الجيش المصري يمهل السياسيين أسبوعا لحل الأزمة السياسية

الإخوان: نقبل التعاطي معها.. وجبهة الإنقاذ تدعو لاجتماع طارئ

الفريق أول السيسي
TT

في تطور من شأنه إعادة ترتيب أوراق اللعبة السياسية في مصر، دعا الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة القوى السياسية للتوصل إلى حل للأزمة السياسية في البلاد قبل المظاهرات التي دعت لها المعارضة نهاية الشهر الحالي للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورد قيادي إخواني بارز على دعوة السيسي بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة تقبل التعاطي مع الدعوة إيجابيا «مع ما قد يكون فيها من حرج لمؤسسة الرئاسة»، بينما دعت جبهة الإنقاذ المعارضة قياداتها لاجتماع طارئ أحيط بالسرية لمناقشة دعوة السيسي.

وقال الفريق أول السيسي إن مسؤولية الجيش الوطنية تجاه الشعب تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق البلاد في «نفق مظلم». وحسم السيسي موقف القوات المسلحة من تطورات المشهد السياسي قائلا إن «القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في معترك السياسة إلا أن مسؤوليتها الوطنية والتاريخية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع والاقتتال الداخلي أو التخوين أو التجريم أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة».

وحذر السيسي من مخاطر الانقسام الذي تشهده الساحة السياسية، بعد أيام من مظاهرة حاشدة دعت لها جماعة الإخوان المسلمين لتأييد الرئيس محمد مرسي. وقال السيسي: «لا بد من التوافق بين الجميع، ويخطئ من يعتقد أن هذه الحالة في صالح المجتمع، ولكنها تضر به وتهدد الأمن القومي المصري».

ونأت المؤسسة العسكرية بنفسها عن الانخراط في الصراعات السياسية منذ تولي السيسي منصبه في أغسطس (آب) من العام الماضي. وقال أمام حشد من ضباطه أمس: «يخطئ من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية، ولن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه».

وأدارت القوات المسلحة شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011، وحتى تولي الرئيس مرسي السلطة في 30 يونيو (حزيران) من العام الماضي. ومن شأن هذه التصريحات أن تعيد الجيش بقوة مجددا إلى الساحة السياسية. وأضاف السيسي: «إرادة الشعب المصري هي التي تحكمنا (أي تحكم الجيش) ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حمايتها ولا يمكن أن نسمح بالتعدي على إرادة الشعب».

وتابع السيسي قائلا: «ليس من المروءة أن نصمت أمام ترويع أو تخويف أهلنا المصريين، والموت أشرف لنا من أن يُمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه»، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى تهديدات أطلقتها قوى سياسية إسلامية الجمعة الماضي، للحيلولة دون مشاركة أعداد كبيرة في مظاهرات 30 يونيو المناوئة للرئيس. وحذر السيسي مما وصفه بـ«الإساءة المتكررة» التي يتعرض لها الجيش وقياداته ورموزه، في إشارة على ما يبدو إلى تصريحات أطلقتها قيادات من التيار الإسلامي ضد الجيش.

وقال السيسي إن هذه إساءة موجهة لـ«الوطنية المصرية»، مشددا على أن الشعب المصري بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه. وأضاف: «لن تقف القوات المسلحة صامتة بعد الآن أمام أي إساءة قادمة قد توجه للجيش، وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري».

وأنهى السيسي حديثه قائلا إن «القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتواصل ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا أسبوع يمكن أن يتحقق فيه الكثير».

وفي أول تعليق لجماعة الإخوان المسلمين على تصريحات السيسي، قال الدكتور محمود غزلان عضو مكتب إرشاد الجماعة لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم ما قد تسببه هذه الدعوة من حرج لمؤسسة الرئاسة، باعتبار أن الخطوة تعد تدخلا للجيش في الشأن السياسي، إلا أن الجماعة ليس لديها مانع في التعاطي إيجابيا مع الدعوة».

وتابع غزلان: «كان يمكن للمعارضة أن تجنب البلاد هذا الحرج إذا ما تجاوبت مع دعواتنا المتكررة للمصالحة الوطنية، وهي الدعوة التي وجهتها الرئاسة أيضا»، مشيرا إلى أن أنصار جماعة الإخوان وحلفاءها أظهروا رقيا خلال مظاهرة الجمعة الماضي لتأييد شرعية الرئيس، ولم تتورط في أعمال البلطجة، لافتا إلى أن الإخوان هم من تمسكوا بقواعد الديمقراطية وليس الآخرون.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة داخل جبهة الإنقاذ أن قيادات الجبهة دعت لاجتماع عاجل، وربما في جلسة غير معلن عنها، لبحث دعوة السيسي. لكن قيادات بارزة في الجبهة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن قبول دعوة الحوار الوطني لا بد وأن يسبقها قرار واضح من الرئيس مرسي بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة لتحقيق المصالحة الوطنية وبحث ملفات إدارة المرحلة المقبلة.