ثوار تلكلخ ينتقدون الائتلاف السوري غداة تحذيره من مجزرة في المدينة

المعارضة أطلقت معركتها بهدف قطع طريق إمدادات النظام إلى حمص

TT

انتقدت الهيئة الثورية في تلكلخ السورية المحاذية للحدود اللبنانية، أمس، الائتلاف الوطني السوري، وهيئة الأركان في الجيش السوري الحر، بموازاة أنباء عن سيطرة الجيش النظامي على أجزاء واسعة منها خلال هجوم شنه قبل يومين، تخللته اشتباكات عنيفة بين الجيشين.

واتهم ثوار تلكلخ، أمس، المعارضة السورية بالتخاذل. وفي بيان أصدرته الهيئة الثورية في المدينة، نشر على صفحتها على «فيس بوك»، قالت إن الثوار طلبوا السلاح والذخيرة وإغاثة الجرحى، لكن الائتلاف لم يستجب، وسأل الثوار: «أين أموال الائتلاف؟ أين حق مدينة تلكلخ؟» وإذ اتهم البيان الائتلاف بالتآمر والتخاذل، طالب هيئة الأركان بالسلاح والذخيرة والمقاتلين، وختم البيان بالقول: «تلكلخ لم تسقط، بل المتخاذلون وتجار الحروب».

وجاء هذا البيان، ردا على بيان للائتلاف، أعلن فيه أن القوات الحكومية «تنفذ، بدعم من ميليشيات حزب الله، حملة على مدينة تلكلخ بريف حمص، حيث تتعرض المدينة لعمليات قصف عنيفة في ظل اشتباكات دافع خلالها الجيش الحر عن المدينة ببسالة».

وحذر الائتلاف، في بيان وصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، من «وقوع أعمال تنكيل وتصفية وحصار وتجويع تطال المدنيين في المنطقة، مع تخوف من ارتكاب مجزرة جديدة تضاف إلى سلسلة مجازر النظام في سياق محاولاته اليائسة لقمع ثورة الحرية».

وتواصلت الاشتباكات بين الجيشين السوري والنظامي أمس، في تلكلخ، لليوم الثالث على التوالي. أفاد ناشطون عن مواصلة الجيش النظامي حملته العسكرية على تلكلخ بريف حمص، مستخدما المدفعية وراجمات الصواريخ، بموازاة حصار المدينة. وأفادت الهيئة العامة للثورة السورية بمحاولة القوات النظامية اقتحام المدينة من الجهة الشمالية، وهي المدينة التي تتقاسم قوات النظام والمعارضة السيطرة عليها.

وأوضح مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» أن المعركة «تتواصل منذ يوم الجمعة الماضي، حيث تحاول القوات النظامية استعادتها بعدما تقدمت قوات المعارضة فيها وسيطرت على أحياء منها». وأشارت المصادر إلى أن «50 مقاتلا من المعارضة، تقدموا من قلعة الحصن في ريف حمص، باتجاه تلكلخ التي يسيطر النظام السوري على أحياء واسعة منها، يوم الجمعة، بهدف السيطرة عليها وقطع طريق حمص - طرطوس الدولي الذي تستخدمه القوات النظامية لنقل عتاد عسكري من البحر إلى حمص ودمشق».

وقالت المصادر إن الجيش النظامي «حاول اقتحامها ثلاث مرات خلال ثلاثة أيام وفشل»، مشيرة إلى سقوط «25 قتيلا مدنيا جراء القصف المتواصل عليها، فيما سقط من الثوار 5 قتلى».

وشهدت تلكلخ، منذ انطلاق الأزمة السورية، معارك ضارية بين الجيشين الحر والنظامي، أسفرت عن دماء قسم كبير من منازلها، ونزوح المئات من المدينة إلى قرى وادي خالد المحاذية لهم في شمال لبنان. وخسر النظام السوري السيطرة عليها نحو 10 مرات، قبل أن يستعيدها في كل مرة، بهدف تأمين الطريق الساحلي بين حمص وطرطوس كونها تصل بين المدينتين عبر طريق سريع. كما تعتبر تلكلخ معبرا للسلاح والمسلحين من معابر غير شرعية في خراج قرى لبنانية مثل العبودية والدبابية والعريضة التي يفصلها عن الأراضي السورية مجرى النهر الكبير. ولطالما أكدت مصادر المعارضة أن هذه المنطقة تخضع لرقابة قاسية من قبل قوات الأمن والجيش السوريين، بحيث يستحيل إدخال جريح من الأراضي السورية عبرها إلى الأراضي اللبنانية.

في المقابل، ذكر التلفزيون السوري أن وحدة من القوات النظامية ألقت القبض على «أعداد من الإرهابيين وقضت على آخرين خلال تفتيشها قرية الباروجة والمزارع المحيطة بريف تلكلخ».

وأعلنت السلطات السورية «تسوية أوضاع 39 شخصا ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين في منطقة تلكلخ بحمص بعد أن سلموا أنفسهم وأسلحتهم للجهات المختصة».

وتأتي عملية اقتحام تلكلخ عقب سيطرة القوات النظامية على القصير وريفها التي دفعت بالقوات النظامية لإجراء تعديل في هيكلتها العسكرية في المنطقة. وقالت مصادر سورية معارضة في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إن القوات النظامية التي تسيطر على شمال تلكلخ عبر القرى العلوية التي تحدها، «شككت، بعد معركة القصير، في ولاء بعض الوحدات القتالية بالجيش، فدفعت خلال اليومين الماضيين بتعزيزات من عناصر النخبة في الجيش السوري، بينها جنود من الفرقة الرابعة التي يترأسها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد». وأضافت: «عززت القوات النظامية جنودها بجنود ومرابض مدفعية تستخدم لقصف المدينة، وتسبق الهجوم بقصف تمهيدي ليلا». وتأتي هذه التطورات، غداة إعلان سكان شمال لبنان مشاهدتهم صاروخا يعتقد أنه بعيد المدى، أطلقته القوات النظامية من قاعدة في طرطوس باتجاه الداخل السوري.

وذكرت «الوطنية للإعلام» أن سكان سهل وشفت في عكار اللبنانية، شاهدوا دخان صاروخ أطلق من الساحل السوري باتجاه الداخل السوري، عابرا الجزء الشمالي من منطقة عكار. وأوضحت مصادر ميدانية من شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الصاروخ، «هو الثالث خلال ثلاثة أشهر، يطلق من قاعدة عسكرية في طرطوس باتجاه الداخل السوري، ويشاهده اللبنانيون»، مشيرة إلى أن الصاروخ «أطلق من قاعدة تقع في قرية (الهيشة) على الساحل السوري، وسقط في حمص»، معربة عن اعتقادها أنه «صاروخ بعيد المدى».

ولفتت المصادر إلى أن سكان عكار «شاهدوا في منتصف ليل (أمس الأول) كتلة نارية ضخمة، عبرت فوق منطقة وادي خالد، حيث تتداخل الحدود اللبنانية - السورية، وسقطت في حمص، لأن مسار الصاروخ لم ينعطف جنوبا باتجاه دمشق أو شمالا باتجاه حلب».

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت سقوط 131 صاروخ أرض - أرض بعيد المدى في مختلف المحافظات السورية خلال العام الحالي، وذلك أثناء قصف قوات نظام الرئيس بشار الأسد للمناطق الخاضعة للمعارضة، مما تسبب في مقتل 257 مدنيا وجرح نحو ألف آخرين.