سنغافورة تختنق بغضب جراء حرائق مقبلة من إندونيسيا

جاكرتا تلجأ تحت الضغوط لاستجلاب أمطار اصطناعية وتحقق مع شركات بشبهة تلويث البيئة

مشاة يضعون أقنعة للوقاية من التلوث أثناء سيرهم في شارع «أورشارد رود» بسنغافورة أمس (أ.ف.ب)
TT

قفز مؤشر التلوث في سنغافورة إلى مستويات خطيرة وتدهورت نوعية الهواء في العاصمة الماليزية أمس، ما دفع إندونيسيا الواقعة تحت ضغوط شديدة إلى السيطرة على حرائق ناجمة عن حرق أراض واللجوء إلى وسائل قصوى بينها التحكم بالغيوم لإسقاط أمطار.

وتجاوز مؤشر التلوث في سنغافورة الـ400، وهو مستوى قياسي «يمكن أن يشكل تهديدا على حياة المرضى والمسنين»، كما قالت الوكالة الحكومية لنوعية الجو. وتراجع التلوث إلى 147 درجة ظهر أمس. وأي تجاوز للـ300 درجة يعد «خطيرا» على الصحة لسكان المدينة الدولة التي تضم نحو 5.3 مليون نسمة وتلف سحب من الدخان تنبعث منها روائح احتراق، ناطحات السحاب فيها.

ويتوجه السنغافوريون المعروفون بهوسهم في النظافة والصحة العامة، إلى الأطباء. وأكد الطبيب العائلي فيليب كوه أنه سجل ارتفاعا في عدد المرضى بنسبة عشرين في المائة، موضحا أن مخزون الأقنعة الواقية يكاد ينفد من عيادته.

وفي الفترة نفسها من كل سنة، تغطي الجزيرة الصغيرة سحابة دخان مقبلة من جزيرة سومطرة الإندونيسية المجاورة حيث ما زالت تمارس عادة إحراق الشجر للزراعة في مكانه.

لكن المشكلة هذه السنة كانت أخطر وأدت إلى حرب كلامية بين جاكرتا وسنغافورة. وتوجه وزير البيئة السنغافوري فيفيان بالاكرشنان الجمعة إلى إندونيسيا بعدما دعا الأرخبيل إلى التحرك «بشكل حاسم وعاجل».

لكن في جاكرتا رد الوزير الإندونيسي المكلف مكافحة حرائق الغابات اغونغ لاسكونو بجفاء، معتبرا أن سنغافورة «يجب أن تكف عن التصرف مثل الأطفال وعن إثارة هذا الضجيج». وأشار إلى أن النيران قد تكون أضرمت من قبل بعض مزارع زيت النخيل السنغافورية والماليزية التي تملك امتيازات كبيرة في سومطرة.

وأكدت منظمات بيئية أمس أن «مئات» من بؤر الحرائق في جزيرة سومطرة تقع في مزارع لزيت النخيل أو لمجموعات لإنتاج الورق. وقالت منظمة «غرينبيس» في بيان إن «تحليلا لمعطيات وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في سومطرة كشف أن المئات من بؤر الحرائق موجودة داخل مزارع لزيت النخيل تملكها شركات إندونيسية وماليزية وسنغافورية».

وأكدت الحكومة الإندونيسية أنها بدأت تحقيقا ضد ثماني شركات يشتبه أنها أضرمت حرائق لكن من دون كشف أسمائها. ومع ذلك ضاعفت إندونيسيا جهودها. فقد عقدت الحكومة مساء الخميس اجتماعا طارئا شدد خلاله الرئيس سوسيلو بامبانغ يوديونو على «تعبئة فورية لموارد البلاد». لكن أحمد سايروزي مسؤول وكالة حماية الموارد الطبيعية في منطقة رياو التي دمرتها الحرائق اعترف بأن فرق الإنقاذ «استنفدت طاقتها». كما خصصت الحكومة الإندونيسية نحو 200 مليار روبية (20 مليون دولار) للتعامل مع الكارثة. وقررت السلطات الإندونيسية أيضا اللجوء إلى وسائل قصوى بينها التسبب بأمطار اصطناعية.

وقال الناطق باسم الوكالة الوطنية للكوارث سوتوبو بورو نوغروهو إن ثلاث مروحيات وطائرتين أرسلت إلى رياو لاستمطار الغيوم. وتقضي هذه التقنية بإلقاء كميات كبيرة من المواد الكيميائية في الغيوم للتسبب في تشكل حبيبات من الجليد تسرع هطول الأمطار. ووحدها هذه الأمطار على ما يبدو يمكنها وقف انتشار النيران التي باتت تمتد على مئات الهكتارات.

وحذر رئيس الوزراء السنغافوري لي سيين لونغ من أن ذروة التلوث «قد تستمر عدة أسابيع»، وهو احتمال يمكن أن يؤثر بخطورة على اقتصاد الجزيرة الذي يعتمد على السياحة إلى حد ما. من جهة أخرى، قالت الجمعية السنغافورية للنقل البحري إن سحابة الدخان تؤدي إلى خطر وقوع حوادث في ممر مضيق ملقة البحري مؤكدة أنها قلقة جدا.

وفي ماليزيا امتد الضباب الدخاني شمالا وتدهورت نوعية الهواء في العاصمة كوالالمبور وفي عدة مناطق، وقررت السلطات إغلاق المئات من المدارس بسبب الوضع. ووصفت نوعية الهواء الآن بأنها «غير صحية» في 17 منطقة بماليزيا و«غير صحية بشكل بالغ» في منطقة واحدة.