أزمة قيادة في الاتحاد الوطني بسبب غياب طالباني

تضارب في تصريحات قياداته خاصة اتجاه «الديمقراطي الكردستاني»

TT

تعاني السليمانية، المحافظة الثانية في إقليم كردستان العراق ومعقل الرئيس العراقي جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، من انعدام السيولة النقدية بمصارفها التي باتت عاجزة حتى عن دفع رواتب المتقاعدين، وترى المصادر المحلية أن سبب هذه الأزمة المالية بالمدينة يعود إلى مرض طالباني، ويقولون إنه مع إعلان مرض طالباني ودخوله بحالة الغيبوبة سحب معظم الأغنياء والمستثمرين وأصحاب الأموال مدخراتهم من البنوك، مما أحدث تلك الأزمة التي أثرت بشكل كبير على تعاملات السوق بمختلف مجالاتها. وإلى الآن، لم تستطع حكومة الإقليم سد النقص الحاصل بالسيولة النقدية التي انتقلت إلى حد ما لمصارف وبنوك أربيل أيضا.

وإذا كان مرض طالباني قد أثر على الحالة الاقتصادية وركود التعاملات بالسوق، فإنه أثر بشكل أكبر على الوضع الداخلي لحزبه الاتحاد الوطني، وتحديدا على قيادته العليا. فبعد أن كانت الكلمة العليا في جميع الأمور المتعلقة بالحزب ومواقفه وسياساته لطالباني حصريا باعتباره مؤسس الحزب وأمينه العام و«عم الجميع» حيث يلقب بـ«مام جلال» أي العم جلال، فبغيابه باتت تلك القيادة مفككة ومنقسمة تتأثر مواقف أعضائها بالمصالح الشخصية، حتى بات دور المتحدث الرسمي باسم الحزب مهمشا تجاه الأحداث والتطورات، وأصبح كل عضو في المكتب السياسي يطرح رأيا مخالفا لزميله، وبذلك غاب التوافق ووحدة الموقف بهذا الحزب، حتى إن قياديا بارزا بالحزب الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني أسرّ لـ«الشرق الأوسط» بأنه «بات من الصعب على قيادة حزب بارزاني التعامل مع قيادة حليفه الاتحاد الوطني؛ فلا أحد يعرف الموقف الحقيقي والموحد لهذا الحزب من التطورات، والكل يدلي بتصريحاته مخالفا العضو الآخر، وغابت عن هذا الحزب مركزية القرار ومرجعيته، وكردستان تمر اليوم بظروف بالغة الحساسية، وهناك كثير من المسائل التي تحتاج إلى توافقات ووحدة الموقف بيننا وبين حليفنا الاتحاد الوطني، ولكننا لا نعرف ممن نأخذ الموقف ولمن نستمع في ظل هذا الوضع الذي اختلط فيه الحابل بالنابل».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد عضو المجلس القيادي للاتحاد الوطني فريد أسسرد أنه «حسب النظام الداخلي للاتحاد الوطني، فإن المجلس القيادي هو المرجع للقرارات داخل القيادة، باعتباره يجمع أعضاء المكتب السياسي وأعضاء القيادة، والمكتب السياسي هو جهة تنفيذية لسياسات الحزب»، ولكن في ظل هيمنة أعضاء المكتب السياسي على الواجهة السياسية والإعلامية للأحداث الراهنة، فإن صوت المجلس القيادي أصبح خافتا إلى حد ما، مقابل ارتفاع صوت المجلس المركزي الذي يترأسه القيادي للاتحاد الوطني عادل مراد، الذي يعتبر بمثابة البرلمان الحزبي. فخلال الأحداث الأخيرة، كان صوت المجلس المركزي أكثر علوا، واستجابة لرغبات القاعدة الحزبية التي يمثلها المجلس المركزي، وأصبحت معظم القرارات والمواقف المعلنة للمجلس متضادة مع تصريحات أعضاء المكتب السياسي، وخاصة في التعامل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الحليف.

ويرى قيادي بالاتحاد الوطني طلب عدم ذكر اسمه أن «التشرذم الحاصل بصفوف الاتحاد الوطني يعود أساسه إلى أيام كانت هناك ثلاث كتل داخل الاتحاد الوطني تتصارع فيما بينها، وهي كتلة طالباني، وكتلة نوشيروان مصطفى، وكتلة كوسرت رسول علي. فبعد خروج نوشيروان وتوجهه نحو تشكيل حركة التغيير، بقيت هناك كتلتان، إحداهما توالي خط طالباني، والأخرى توالي كوسرت نائب الأمين العام، ومعظمهم من أعضاء الحزب وتنظيماته بأربيل، ولكن اليوم حتى هاتان الكتلتان لم يعد لهما تأثير على الحزب، بعد أن أصبح كل قيادي بالحزب بغياب طالباني لا يحسب حسابا للآخر، ولذلك فإن هذا الوضع هو الذي أدى إلى تفرق قيادة الاتحاد الوطني، ولم تنفع محاولات الحزب ببداية مرض طالباني بتشكيل لجنة قيادية ثلاثية تتألف من رسول والدكتور برهم صالح نائب الأمين العام للاتحاد، وهيرو إبراهيم أحمد، عقيلة طالباني وقيادية في الحزب، لإدارة الحزب بغياب طالباني، حيث لم تشكل هذه القيادة تغييرا واضحا في مواقف قيادات الاتحاد التي تبدو في الغالب متناقضة.

ولأن الصراعات وصلت إلى مرحلة بات من الصعب جدا حلها بغياب طالباني، لذا فإن جميع الأنظار تتجه نحو عودته لإعادة الحزب إلى وحدته، وإلا فإن الأمور ستظل على هذا الحال إلى حين انعقاد المؤتمر الحزبي الرابع المتوقع عقده بشهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والبلدية، عندها سيحسم موضوع قيادة الحزب.