مؤيدو رئيس الحكومة: الاحتجاجات مؤامرة.. ومن يريد إزاحة أردوغان فليتفضل إلى صناديق الاقتراع

الشرطة التركية تحقق في خمسة ملايين تغريدة.. والمغردون يدعون قرصنة حساباتهم للهرب من الملاحقة

عناصر من شرطة مكافحة الشغب التركية أثناء المواجهات بينهم وبين المتظاهرين في ميدان تقسيم باسطنبول أمس (أ.ب)
TT

هدأت شوارع مدينة إسطنبول وغيرها من المدن التركية بعد أكثر من أسبوعين من الاحتجاجات التي اتخذ بعضها طابعا عنيفا، لكن تداعيات هذه الاحتجاجات لا تزال ماثلة في كل زوايا تركيا، حيث يشعر أنصار حزب العدالة والتنمية بضيق شديد جراء «المؤامرة» التي شارك فيها، كما يرى هؤلاء، كل المتضررين من وجود رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان في السلطة ومن «نجاحاته السياسية والاقتصادية».

وفيما كانت السلطات التركية تواصل التحقيقات وملاحقة المتورطين في أعمال الشغب وفق لوائح اسمية باتت لدى السلطات كما يؤكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط»، برز أمس تطور لافت في مجال ملاحقة «المغردين» حيث يتردد أن السلطات تحقق في نحو خمسة ملايين تغريدة أطلقت على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» الذي لجأ إليه المتظاهرون للتواصل في ظل شكواهم من «انحياز وسائل الإعلام» للسلطة.

وقد بادرت جماعة من القراصنة تطلق على نفسها اسم «القراصنة الحمر» إلى محاولة إنقاذ المغردين من نتائج تغريداتهم بإعلانها المسؤولية عن قرصنة كل ما جرى بثه، حيث استغل المغردون بيانا أصدره هؤلاء لإعلان البراءة من تغريداتهم الشخصية بإعلانات على صفحاتهم تدعي أنهم تعرضوا للقرصنة. وقالت منظمة «ريد هاك» التركية المختصة بالهجمات الإلكترونية أمس أنها مسؤولة عن جميع التغريدات التي نشرت حول احتجاجات متنزه «جيزي» في «تقسيم» إثر إعلان الحكومة فتح تحقيق في القضية. وقالت المنظمة التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن قرصنة مواقع حكومية وتابعة للشرطة في حسابها على «تويتر»، إن «حزب العدالة والتنمية سيجري تحقيقا. ونحن من نشر جميع التغريدات وقد قرصنا آلاف أجهزة الكومبيوتر. لا تتهموا الأبرياء، فنحن هنا». وأضافت «ريد هاك» وهي مجموعة ماركسية لينينية تأسست عام 1997 وهي محظورة في تركيا، أن «جميع الحسابات التي أعادت نشر تغريدات (ريد هاك) أو كتبت عن (ريد هاك) أو نظمت المقاومة، نحن قرصناها». وبعد بيان المجموعة بدأ مستخدمو «تويتر» يعلنون أنهم تعرضوا للقرصنة من قبل «ريد هاك».

في المقابل، لا يزال مؤيدو «العدالة والتنمية» يؤكدون وجود مؤامرة على اقتصاد بلادهم جراء هذه الاحتجاجات. ويعتبر علي، وهو مصور في وكالة خاصة، أن الأحداث كانت في البداية من قبل المواطنين الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه البيئة ومطالبهم كانت محقة، ولكنها أصبحت قذرة بعد أن تطورت وأخذت شكلا لا يطاق، لأنها تحولت من المطالبة بالشرعية إلى أعمال تخريبية، ولكن الآن قامت قوات الأمن بتحديد من قام بهذه الأعمال وتم اعتقالهم، ومن ثم تنظيف الساحة منهم.

ويرى علي أن الوقوف صامتين في «تقسيم» هو الخطوة الثانية من المخطط، رغم تأكيده أن «الصامتين أيضا هم يستخدمون حقهم الشرعي الديمقراطي في التعبير عن وجهة نظرهم، والشرطة لا تتدخل كما أن وزير الداخلية صرح بأن الشرطة لن تتدخل ما دام هؤلاء لم يؤثروا على حركة وحرية الناس».

ورأى علي أن الحكومة «قامت بالخطوات اللازمة في الوقت المناسب ومن الطبيعي أن يحترف الأخضر مع اليابس، الدولة تصرفت كما تتصرف قوى الأمن في جميع أنحاء العالم لأنه لا يحق لأي أحد في العالم أن يضر بالممتلكات العامة والخاصة»، كما أعلن تأييده قيام قوات الأمن باعتقال الراديكاليين والمتطرفين من المجموعات لأن ذلك يساعد على إعادة الأمور إلى حالها قبل الأحداث.

ويشكو فيصل، صاحب محل سجاد في شارع الاستقلال المتفرع من ميدان «تقسيم»، من كساد الأسواق بفعل الاحتجاجات، محملا «المتظاهرين والمشاغبين المسؤولية». ويقول: «أنا أعمل في مجال بيع السجاد في هذا الشارع الحيوي، في العادة يبدأ موسم البيع في شهر 5 و6 ولكن منذ بداية الأحداث انخفض مستوى البيع إلى 80 في المائة عن العام الماضي، أعتقد أن الأحداث مخطط لها لضرب الاقتصاد التركي لأن تركيا بدأ يلمع نجمها في فترة حكم أردوغان وهذا لم يرق لأعدائنا وأعتقد أن هذه اللعبة ستستمر».

وتؤكد خير النساء أنها لم تعط صوتها لأردوغان لأنها قومية، وتصوت للحزب الذي تؤيده. لكن خير النساء، وهي خبيرة اجتماعية، تؤكد في المقابل أنها لا تؤيد أيضا من وصفتهم بـ«هؤلاء المشاغبين في ما قاموا به من أعمال شغب». وتقول: «أنا أعمل في مجال البحث الاجتماعي وأقول وبكل صدق إن 90 في المائة ممن شاركوا في أحداث حديقة جيزي لم يسمعوا باسمها ولم يكونوا يعرفون أين تقع، فقط يريدون أن يكونوا معارضة، أنا أنبذ مثل هذه المعارضة التخريبية وأنا مع المعارضة الديمقراطية التي تفرزها صناديق الاقتراع، فبعد 8 أشهر هناك انتخابات محلية ومن يريد إسقاط الحكومة فليتفضل إلى الصناديق».

مراد، بائع حلويات في شارع «تقسيم»، يرى أن الأحداث الأخيرة «أثرت على الاقتصاد التركي سلبا وخاصة على قطاع السياحة الذي يتمركز في تقسيم حيث أخليت الفنادق وألغيت الحجوزات مما ترتب عليه انخفاض حاد في عدد السياح». ويقول: «إن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن اختيار تقسيم لهذه الأحداث له مغزى آخر ليس فقط الاعتراض على قطع شجرتين وإنما خلق فوضى عارمة يترتب عليها حالة عدم الاستقرار وإظهار الحكومة بأنها لا تسيطر على البلاد وإجبارها على الاستقالة، لكي تتاح الفرصة لمن لم يستطيعوا أن يهزموا أردوغان في الصناديق أن يحققوا مكاسب سياسية من خلال الفوضى». ويضيف: «نحن لسنا بدولة من دول الربيع العربي، لقد قطعنا شوطا من الديمقراطية وسنستمر فيها وما قامت به الشرطة والحكومة من تدابير ما هي إلا لإفشال لعبة المعارضة».

أحمد، بائع ذهب في الشارع نفسه، يقول: «المكان الذي نوجد به مكان تاريخي وسياحي وجميع زبائننا من الأجانب والمحليين ولم نتأثر بأي شيء من الأحداث التي جرت في تقسيم لأن حكومتنا قوية واقتصادنا أصبح من أكبر اقتصادات العالم ولا تؤثر عليه مجموعة من الرعاع ولا المخربين. بالله عليك انظر إلى من كان في تقسيم.. رعاع –وطنيين – أكراد انفصاليين - كماليين - راديكاليين شيوعيين - مثليين - مدافعين عن حقوق المرأة، جميع هؤلاء لا يحصلون على 6 في المائة من الأصوات في تركيا، فهل يعقل أن ينصاع الـ94 في المائة إلى مطالبهم؟!».