مؤتمر الحوار اليمني يناقش التقرير النهائي لـ«قضية الجنوب»

15 أكتوبر موعدا للاستفتاء على الدستور اليمني وقيادي في حزب صالح يحذر من «طبخة»

TT

بدأ مؤتمر الحوار الوطني الشامل في جلسته العامة باليمن، أمس، مناقشة التقرير النهائي الخاص بالقضية الجنوبية، في وقت أعلن فيه عن موعد للاستفتاء على الدستور الجديد، وهو 15 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، على الرغم من أن مسودة الدستور نفسه لم يتم الكشف عنها حتى الآن، وهو الأمر الذي حدا بقيادي في المؤتمر الشعبي (حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح) لإطلاق تحذير من وجود ما سماه بـ«طبخة» دستورية، وفي هذا الوقت الذي تشهد فيه محافظة تعز حالة انفلات أمني غير مسبوقة.

وعرض فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني باليمن تقريره النهائي للفترة الأولى أمام المؤتمر، وتضمن التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أبعادا سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وحقوقية أدت إلى ظهور الاحتجاجات في الجنوب خلال الأعوام الماضية. وخلص التقرير إلى أن «الممارسات العبثية والخاطئة التي وقعت خلال الفترة الماضية منذ قيام الوحدة والفتاوى التكفيرية خلقت قناعة كاملة عند عدد كبير من الجنوبيين بتقويض الوحدة السلمية، وأن مكانتهم في إطار دولة الوحدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعسكريا وأمنيا قد دمرت، وضربت في مقتل»، إضافة إلى أن «واقع الحرب والممارسات الخاطئة والإقصاءات قد حفزت وجذرت المشاعر الرافضة للواقع السائد وصولا إلى انطلاق الحراك الشعبي الجنوبي السلمي بكل مكوناته في السابع من يوليو (تموز) 2007، كحركة شعبية نضالية سلمية شاملة وحامل للقضية الجنوبية، بعد أن أجهضت الوحدة السلمية ومشروعها النهضوي القائم على التكامل والشراكة في صياغة المستقبل الأفضل بآفاقه الرحبة الواسعة، خاصة أنه لم يتم معالجة آثار حرب صيف 1994 على مختلف الأصعدة الحياتية السياسية والمعيشية والخدمية».

وتطرق التقرير إلى جملة من القضايا المهمة والحساسة التي أدت إلى ظهور النزعات الانفصالية لدى اليمنيين الجنوبيين في ظل النظام السابق، ومنها تسريح مئات الآلاف من الموظفين والعمال والكوادر والقادة العسكريين وإحالتهم إلى التقاعد، إضافة إلى خصخصة مؤسسات القطاع العام، ومنح النافذين المقربين من النظام عقود تشغيل النفط والموانئ والغاز المسال في باطن أراضي المحافظات الجنوبية، إضافة إلى «حالة الإقصاء والتهميش والتخوين والتكفير التي أدارت الصراع بين اليمنيين، وكان أساسها الصراع السلطوي متخذة الاختلاف الآيديولوجي والفكري مبررا, سواء من بعد قيام النظام الجمهوري في الشطرين أو بعد قيام الوحدة، مما أحدث شرخا كبيرا في المجتمع اليمني.

من جهة ثانية، حددت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في اليمن 15 أكتوبر (تشرين الأول) موعدا لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد الذي سيتمخض عن مؤتمر الحوار الوطني، دون الإعلان عن ملامح الدستور المقبل بعد سقوط النظام السابق. ويعلق ياسر اليماني، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح على الإعلان بالتساؤل عن محتوى مشروع الدستور، ولمَ لم يُحَل إلى مجلس النواب (البرلمان). وأضاف اليماني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تفاجأنا جميعا بالموعد الذي قرره الإخوة في اللجنة العليا للانتخابات، وخلال تلك الفترة الزمنية القصيرة، ولذلك نأمل من كل القوى السياسية إطلاع الشعب على الدستور وبشفافية بعيدا عن الطبخات في الغرف المغلقة، فالدستور معني به كل أفراد الشعب اليمني قبل القوى السياسية، ونأمل أن لا نكرر خطأ الإخوان المسلمين في مصر، عندما فرضوا مواد في الدستور، والشعب غير راغب بها، وبالتالي استمرت الفوضى والخلافات حتى يومنا هذا في مصر، لذلك نتمنى على كل القوى السياسية المعنية بتعديل الدستور إعلانه للشعب».

من جهة ثانية، يتواصل مسلسل الانفلات الأمني في محافظة تعز بجنوب صنعاء وكبرى المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، التي كانت الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وقال شهود عيان في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إن ضابطا قتل وجرح جنديان في اشتباكات عنيفة في منطقة «وادي القاضي»، وأدت هذه الاشتباكات إلى مقتل طالبة في الثانوية العامة أثناء أدائها لامتحان آخر العام، وذلك بعد عدة أيام على محاولة اغتيال قائد المنطقة العسكرية في المنطقة اللواء راجح لبوزة في إحدى النقاط الأمنية في المدينة.

وعلى الرغم من أن تعز تعد العاصمة الثقافية لليمن، فإن الأوضاع الأمنية تدهورت فيها بصورة غير مسبوقة، حيث تشهد المدينة اشتباكات متواصلة بين قوات عسكرية ومجاميع مسلحة من الخارجة على القانون، بحسب تعبير السلطات، وباتت محافظة تعز إحدى المحافظات غير الآمنة بسبب الانفلات الأمني وانتشار المسلحين الخطرين، وتقع تعز في قلب اليمن وترتبط بمحافظات العاصمة صنعاء، وعدن العاصمة الاقتصادية، ومحافظة لحج، ومحافظة الحديدة؛ الميناء المهم على البحر الأحمر وملاصقة لمحافظة إب أو «اللواء الأخضر»، كما تسمى.