«نداء أصيلة» يدعو عاهل المغرب للسير قدما في تعزيز مكانة بلاده الرائدة بشأن تغير المناخ والسياسات البيئية

خبيرة أفريقية: السلاح الغذائي أقوى وأسوأ من «النووي»

الملك محمد السادس لدى إعطائه انطلاقة أشغال إنجاز وحدة استشفائية متخصصة في التكفل بأمراض السحار الرملي والأمراض التنفسية ومركز لتصفية الدم في إقليم جرادة (شرق البلاد) أول من أمس (تصوير: ماب)
TT

رحّب الخبراء والسياسيون المشاركون في ندوة «التغير المناخي والأمن الغذائي: بين المقاربة التقنية والفعالية البشرية»، ضمن فعاليات منتدى أصيلة الثقافي الـ35، بجهود المغرب تحت رعاية عاهله الملك محمد السادس، في دعم الشركاء الأفارقة لتنفيذ سياساتهم في مجال التنمية الزراعية. ودعا كل من جاك ضيوف مستشار رئيس جمهورية السنغال والمدير العام الأسبق لمنظمة التغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، وميغيل أنخيل موراتينوس وزير الخارجية الإسباني الأسبق، وأنطونيو روشا مالغايس مستشار تسيير الدراسات الاستراتيجية ورئيس اللجنة العلمية والتكنولوجية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (البرازيل)، ومحمد حميدوش رئيس اللجنة الدائمة حول مراجعة وتطبيق الاستراتيجية لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية (تونس)، والشيخة المسكري جيوفيزيائية ورئيسة مجلس إدارة شركة المسكري القابضة (أبوظبي)، وموسى سيك رئيس اتحاد عموم أفريقيا للأعمال والصناعات التجارية الزراعية (نيروبي)، في «نداء أصيلة»، الذي صدر أمس في ختام الندوة في أصيلة، الملك محمد السادس إلى السير قدما في سبيل المجهودات المضطلع بها، وإلى تعزيز مكانة المغرب القائد في كل ما يتصل بتغير المناخ والسياسات البيئية.

ومن بين التدابير التي أوصى بها المشاركون على مستوى الجماعات المحلية (البلديات)، دمج القيم الأفريقية والمعارف المحلية لإعادة صوغ الرسالة الخاصة بإدارة البيئة، إضافة إلى تعزيز قدرات السكان المستهدفين عن طريق إنشاء آليات تمويلية مناسبة، بما في ذلك القروض الصغرى.

وعلى الصعيد الوطني، طالبوا بدمج البعد البيئي في سياسات والبرامج القومية والتشريعات والخطط، وكذا تعزيز قدرات المصارف الزراعية، من خلال تمكينها من دمج قضايا تغير المناخ في استراتيجيتها. ودعوا أيضا إلى تطوير قدرات الدول على المواجهة الجماعية لتغيرات المناخ الدورية.

وعلى المستوى العالمي، أوصى المشاركون بتعزيز قدرات الدول خاصة البلدان الأكثر ضعفا والمعرضة للخطر، على تطبيق الاتفاقيات متعددة الأطراف بشأن البيئة، وإقناع الدول الغنية بتوجيه المزيد من التدفقات المالية إلى بلدان الجنوب لمواجهة هذه التحديات، إضافة إلى استنباط آليات تمويلية مبتكرة، خاصة عن طريق التشارك بين القطاعين العام والخاص.

وخلفت التحديات الناجمة عن تغير المناخ وتأثيرها على الأمن الغذائي، ردود فعل على الصعيد القومي والإقليمي والعالمي، اعتبرها المشاركون في ندوة أصيلة، لا تزال غير كافية لتجاوز هذه الظاهرة الخطيرة التي تنخر مستقبل البشرية، بيد أن العالم ازداد وعيه بالتحديات الناجمة عن ذلك.

وأجمع الخبراء وصناع القرار الدوليون، أثناء مشاركتهم في الجلسة الثانية التي انتهت مساء أول من أمس، بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، على غياب الإرادات السياسية في كثير من دول العالم، من أجل مواجهة التحديات المناخية، ومشكلة الأمن الغذائي، خاصة في أفريقيا، حيث طالبوا بالاستثمار في أفريقيا بشكل خاص لتحسين المحاصيل، واستحضار دور المؤسسات الأجنبية، مشيرين إلى عجز بعض الحكومات في إجراء مفاوضات مفيدة تسعى إلى التعاون والتشارك. وأكدوا على ضرورة استرداد الثروات الطبيعية من خلال الحد من تدهور الأراضي واستنزاف التربة، والمزيد من البحث العلمي والبحوث التكنولوجية، وشددوا على أهمية التشارك بين القطاعين الخاص والعام، الذي من شأنه أن يعود بالفائدة للجميع.

ودعا المشاركون إلى اتخاذ التدابير الملائمة لإنقاذ كوكب الأرض، موضحين أن هناك دواعي للتفاؤل، تتمثل في المفاوضات والخبرات والتجارب المتبادلة، لكنها ليست كافية فيما يخص مكافحة التصحر والتأقلم مع تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي.

وتحدث البرازيلي أنطونيو روشا مالغايس مستشار تسيير الدراسات الاستراتيجية ورئيس اللجنة العلمية والتكنولوجية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، عن الاتفاقيات الثلاث الموقعة في ريو دي جانيرو المتعلقة بتغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي ومحاربة التصحر، مشيرا إلى أنها اتفاقيات مترابطة وتخص المجال نفسه والمشكلات عند الحديث عن المنظومات البيئية.

وقال مالغايس إن حسن إدارة الأراضي ومكافحة اجتثاث الأشجار والتصدي للتصحر أدى إلى ردود فعل متشابهة، موضحا أن هناك مشكلة أخرى تواجه تحقيق التنمية تخص الأراضي الجافة التي تمثل 40 في المائة من أراضي الكوكب، مضيفا أن ثلث سكان العالم يوجدون في هذه المناطق ومعظمهم في أفريقيا. ودعا مالغايس العالم إلى إيجاد حلول للأراضي الجافة، وقال: «إن حل مشكلة الأراضي الجافة سيمكننا من حل معظم المشكلات، لأن نصف أعداد الفقراء يعيشون في هذه المناطق»، مشددا على ضرورة إشراك البنك الدولي والبنوك الإقليمية والمؤسسات المعنية، للحد من مساحات الأراضي الجافة وجلب الاستثمارات. وعدت شيخة المسكري الجيوفيزيائية ورئيسة مجلس إدارة المسكري القابضة في الإمارات العربية المتحدة، أن الأمن الطاقي والأمن الغذائي يساهمان في الزيادة من حدة التغير المناخي؛ سواء في البلدان المتقدمة أو المتخلفة، داعية إلى الاستثمار في الفلاحة وصناعة المنتجات الفلاحية وتشجيع المقاولات الصغرى والمنتجين الصغار، عبر دعمهم ماليا من طرف المصارف.

وقالت فاتو سوسار المستشارة الخاصة للتنمية المستدامة في مركز ساوث في جنيف (مالي)، إن السلاح الغذائي أقوى وأسوأ من السلاح النووي، مشيرة إلى الصراعات والمشكلات التي عانتها دولتها من استنزاف الثروات الطبيعية. وتساءلت سوسار عن مساهمة السياسات الحكومية في الحد من تفاقم آثار التغير المناخي ومدى وعيها بالنتائج التي تخلفها على السكان، ودعت إلى التفكير في كيفية تموقع أفريقيا في تطور العالم برمته، موضحة أن أفريقيا عاشت العبودية، واليوم تعرف استنزاف مواردها الطبيعية، وإذا ربما سيتم إفراغها من سكانها.

وعزت سوسار مشكلة سوء التغذية إلى تدبير الموارد الأساسية وكيفية تأمين الغذاء، وليس إلى غياب هذه الموارد.