ضحايا الفيضانات في الهند يصلون إلى الألف والمفقودون بالآلاف

دمرت الطرق والجسور وأعمدة الكهرباء وشبكات الاتصال.. والتضاريس أعاقت عمليات الإغاثة

فيضانات وانهيارات صخرية في شمال الهند أدت إلى وفاة ألف شخص (نيويورك تايمز)
TT

أسفرت فيضانات وانهيارات صخرية في شمال الهند عن وفاة ألف شخص على الأقل في ولاية أوتارا خاند خلال الأسبوع الماضي بحسب تصريح مسؤول يوم أول من أمس. ولا يزال هناك ألف شخص مفقود مما يرشح عدد الوفيات إلى الزيادة. وأكد رئيس وزراء ولاية أوتارا خاند، فيجاي باهوغونا، آخر رقم خلال اجتماع مع صحافيين. وصرح وزير الداخلية، سوشيل كومار شيندي، لوسائل الإعلام الهندية يوم السبت بأن عدد المفقودين يقدر بأربعين ألفا واصفا الفيضانات بـ«الأزمة القومية». وكان أكثر المفقودين في رحلة حج مقدسة تعرف باسم تشار دهام ياترا، والتي يقوم الهندوس خلالها بزيارة أربعة مزارات مقدسة في أوتارا خاند في الفترة بين مايو (أيار) ونوفمبر (تشرين الثاني). للمساعدة في جهود الإنقاذ بين الوديان الجبلية الضيقة على ارتفاع 11 ألف قدم فوق مستوى سطح البحر، تمت الاستعانة بأفراد الجيش الهندي. يوم السبت انحسرت الأنهار والروافد المائية التي تجري في الولاية، لكن بعد ما دمرت الفيضانات الطرق والجسور وأعمدة الكهرباء وشبكات الاتصال.

وتم استخدام أكثر من 40 مروحية لإنقاذ الحجاج في المناطق الجبلية النائية بحسب مسؤولين هنود، لكن التضاريس أعاقت العمليات. وسقطت إحدى طائرات الإنقاذ يوم الجمعة وهي تحاول إخلاء الحجاج العالقين في قرية بالقرب من كيدارناث في ولاية أوتارا خاند. وأصيب الطيار ونقل إلى المستشفى بحسب تصريح مسؤولين في الشرطة لوكالة أنباء «بريس تراست أوف إنديا». وتحاول العائلات في جميع أنحاء الهند بجنون معرفة مصير ذويهم المفقودين. وقال ناريش كوكريتي رجل دين يبلغ من العمر 34 عاما في معبد كيدارناث: «أربعة من أصدقائي رجال الدين مفقودون. ولا نعرف ما إذا كانوا أحياء أم أمواتا؟». ويعد هذا المعبد واحدا من أهم الأماكن المقدسة بالنسبة للهندوس.

وقال كوكريتي أول من أمس إنه بعد صلاة المساء يوم الأحد الماضي كان يتملكه شعور بعدم الارتياح. وأوضح قائلا: «لقد ظلت تمطر لمدة يومين. وكان يداخلني شعور غريب بأن شيئا رهيبا على وشك الحدوث». أوى كوكريتي بعد الصلاة إلى مهجعه المتواضع. وقال: «فجأة سمعت ضوضاء تصم الآذان وشعرت بشيء أشبه بالهزة الأرضية».

لجأ كوكريتي ونحو 800 حاج إلى المعبد الحجري الذي بني في القرن الثامن ويقع على ارتفاع 11,759 من مستوى سطح البحر ومخصص للإله شيفا، إله الدمار عند الهندوس. ويروي في مكالمة هاتفية بعد عودته إلى قريته مسقط رأسه تاليا غرام في منطقة رودرابرايغا بولاية أوتارا خاندا: «في غضون دقائق كان يطاردنا نهر من الماء الأسود والأحجار الضخمة باتجاه المعبد».

صمد المعبد أمام هذه الهجوم لكن عندما انحسرت المياه بعد الصلاة في ليلة باردة، وجد كوكريتي نفسه يقف وسط أكوام من جثث الحجاج. وأضاف: «كل مكان أنظر إليه كنت أجد موتى من النساء والرجال والأطفال». وتهدمت أكثر المباني التي تحيط بالمعبد وغرقت بلدة كيدارناث التي شيدت حول المعبد. بعد المعاناة من البرد والجوع والحزن لمدة ثلاثة أيام داخل المعبد، تسلق كوكريتي ونحو 400 حاج بضعة أميال نحو مهبط طوارئ وأنقذتهم المروحيات بنقلهم إلى معسكر إغاثة. وابتكرت شركة «غوغل» تطبيقا للعثور على الأشخاص لمنطقة أوتارا خاند ووضعت حكومة الولاية لوحا للرسائل على موقعها يمكن لمن لديهم أقارب من المفقودين أن يدونوا عليها أسماءهم وأرقام هواتفهم وعناوينهم وصورا لذويهم المفقودين. في رسالة على هذا اللوح كتب راجنيش القلق والذي لم يدون اسمه بالكامل أنه يبحث عن شقيقه وزوجة شقيقه وطفليهما المفقودين هوني وموني. وتأهبت مراكز في الهيمالايا للتعامل مع الكارثة. وخلال العقدين الماضيين تنامى الشعور الديني في الهند مع زيادة النمو الاقتصادي وازداد عدد الحجاج الذين يزورون الأماكن المقدسة. بحسب الإحصاءات الرسمية، زار 30 مليون سائح أوتارا خاند خلال عام 2010، في حين كان العدد 10 ملايين فقط عام 2001. وقال أشيش كوثاري، عالم بيئة هندي ومؤلف مشارك لكتاب «Churning the Earth: The Making of Global India.» «تغيير الأرض: جعل الهند عالمية»: «إنها منطقة هشة بيئيا والهيمالايا عبارة عن جبال غير مرتفعة، لكن توجد عشوائية في البناء لخدمة العدد المتزايد للسياح والحجاج». وأضاف: «توجد كل أشكال مشروعات توليد الكهرباء من المياه في هذه المناطق. وأي شيء يحدث باسم تقدير الطبيعة». ويسابق عمال الإنقاذ الزمن فقد توقعت هيئة الأرصاد الهندية تساقط المزيد من الأمطار في شمال الهند بداية من يوم الاثنين. وتم إجلاء نحو 73 ألف شخص بحسب مسؤولين هنود.

وصرح باهوغونا، خلال مقابلة مع إحدى المحطات التلفزيونية، بأن عملية إجلاء كل الحجاج والعثور على المفقودين قد تستغرق نحو أسبوعين. وقال كوكريتي إن كثيرين كانوا مفزوعين إلى الحد الذي دفعهم للجوء إلى الغابات إنقاذا لحياتهم. وأوضح قائلا: «أخشى عدم إمكانية وصول المروحيات إلى الوديان الضيقة أو الغابات. قد يموتون من الجوع قبل أن يصلوا إليهم».

* شارك كل من هاري كومار ومالافيكا فياواهار في إعداد التقرير

* «نيويورك تايمز»