وكالة «رويترز»، أمس، عن مسؤول أميركي رفيع قوله قبيل محادثات قطر إن واشنطن تريد من الحلفاء الغربيين والعرب توجيه كل المساعدات المرسلة للمعارضة السورية من خلال المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر المدعوم من الغرب، في محاولة لتقليل سلطة الجماعات الجهادية.

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أن بلاده لم تتخذ بعد قرارا رسميا بشأن تسليح المعارضة، لكنه قال إن آمال الغرب في إجراء محادثات للتوصل إلى تسوية سياسية لن تتحقق إلا من خلال تعزيز المعارضة. وتابع هيغ قبل بداية اجتماعات الدوحة أمس: «لن نصل إلى حل سياسي إذا كان الأسد ونظامه يعتقدان أن بإمكانهما القضاء على المعارضة المشروعة بالقوة، لذلك يجب علينا تقديم مساعدات إلى تلك المعارضة».

كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في الدوحة، أمس، أن بلاده سلمت المعارضة السورية علاجات مضادة لغاز السارين. وقال فابيوس في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع «أصدقاء سوريا» إنه ضمن ما سلمته للمعارضة السورية، أرسلت فرنسا «علاجات يمكنها حماية ألف شخص». وفيما يتعلق باستعانة الأسد بمقاتلين من حزب الله اللبناني وإيران، قال فابيوس إن اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا «يطلب» في بيانه الختامي من «الإيرانيين وحزب الله التوقف عن التدخل في النزاع السوري». وأضاف في ختام الاجتماع أن «حزب الله يلعب دورا سلبيا للغاية وخصوصا في الهجوم على القصير. نحن لا نوافق قطعيا على تدويل النزاع. وبالتالي، فإننا نطلب في النص الذي نشرناه للتو أن يوقف الإيرانيون وحزب الله تدخلاتهم في هذا النزاع».

وتابع فابيوس: «نريد أن يبقى لبنان بمنأى عن النزاع السوري، لكننا لا نريد أن تكون هناك أعمال إرهابية من جانب حزب الله. ولهذا السبب وقفت فرنسا إلى جانب دول أوروبية أخرى في مسألة إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية».