واشنطن توجه تهم التجسس إلى سنودن وتصدر مذكرة بتوقيفه

أنباء عن خضوع مسرب المعلومات الاستخباراتية لحماية الشرطة في هونغ كونغ

شاشة عملاقة تعرض تقريرا إخباريا عن سنودن أمام مركز تسوق في هونغ كونغ أمس (أ.ب)
TT

وجه القضاء الأميركي تهمة التجسس إلى إدوارد سنودن الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي الذي كشف معلومات سرية عن استخدام برامج تنصت ورصد إلكتروني واسعة النطاق، كما طلب من هونغ كونغ توقيفه.

وتفيد وثيقة قضائية صدرت بتاريخ 14 يونيو (حزيران) أن سنودن وجهت له تهم سرقة ممتلكات حكومية ونقل معلومات تتعلق بالدفاع الوطني من دون إذن والنقل المتعمد لمعلومات استخباراتية سرية لجهة غير مسموح لها بالاطلاع عليها. ويتضمن قانون التجسس الأميركي التهمتين الأخيرتين وتصل عقوبتهما إلى الغرامة والسجن لمدة تصل إلى عشرة أعوام، حسبما أفادت به وكالة «رويترز».

وقال مسؤول أميركي إن مذكرة توقيف مؤقت صدرت أيضا بحق سنودن اللاجئ منذ الشهر الماضي في هونغ كونغ.

بدورها، نشرت صحيفة في هونغ كونغ أن سنودن يخضع لحماية الشرطة. ونقلت صحيفة «أبل ديلي» عن مصادر في الشرطة قولها إن ضباط مكافحة الإرهاب اتصلوا بسنودن وأعدوا له منزلا آمنا ووفروا له حماية. وامتنع مفوض الشرطة في هونغ كونغ أندي تسانغ عن التعليق واكتفى بالقول إن هونغ كونغ ستتعامل مع القضية وفقا للقانون. ووقعت الولايات المتحدة وهونغ كونغ معاهدة تبادل المطلوبين، لكن بكين تملك حق الاعتراض على تسليم سنودن.

وكان سنودن يعمل كمتعاقد لحساب جهاز الأمن القومي الأميركي في هاواي قبل أن يفر في 20 مايو (أيار) إلى هونغ كونغ حيث بدأ بتسريب تفاصيل عن برامج أميركية واسعة لرصد المكالمات الهاتفية ومراقبة اتصالات الإنترنت.

وفي مقابلة مع صحيفة «غارديان» البريطانية، أكد سنودن مستخدما وثائق تثبت أقواله، أن مقر إدارة الاتصالات البريطانية بدأ يعالج كميات كبيرة من المعلومات الخاصة التي تم الحصول عليها عبر كابلات الألياف البصرية التي تؤمن حركة الإنترنت والاتصالات الهاتفية العالمية، ويتقاسمها مع وكالة الأمن القومي الأميركي. وكان سنودن كشف عبر وثائق نشرها في صحيفتي «واشنطن بوست» و«غارديان» أن الاستخبارات الأميركية تستخدم برنامجين سريين لمراقبة الاتصالات، أحدهما يطبق منذ 2006 ويسمح بجمع معطيات تتعلق باتصالات هاتفية ولكن ليس بمضمونها، أما الثاني فيحمل اسم «بريسم» ويهدف إلى التنصت على مستخدمي الإنترنت الأجانب خارج الولايات المتحدة. ويؤكد سنودن الذي يعتبره البعض بطلا وآخرون خائنا أنه كشف هذه المعلومات لأنه لا يستطيع أن «يسمح للحكومة الأميركية بتدمير الحياة الخاصة وحرية الإنترنت والحريات الأساسية للأشخاص بهذا النظام الهائل للمراقبة الذي يجري بناؤه سرا».

ودافع الرئيس الأميركي باراك أوباما عن شرعية هذه البرامج وفوائدها، مؤكدا ضرورة إيجاد «تسويات» بين حماية الحياة الخاصة ومتطلبات مكافحة الإرهاب. وذكر مدير وكالة الأمن القومي الجنرال كيث ألكسندر أن الوكالة أحبطت أكثر من خمسين مخططا إرهابيا منذ عام 2001 بفضل برنامج التجسس الإلكتروني.

واختار سنودن الذي انطلق من هاواي حيث كان يعمل كمتعاقد مع الاستخبارات الأميركية، اللجوء إلى هونغ كونغ مشيدا بتقاليد احترام الحريات في هذه المنطقة. ويبدو أنه يختبئ في هذه المنطقة منذ ذلك الحين.

ويأتي اتهام سنودن بينما دعا مقررو الأمم المتحدة واللجنة الأميركية لحقوق الإنسان حول حرية التعبير، إلى حماية الذين يملكون معلومات سرية إذا اختاروا كشفها «بنية حسنة». وقال هؤلاء المقررون أن «شخصا مرتبطا بدولة ومجبرا على الإبقاء على بعض المعلومات سرية وينشر معلومات يرى أنها تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، يجب ألا يخضع لعقوبات قضائية ولا إدارية ولا تأديبية طالما أنه قام بهذا العمل بنية حسنة، بموجب القوانين الدولية».

من جهة أخرى، كشف رجل أعمال مرتبط بموقع «ويكيليكس» مساء الخميس أن الآيسلنديين يعدون رحلة لسنودن إلى بلدهم.

وكان سنودن صرح في مقابلة مع صحيفة «غارديان» في التاسع من يونيو (حزيران) الحالي أن آيسلندا هي أقرب بلد لقيمه من أجل شبكة إنترنت حرة ومستقلة عن الدول. وأكد أولافور سيغورفينسن المسؤول في شركة «داتاسيل» الآيسلندية التي تدير جمع التبرعات لـ«ويكيليكس»: «لدينا طائرة وكل الوسائل اللوجستية جاهزة. الآن ننتظر رد الحكومة». وأضاف سيغورفينسن لمحطة التلفزيون الآيسلندية الثانية أن «الطائرة يمكن أن تقلع غدا». والرحلة ستتم على متن طائرة خاصة تم استئجارها من شركة صينية بأموال التبرعات التي حصل عليها «ويكيليكس». وستكلف 40 مليون كورون آيسلندي (نحو 250 ألف يورو). والتزمت الحكومة الآيسلندية الحذر في هذا الملف مذكرة بأن أي طالب لجوء يفترض أن يقدم طلبه أولا شخصيا وعلى أراضي البلاد. وقال رئيس الوزراء سيغموندور ديفيد غونلوغشون «بما أنه ليس موجودا في البلاد، فليس لدي أي تعليق أدلي به».